حسن جوهر يعتبر عودة المحمد رئيسا للوزراء إستمرارا للمشاكل التي واجهت الحكومات الست الماضية؟!

زاوية الكتاب

كتب 1133 مشاهدات 0


مخامط على الرئيس!
د. حسن عبدالله جوهر

 من الطبيعي أن تواكب تشكيل الحكومة الجديدة حالة التجاذب الشديد التي تشهدها الساحة السياسية لأسباب عدة، وفي مقدمتها الخلاف العميق حول شخصية رئيس مجلس الوزراء بين من يطالب بتغيير الشيخ ناصر المحمد الصباح، ومن يصر على بقائه وإعادة تكليفه، وقد أخذ الموضوع بعداً سياسياً وإعلامياً وشعبياً غير مسبوق، منها التوقيع على عريضة شعبية حاشدة بعشرات الآلاف من الأسماء من عامة أبناء الشعب إضافة إلى قوى سياسية واتحادات طلابية ونقابات عمالية ومؤسسات المجتمع المدني، وفي المقابل هناك تحرك مضاد يقوده بعض أعضاء مجلس الأمة لتجديد الثقة بسمو الرئيس، والدفع بإعادة تكليفه وتبرير مثل هذا الموقف باعتباره اختصاصا دستوريا أصيلا لصاحب السمو أمير البلاد.
ومع التأكيد التام على البعد الدستوري في اختيار رئيس الحكومة ووضع هذا القرار بيد سمو الأمير فإن ما يحاول البعض ترويجه، بأن إبداء الرأي في مثل هذا القرار المهم تطاول على الدستور، وتعدٍّ على اختصاصات صاحب السمو، ما هو إلا تبرير لغطاء سياسي بغية تسجيل موقف في إطار الخلاف القائم حالياً، وتعبير صريح عن الاصطفاف السياسي شبه الثابت على مدى السنوات الثلاث الماضية.
فالدستور الكويتي يؤكد قيام صاحب السمو الأمير بإجراء المشاورات السياسية والالتقاء برؤساء مجالس الأمة والجماعات السياسية قبل تكليف رئيس الحكومة، وإن لم تكن مثل هذه اللقاءات ملزمة لسموه، ولهذا فلا توجد موانع دستورية أو قانونية لإبداء وجهات النظر سواء بالسلب أو بالإيجاب تجاه المرشح لمنصب رئيس الوزراء، وإلا لكان المطالبون باستمرار الشيخ ناصر المحمد على رئاسة الحكومة أنفسهم قد تطاولوا على الدستور وعلى صلاحيات مسند الإمارة أيضاً؛ انطلاقاً من ذات المعايير والشعارات التي يطلقونها.
ومع ذلك فإن حق التمسك برئيس الوزراء المستقيل مكفول لهم من باب الرأي وإبداء النصح، تماماً مثل حق الطرف الآخر المطالب بالتغيير أياً كانت الأسباب والمبررات، خصوصاً أن الوزارات الست الأخيرة وخلال خمس سنوات بدأت بنفس النهج، واستمرت بذات المشاكل في الإدارة ومواجهة المجلس لها، وانتهت تماماً كسابقاتها الواحدة تلو الأخرى بالاستقالة، ناهيك عن التعديلات الوزارية التي شهدتها بعض تلك الحكومات، مما يعني أن متوسط عمر كل حكومة لم يتجاوز ثمانية شهور!!
ولذلك، وبناء على السوابق الماضية، فمن المرجح جداً أن تستمر المشاكل التي واجهت الحكومات الست الماضية في حالة عودة رئيس الوزراء، وهذه حقيقة موضوعية وإن اتهم خصوم الشيخ ناصر المحمد بالمؤزمين أو الشخصانيين أو أصحاب الأجندات الخاصة أو غير ذلك من الاتهامات.
كما أن التجارب السابقة تؤكد أنه حتى في حالة دخول سمو الرئيس في تحالفات مع كتل برلمانية لضمان الأغلبية النيابية، فإن مثل هذا التكتيك المؤقت لا يعتبر مطمئناً ولا مأمون العاقبة، إذ إن المواقف سوف تتبدل والقضايا المدرجة على جدول أعمال المجلس محل خلاف كبير، ومضامين الاستجوابات الحالية منها أو القادمة سوف تكون للكثير من النواب، وخاصة مع العد التنازلي لموعد الانتخابات القادمة!
وعموماً فإن الحراك السياسي اليوم، وعلى ضوء ما تشهده الساحة العربية من مشهد تاريخي ومنعطف، سوف يرسم معالم المستقبل لشعوب المنطقة ومنظوماتها السياسية، وإن التفاعل الشعبي الكويتي مع أهم القضايا وأكثرها حساسية؛ مثل طريقة اختيار رئيس مجلس الوزراء، وفي إطار الرأي والرأي الآخر، ومن منطلقات دستورية وبطرق سلمية وصريحة، يجب أن يسجل للديمقراطية الكويتية وليس العكس، فالنظام القادر على استيعاب المد السياسي الشعبي واحتوائه، وإن ارتفع سقف مطالبه هو النموذج الذي يمكن أن يكتب له الاستقرار والنجاح والاستمرار!

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك