إيران و السياسة الخارجية الكويتية

عربي و دولي

4369 مشاهدات 0


يقول المثل الفارسي 'قل كلمتك بليونة،والتزم بها بقوة'. وعندما يتحدث وزير الخارجية د. محمد صباح السالم الصباح فإنك تحفظ صوته أكثر مما تحفظ  الكلمات المثقلة بالمعاني السياسية التي فيها. وبعد تكشف قضية شبكة التجسس الإيرانية التي أدخلت العلاقات الكويتيةالإيرانية في نفق أزمة،حيث اعترف الجواسيس بأنهم كانوا مجندين للاستخبارات الإيرانية،ويتقاضون مبالغ مالية منذ 2001م، توقعت ان يخرج أبو صباح من بشته الدبلوماسي والأكاديمي، ليؤنب صانع القرار التجسسي الوقح على الكويت كما فعل مع  نائب صدام عزت الدوري في مؤتمر القمة الإسلامي الطارئ في الدوحة .

لقد كان وزير الخارجية يملك  الكثير من مبررات الانفجار والغضب فبعد الله سبحانه وتعالي تأتي مهمة حفظ أمن الكويت من باب علاقاتها الدولية في رقبته، وأي تهاون من قبله في هذا الشأن هو جسر لإطماع الكثيرين فينا .

وقد لايلقى المثل الفارسي المذكور أعلاه هوى  بمن يتملكه تطرف الانفعال و فقدان التوازن الإدراكي مرددا مع البيت الشعبي ' الطيب ما حطه الطيب سبيلن  له ....قد قيل من لا يعيل اتجيه عياله' ، لكن الشيخ محمد كان وفيا لأهداف السـياسة الخارجـية الكويتية، وحسنا فعل لتبقى سياسة معتدلة،متوازنة، وآخذة بالانفتاح والتواصل بالصداقة والسلام من خلال المحور السياسي والأمني والاقتصادي والتنموي بما يشتمله من إقرار للسلم والالتزام بالشرعية الدولية والتعاون الإقليمي والدولي لرفع مستوى معيشة البشر.

لقد قام الشيخ محمد الصباح بأقصى ما تسمح به البيئة الأمنية سيئة الجيرة المحيطة بنا، وكانت الإجراءات:

1. تأنيب صانع القرار التجسسي الأخرق وتذكيره بسؤ حساباته حيث لم يبدر من الكويت إلا كل الخير تجاه إيران،ولم تعمل يوما على الإساءة إلى العلاقات مع إيران، بل رفضت ان تكون قاعدة غربية لضرب طهران، فكيف يكون  الجزاء زرع الحرس الثوري لخلايا تستهداف الأمن الكويتي.
2. استدعاء سفيرنا في طهران للتشاور.
3. استدعاء القائم بالأعمال الإيراني وإبلاغه احتجاج الكويت ورفضها  لهذا النشاط المعادي.  
4. طرد الكويت ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين وردت أسماؤهم في حيثيات الحكم في قضية شبكة التجسس الإيرانية، ولهروبهم سيطرد ثلاثة من العاملين حاليا بالكويت.

إن العمل بالمثل الفارسي 'قل كلمتك بليونة،والتزم بها بقوة' خير من انفعال البيت الشعبي،لكن شطر المثل الفارسي يتطلب  :

1. التزام بو صباح بكلماته التي نجح فيها،ولعل خير مؤشر على ذلك وفد الاعتذار الإيراني رفيع المستوى الذي  سيصل إلى الكويت ويضم مبعوثا رئاسيا للقاء القيادة السياسية لتوضيح ملابسات القضية مع تأكيد دعم الموقف الكويتي.
2. الالتزام بقوة بموقفنا الرافض للتسويغ المائع  بأن 'ما جرى هو مؤامرة لزرع الخلاف بين الدولتين' .
3. الدعوة بحزم لتقوم  جمهورية إيران الإسلامية بتكبيل صبية الحرس الثوري للحد من جرائمهم وتجاوزاتهم العابرة للسلطات التقليدية في طهران،حيث لا يعدوا ان يكونوا رجال صغار استبدوا بالسلطة لأن أحد لم يسلط عليهم الضوء.
4. الحرص على ان لا تخرب قضية الشبكة التجسسية العلاقات مع إيران التي لا ننكر ان للقوى العاملة الإيرانية بمختلف مستوياتها دور في عملية التنمية في كل الخليج، كما لا يخلو مجتمع خليجي من امتدادات فارسية في نسيجه الاجتماعي .
5. إظهار موقف خليجي موحد في اجتماع المجلس الوزاري في الرياض  حيال التدخل الإيراني في شؤون دول المجلس بصورته الأخيرة، كتأجيج الأوضاع في البحرين، والشبكة التجسسية في الكويت،وتهديد لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي الإيراني للسعودية بعدم اللعب بالنار.

و لوشئنا أن نختزل ما سبق وصولا إلى نهاية الكلام، لقلنا ان النزعة التي لا يمكن التنبؤ بها تغلب على السياسة الخارجية للكثير من الدول التي أمتص فيها صانع القرار السياسي  وبشكل مبالغ فيه خصائص الغضبة المضرية، والإحساس الحاد بالكرامة والعصبية العربية والحساسية تجاه الإهانات الساذجة ، وهو ما لا يجب ان  يكون نهجا  للدكتور محمد الصباح وهو يدير السياسة الخارجية الكويتية  بصوت العقل الذي اشتهر به.

د. ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك