عبدالهادي الجميل يروي تفاصيل معايشته للعاصفة الترابية: ليست الأولى، فنحن نعيش بعواصف مستمرة منذ 5 سنوات ؟!
زاوية الكتابكتب مارس 27, 2011, 12:02 ص 2324 مشاهدات 0
ضحك كالبكا
ليست أول عاصفة!
كتب عبدالهادي الجميل
ذهبتُ وبعض الأصدقاء، قبل يومين، في نزهة برّية إلى منطقة الصبيّة للتمتع بالأجواء الربيعية. كنت أقود سيارتي وبجانبي أحد الأصدقاء، في حين كان بقية أعضاء الرحلة في السيارة الأخرى. ما أن تركنا الجهراء وراءنا، حتى ضرب صديقي جبهته بيده وقال” نسسسيت دواء معدتي”. خشيت أن يطلب مني العودة إلى منزله لجلب الدواء، فقلت له: “لن يمرض أحد في هذا الجو الجميل، وستشفى حالما ترى الزهور البريّة والطيور المغرّدة والأرانب الوديعة والغزلان الجميلة والجداول العذبة”. نظر إليّ مستنكرا وأراد التعليق، فقررت قمعه دينيا وقلت: “مستكثرها على الله؟ لا تكفر؛ رب كلمة تهوي بصاحبها 70 خريفا في النار”. قال” ونعم بالله”. تجشأ بقوة ثم ابتسم، فأنزلتُ زجاج النافذة وأنا أردد “صحّة صحّة، غدى شرّك انشالله”. ارتفعت روحه المعنوية فأشعل سيجارة. وأكملنا طريقنا نحو الشمال.
عندما لاح في الأفق مسجد الشيخة فتوح، دوّى صوت قوي داخل السيارة، فاختلّ المقود لا شعوريا في يدي، فصرخت بزميلي” تمسّك تمسّك بنشر التاير”. أوقفت السيارة، ونزلنا نستطلع الأمر، فوجدنا الإطارات سليمة، فسألني عن سبب اعتقادي بحدوث البنشر، فقلت: “ما سمعت صوت الانفجار؟”، قال: “يابن الحلال مب انفجار، هذا صوت تجشؤي، ما تشوفني أبي دواء المعدة لأنه يخفف من هالحالة”!!
استكملنا طريقنا بعد أن اتفقت معه على أن يقوم بالتصفيق مرتين متتاليتين لتنبيهي قبل أن يتجشأ مرة أخرى كيلا يحدث مالا يحمد عقباه.
لم ينقطع صديقي عن التصفيق طوال المشوار المتبقي حتى وصلنا عند الساعة الرابعة إلى المكان المنشود. تجولنا قليلا في البر، وعند الساعة الخامسة كنا منهمكين في تهيئة مكان جلوسنا وشب النار لإعداد القهوة، عندما أظلمت السماء فجأة، وظهرت علينا من الشمال جبال هائلة من الغبار الكثيف، تتجه نحونا بسرعة شديدة، قفزنا الى سياراتنا وانطلقنا بأقصى سرعة باتجاه الطريق الذي وجدناه مكتظا بعشرات السيارات الهاربة. كان زميلي يصرخ “حط رجلك، خلنا نسبق العاصفة”، طلبت منه أن يتجشأ عليها لتبديدها أو أن يصمت.
ماهي الا دقائق حتى أصبحنا في عين العاصفة، فاضطررنا للتوقف إلى جانب الطريق، ووقفت وراءنا سيارة تضم عائلة صغيرة. أمضينا في مكاننا الضيّق المحكم الاغلاق ساعتين تقريبا، كنت أزجي الوقت خلالها في استنشاق دخان سجائر زميلي الشره، واحتساب عدد تجشؤاته وتصنيف قوتها حسب معيار “ديسيبل “لقياس شدّة الصوت.
عند الـجشأة الـ20؛ غادرت السيارة متجها نحو سيارة العائلة التي خلفنا، لأعطيهم ما تطوله يدي في سيارتي؛ مياة شرب، فاكهة، كرتون بطاط، شماغ، أي شيء تقع عليه يدي، المهم أن أخرج لأتنفس رملا نقيا أقل ضررا مما أتنفسه داخل سيارتي التي كانت لا تقل تلوثا عن مفاعل فوكوشيما الياباني.
شكرني رب العائلة كثيرا، ثم قال لي: ما وجه الشبه بين صفارات الانذار فجر الغزو العراقي، وبين إدارة الأرصاد الجوية اليوم؟!!
أجبته بأن الأرصاد الجويّة لم تجد حاجة لتحذيرنا من هذه العاصفة، وذلك لأننا نعيش في عواصف مستمرة منذ خمس سنوات تقريبا.
تعليقات