معاناة خاصة لعائلة الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهودلي
محليات وبرلمانالإبنة عائشة وحيدة.. الأب في سجن 'عوفر' والأم بسجن 'تلموند'
يوليو 12, 2007, منتصف الليل 1284 مشاهدات 0
..'من يعوض هذه الطفلة عما فقدته، باتت في الثالثة من عمرها ولم تجتمع مع والديها إلا لأيام قليلة، فما أن يخرج أبوها من السجن حتى تدخل أمها.. والآن الأب والأم معا في السجن وعائشة خارجه'.
بهذه الكلمات لخصت الحاجة أم وليد -70عاما- معاناة حفيدتها الطفلة عائشة بعد أن اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي والدها الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهودلي (47 عاماً) لينضم إلى زوجته عطاف عليان الأسيرة منذ نحو عامين ونصف تقريبا.
فهي منذ لحظة اعتقال والدها لا تكف عن القول 'حسبوا بابا'، وتقصد القول 'حبسوا بابا'، وكم تثير الحزن عندما تقول لعمتها نعيمة 'هم فكروا بابا هو ماما فحسبوه –حبسوه-'، تضيف الجدة.
معاناة عائشة ولدت معها، فقد اعتقل الجيش الإسرائيلي والدتها عطاف وهي في شهرها السادس، وكانت أول طفلة في العالم تدخل السجن دون أي ذنب وطواعية وعمرها لم يتجاوز عاما واحدا فقط، عندما قرر والديها أن تنضم إلى أمها في سجنها، فدخلته طوعا، لكن قانون السجون لا يسمح ببقاء الطفل مع أمه إذا تجاوز العامين، وبالفعل قبل نحو عام خرجت لتعيش مع والدها لأقل من عام أيضا، حتى تركها وانضم قسرا لزوجته عطاف.
ففي الوقت الذي كانت فيه عائشة عائدة من زيارتها لوالدتها القابعة إداريا في سجن 'تلموند'، اتصلت المخابرات العسكرية الإسرائيلية بوالدها، وطلبت منه التواجد لديهم بسرعة في معتقل 'عوفر' للتحقيق معه.. وصلت عائشة إلى بيتها برام الله، دون أن تجده ينتظرها كعادته ليطمئن على سلامتها وسلامة والدتها الذي أكل السجن والمعاناة من عمرها أكثر من 12 سنة، هي مثلها الفترة التي قضاها هو في السجون الإسرائيلية.. لكنه ذهب ولم يعد لتكتمل حلقات معاناتها وتعود تسأل عن بابا الذي غاب.
حياة مأساوية
تحدثنا إلى العمة نعيمة التي أخذت على عاتقها الاعتناء بابنة أخيها عائشة، كان صوتها يدل على حالها، حيث تقول: 'أخي وليد حياته مأساة، فقد اعتقل مع الانتفاضة الأولى سنة 1990 على خلفيّة فعاليات مقاومة للاحتلال، وحكم عليه في محكمة عسكريّة بالسجن الفعلي 12 سنة؛ ليطلق سراحه عام 2002، وبسبب ذلك حرم من أبنائه زوجته، وفشلت محاولاته لزيارتهم في الأردن، وعندما رزق بعائشة بعد زواجه بعطاف، كانت حقاً هي هدية السماء له، حيث استطاعت أن تعوضه قليلاً عن حرمانه من أبنائه'.
وتضيف بصوت مغلف بالدموع: 'كان يأخذها معه في كل مشاويره، لذا كانت متعلقة به إلى أبعد حد، وهذا بسبب غياب أمها عنها، فكان هو لها الأب والأم'.
يذكر أن عائشة لم تكن الابنة الوحيدة لوليد، بل هناك أربعة أبناء آخرين ولكنهم يقطنون مع أمهم في الأردن منذ اعتقاله الأول عام 1990، حيث أنه ممنوع من زيارتهم، وممنوعون هم أيضا من دخول الضفة الغربية لزيارته بسبب رفض الاحتلال منحهم التصاريح اللازم لذلك.
من جهته أعرب يحيى عليان –شقيق عطاف- عن بالغ حزنه وأسفه إزاء الحالة التي أصبحت تعيشها ابنة أخته عائشة بعد اعتقال أبيها مؤخراً، مؤكداً أنه لم يتسن لأحد من العائلة زيارة 'عطاف' بمن فيهم أمها، حيث اقتصر الأمر فقط على زيارة طفلتها عائشة التي لم تتجاوز المرتين.
ويضيف وقد تحشرج صوته: 'لا أستطيع أن أصف شعوري كلما تذكرت ما قالته لي عائشة بعد زيارتها لأمها، عندما قالت :أديش بكون خايفة يا خالو أنه اليهود ياخدوني زي ما أخدوا ماما'.
