نحن باختصار أمام أزمة ثقة بين السنة والشيعة لا أزمة طائفة.. هذا مايراه سعد العجمي
زاوية الكتابكتب مارس 23, 2011, 2:56 ص 2272 مشاهدات 0
سنّة وشيعة الكويت... أزمة ثقة
سعد العجمي
ترى كم يشكل المتطرفون الشيعة في صفوف هذه الطائفة؟ وكم يشكل نظراؤهم السنة في طائفتهم؟ أجزم أنهم القلة القليلة، لكنني أقسم أنهم مؤثرون وهم من يختطفون قرار الطائفتين؛ ليس في الكويت فقط بل في جميع دول العالم الإسلامي.
لا يهمني الصراع السنّي الشيعي في أصقاع الأرض- حاولت أن أكتب «الخلاف» بدلا من «الصراع»، لكن واقعنا يقول إننا تجاوزنا الخلاف إلى مرحلة الصراع- بقدر ما يهمني ويخيفني في الوقت نفسه تأثيراته الواضحة والجلية في الكويت التي كانت لعقود طويلة نموذجا عربيا استثنائيا للحصانة من وباء الطائفية، لكن ذلك أصبح اليوم حديث ذكريات وتغنياً بالماضي الجميل.
الحكومات القوية والناجحة في أي بلد هي تلك التي تزرع روح المواطنة بين فئات شعبها، وتسعى إلى تحقيق مبدأ العدالة بين مكوناته، لكنني بكل أسف ومرارة أقول إن حكوماتنا الأخيرة فعلت العكس تماماً، فهي التي ساهمت أو على الأقل، صمتت تجاه ممارسات شق الوحدة الوطنية بوجهيها الاجتماعي والطائفي من أجل توازنات البقاء السياسي لأطول فترة ممكنة!
فبعد أن فقدنا الأمل نهائياً في قدرة الحكومة على إعادة اللحمة الوطنية بات لزاماً علينا توجيه الخطاب والرسائل إلى الشعب لا الحكومة، ولعل تسليط الضوء في هذا المقال إلى إخواني وأبناء وطني الشيعة هو بمنزلة إيضاح بعض الحقائق التي قد تنفعنا جميعاً بتوجهاتنا المختلفة.
لا يمكن القبول إطلاقاً بأن يشكك سنّيٌ مهما كان في وطنيتكم وولائكم لهذا الوطن ولهذه الأرض، ولا نرضى بأي حال من الأحوال المساس برموزكم الدينية حتى إن تجرأت قلة منكم، ندرك أنها لا تمثلكم، على ذلك، ونطلب صفحكم إن حدث العكس أيضاً، لكن هناك جملة من الشواهد يجب أن تدركوها أنتم قبل غيركم.
في الجانب الديني لنا ولكم، فإنه ليس من مصلحتكم مقارنة السعودية بإيران عند اتخاذ موقف سياسي ما، واعذروا أي مواطن كويتي سنّي متدين كان أو غير ذلك بالانحياز إلى السعودية إذا ما كان النقيض هو إيران، فما قدمه البلدان للكويت لا يمكن أن يخضع للغة المقارنة لعظم الفارق، نعم في إطار الجانب الديني نقدر الارتباط العقائدي لكم بإيران، وهذا حقكم مثلما هو حق الآخرين الارتباط عقائدياً بالسعودية، ولكن في إطار الدولة هذا أمر مرفوض منكم ومن غيركم.
تاريخياً واجتماعياً واستراتيجياً وعسكرياً وإيديولوجياً أيضاً لا يمكن مقارنة إيران بالسعودية بالنسبة إلى الكويت والكويتيين، ولعلني أسال سؤالاً بسيطاً لإيصال الفكرة، لو أن مواطناً كويتياً شيعياً تعرض لأي مشكلة في دولة ما لا يوجد للكويت فيها سفارة، فهل سيذهب إلى السفارة السعودية أم إلى سفارة خليجية في تلك الدولة، أم سيذهب إلى السفارة الإيرانية؟
إخواني وأبناء وطني من الشيعة، لا يوجد عاقل يطلب منكم اتخاذ مواقف عدائية تجاه إيران، ولا يمكن لمنصف أن يصادر حقكم في علاقة خصوصية مع الجمهورية الإيرانية، وقبل ذلك وبعده نحن أول من يرفض التشكيك في وطنيتكم ولا يخالجنا شك للحظة في ذلك، في المقابل عليكم الخروج من عباءة مَن يروّج أنه ممثلكم الوحيد في الكويت، وأن قراركم بيده، والجميع يعلم أنه لا يعادل جناح بعوضة أمام شخصيات شيعية يسري حب الكويت في عروقها مثلما يسري في عروقكم جميعاً.
نعم، نحن كسنّة نتحمل جزءاً كبيراً من لعبة الاستقطاب العفنة التي يقودها متطرفونا ومتطرفوكم، بل دعوني أزيدكم من قصيدة الألم بيتا، لو صرخت أغلبيتكم بأعلى صوتها، وقالت نحن نكفر بإيران التي تطالب بإطلاق سراح المعتقلين في البحرين وهي من يقبع في سجونها آلاف الشيعة، ونحن نكفر بإيران التي ترفض تدخل دول الخليج في الشأن البحريني، وهي التي تمزق أوصال لبنان بسلاح «حزب الله»، لخرج كل متطرفينا وقالوا: إنكم تمارسون التقية! إذن نحن باختصار أمام أزمة ثقة لا أزمة طائفة.
تعليقات