ويوجه رسالة إلى المجتمع الدولي، قائلا: 'إذا كنتم لا تريدون النظر من ناحية إنسانية إلى كل هؤلاء الأسرى والأسيرات، فلتنظروا إلى أطفالهم الذين يعني لهم غياب آبائهم وأمهاتهم عنهم حزناً موجعاً لا يحتمله الكبار'.
تجربة قاسية
وتعود أصول الهودلي لقرية العباسية قضاء يافا قبل أن تهاجر عائلته منها أسوة ببقية أبناء الشعب الفلسطيني عام 1948. ولد سنة 1960 في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين المجاور لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وأنهى المرحلتين الدراسيتين الابتدائية والإعدادية في مدارسه؛ والثانويّة في رام الله، قبل أن يتخرج من معهد المعلمين في ذات المدينة ويعمل في حقل التدريس أربع سنوات.
وعندما كان على أبواب الثلاثين من عمره، اعتقل ليقضي زهرة شبابه في السجن، ويخرج عام 2002، وقد فقد أسرته التي أبعدت إلى الأردن. لكنه لم يهن أو يستكين ويتخذ قرارا بالزواج من إنسانة لم تكن اقل منه تضحية، وهي الأسيرة المحررة عطاف عليان قبل أن تعود إلى المعتقل بعد زواجهما بفترة قصيرة وما زالت هناك حتى اليوم.
ويقبع الهودلي الآن في سجن عوفر العسكري، وقد يمتد مكوثه في هذا السجن أو غيره، وقد خبر السجن ولم يفت من عضده، بحيث استطاع أن يشق من ظلمة السجن والسجان إرادة ووعيا يقل نظيره، ليخرج من 'مدفن الأحياء' بثلاث روايات وسبع مجموعات قصصية، وليواصل طريقه الكتابي والتربوي والدعوي ليؤلف هنا ويكتب هناك، لا سيما في جريدة 'فلسطين' التي تصدر في غزة والذي كان يواظب في الكتابة على صفحاتها منذ تأسيسها من خلال عمود يومي يعالج فيه كثير من القضايا المهمة في مجتمعنا وغيره.
كما أن والدة عائشة الأسيرة عطاف عليان سبق وأن تم اعتقالها لمدة عشرة أعوام، ثم اعتقلت لمدة سبعة شهور لاتهامها بأن لها نشاطاً في حركة الجهاد الإسلامي، ومن ثم لثمانية شهور أخرى. وفي المرة الأخيرة وتحديدا في عام 2005 اعتقلت وحولت إلى الاعتقال الإداري المتجدد منذ عامين دون أمل بالإفراج القريب عنها.
بهذه الكلمات لخصت الحاجة أم وليد -70عاما- معاناة حفيدتها الطفلة عائشة بعد أن اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي والدها الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهودلي (47 عاماً) لينضم إلى زوجته عطاف عليان الأسيرة منذ نحو عامين ونصف تقريبا.
فهي منذ لحظة اعتقال والدها لا تكف عن القول 'حسبوا بابا'، وتقصد القول 'حبسوا بابا'، وكم تثير الحزن عندما تقول لعمتها نعيمة 'هم فكروا بابا هو ماما فحسبوه –حبسوه-'، تضيف الجدة.
معاناة عائشة ولدت معها، فقد اعتقل الجيش الإسرائيلي والدتها عطاف وهي في شهرها السادس، وكانت أول طفلة في العالم تدخل السجن دون أي ذنب وطواعية وعمرها لم يتجاوز عاما واحدا فقط، عندما قرر والديها أن تنضم إلى أمها في سجنها، فدخلته طوعا، لكن قانون السجون لا يسمح ببقاء الطفل مع أمه إذا تجاوز العامين، وبالفعل قبل نحو عام خرجت لتعيش مع والدها لأقل من عام أيضا، حتى تركها وانضم قسرا لزوجته عطاف.
ففي الوقت الذي كانت فيه عائشة عائدة من زيارتها لوالدتها القابعة إداريا في سجن 'تلموند'، اتصلت المخابرات العسكرية الإسرائيلية بوالدها، وطلبت منه التواجد لديهم بسرعة في معتقل 'عوفر' للتحقيق معه.. وصلت عائشة إلى بيتها برام الله، دون أن تجده ينتظرها كعادته ليطمئن على سلامتها وسلامة والدتها الذي أكل السجن والمعاناة من عمرها أكثر من 12 سنة، هي مثلها الفترة التي قضاها هو في السجون الإسرائيلية.. لكنه ذهب ولم يعد لتكتمل حلقات معاناتها وتعود تسأل عن بابا الذي غاب.
حياة مأساوية
تحدثنا إلى العمة نعيمة التي أخذت على عاتقها الاعتناء بابنة أخيها عائشة، كان صوتها يدل على حالها، حيث تقول: 'أخي وليد حياته مأساة، فقد اعتقل مع الانتفاضة الأولى سنة 1990 على خلفيّة فعاليات مقاومة للاحتلال، وحكم عليه في محكمة عسكريّة بالسجن الفعلي 12 سنة؛ ليطلق سراحه عام 2002، وبسبب ذلك حرم من أبنائه زوجته، وفشلت محاولاته لزيارتهم في الأردن، وعندما رزق بعائشة بعد زواجه بعطاف، كانت حقاً هي هدية السماء له، حيث استطاعت أن تعوضه قليلاً عن حرمانه من أبنائه'.
وتضيف بصوت مغلف بالدموع: 'كان يأخذها معه في كل مشاويره، لذا كانت متعلقة به إلى أبعد حد، وهذا بسبب غياب أمها عنها، فكان هو لها الأب والأم'.
يذكر أن عائشة لم تكن الابنة الوحيدة لوليد، بل هناك أربعة أبناء آخرين ولكنهم يقطنون مع أمهم في الأردن منذ اعتقاله الأول عام 1990، حيث أنه ممنوع من زيارتهم، وممنوعون هم أيضا من دخول الضفة الغربية لزيارته بسبب رفض الاحتلال منحهم التصاريح اللازم لذلك.
من جهته أعرب يحيى عليان –شقيق عطاف- عن بالغ حزنه وأسفه إزاء الحالة التي أصبحت تعيشها ابنة أخته عائشة بعد اعتقال أبيها مؤخراً، مؤكداً أنه لم يتسن لأحد من العائلة زيارة 'عطاف' بمن فيهم أمها، حيث اقتصر الأمر فقط على زيارة طفلتها عائشة التي لم تتجاوز المرتين.
ويضيف وقد تحشرج صوته: 'لا أستطيع أن أصف شعوري كلما تذكرت ما قالته لي عائشة بعد زيارتها لأمها، عندما قالت :أديش بكون خايفة يا خالو أنه اليهود ياخدوني زي ما أخدوا ماما'.
ويوجه رسالة إلى المجتمع الدولي، قائلا: 'إذا كنتم لا تريدون النظر من ناحية إنسانية إلى كل هؤلاء الأسرى والأسيرات، فلتنظروا إلى أطفالهم الذين يعني لهم غياب آبائهم وأمهاتهم عنهم حزناً موجعاً لا يحتمله الكبار'.
تجربة قاسية
وتعود أصول الهودلي لقرية العباسية قضاء يافا قبل أن تهاجر عائلته منها أسوة ببقية أبناء الشعب الفلسطيني عام 1948. ولد سنة 1960 في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين المجاور لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وأنهى المرحلتين الدراسيتين الابتدائية والإعدادية في مدارسه؛ والثانويّة في رام الله، قبل أن يتخرج من معهد المعلمين في ذات المدينة ويعمل في حقل التدريس أربع سنوات.
وعندما كان على أبواب الثلاثين من عمره، اعتقل ليقضي زهرة شبابه في السجن، ويخرج عام 2002، وقد فقد أسرته التي أبعدت إلى الأردن. لكنه لم يهن أو يستكين ويتخذ قرارا بالزواج من إنسانة لم تكن اقل منه تضحية، وهي الأسيرة المحررة عطاف عليان قبل أن تعود إلى المعتقل بعد زواجهما بفترة قصيرة وما زالت هناك حتى اليوم.
ويقبع الهودلي الآن في سجن عوفر العسكري، وقد يمتد مكوثه في هذا السجن أو غيره، وقد خبر السجن ولم يفت من عضده، بحيث استطاع أن يشق من ظلمة السجن والسجان إرادة ووعيا يقل نظيره، ليخرج من 'مدفن الأحياء' بثلاث روايات وسبع مجموعات قصصية، وليواصل طريقه الكتابي والتربوي والدعوي ليؤلف هنا ويكتب هناك، لا سيما في جريدة 'فلسطين' التي تصدر في غزة والذي كان يواظب في الكتابة على صفحاتها منذ تأسيسها من خلال عمود يومي يعالج فيه كثير من القضايا المهمة في مجتمعنا وغيره.
كما أن والدة عائشة الأسيرة عطاف عليان سبق وأن تم اعتقالها لمدة عشرة أعوام، ثم اعتقلت لمدة سبعة شهور لاتهامها بأن لها نشاطاً في حركة الجهاد الإسلامي، ومن ثم لثمانية شهور أخرى. وفي المرة الأخيرة وتحديدا في عام 2005 اعتقلت وحولت إلى الاعتقال الإداري المتجدد منذ عامين دون أمل بالإفراج القريب عنها.
نابلس- الآن: سامر خويرة
تعليقات