ماذا انت فاعلة يا حكومتنا الرشيدة؟ وماذا انتم فاعلون يا رشداء الكويت؟ أليس منكم من يوقف هذا العبث؟ هذه الأسئلة وأسئلة أخرى تطرحها منى العياف بهذه الأوقات العصيبة
زاوية الكتابكتب مارس 23, 2011, 2:47 ص 1912 مشاهدات 0
من يوقف هذا العبث؟!
منى العياف
انتهبوا أيها السادة.. انتهبوا بحق.. فنحن نمر بأوقات عصيبة.. وظروف تستدعي تحكيم العقل والمنطق.. والتصرف المسؤول والمحسوب، اما الاندفاع وتسجيل المواقف، فلا مجال له في هذه الأوقات!
نحن لا نتكلم عن استجواب وزير، ولا عن تغيير حكومة، او خلافات في وجهات النظر حول التعديلات الدستورية، وإنما نتكلم عن وطن وعن دول خليجية، صحيح انها تجتمع تحت راية مجلس التعاون الخليجي، لكنه في النهاية «اطار» للتعاون، لأن كل دولة لها سيادتها ونظامها السياسي، ولها خصوصيتها ومكوناتها الثقافية والتراثية.. الخ.
وعلينا ونحن نتحدث عن احتجاج مذهبي هنا أو قرار سيادي هناك ان نراعي دوما هذه الخصوصية في نظام كل دولة، وبتجرد شديد وبمسؤولية أشد، أدعوكم جميعا إلى «حالة حوار»، حتى لو اختلفتم معي لأن القضية كما قلت قضية وطن، فلقد كان غريبا ان يحدث ـ كما رأينا ـ هذا الانقسام الحاد في المواقف النيابية حول تداعيات ارسال قوات درع الجزيرة الى مملكة البحرين، كان غريبا ان يتعامل النواب مع احتجاج ديني له طابع خاص باستخفاف وربما بتهور على النحو الذي شاهدناه من اصطفاف نيابي سني حول آراء وأفكار، واصطفاف شيعي حول آراء وأفكار مضادة، والحق ان ما رأيناه من فيديوهات وصور مختلفة حول مجريات هذا الصراع، يعكس حالة احتقان شديدة بين المتظاهرين وحكومة مملكة البحرين، لكن هذا ان دعا إلى شيء فإنما يدعو إلى الحوار العقلاني الهادئ.
والحقيقة ايضا ان البحرين ليست وحدها التي تحتاج إلى مثل هذا الحوار، ولكن نحن هنا في الكويت الذين ينبغي ان نتجه فورا إلى هذا الحوار، بدلا من هذا الانقسام الحاد الذي ألهب المواقف النيابية حتى بدا اننا على شفا الحرب، فالحاصل ان الأزمة في البحرين بدأت تنتقل الى الكويت من خلال تصريحات النواب (السنّة والشيعة) وقد تنتقل الى المملكة العربية السعودية، وهذا في ظل اوضاع محبطة مملوءة بالفتن والمؤامرات وقد أشرت إلى جانب منها، فضلا عن هذا الوجود الشديد للقاعدة وطالبان في المنطقة، ولذا كان مثيرا للاهتمام تصريح النائب وليد الطبطبائي المعروف بتعاطفه مع جماعة طالبان، ان يشير على الكويت والدول الخليجية بان تنضوي تحت لواء واحد وتكون القيادة فيه للمملكة العربية السعودية، قالها الرجل متجاهلا الجميع، فمن الذي قال له ان الكويتيين يريدون هذا الاندماج؟ ومن قال له ان الكويت تقبل بإلغاء سيادتها؟ ومن قال له ان السعودية يمكن ان تكون مرحبة بالنظام السياسي والبرلماني الكويتي؟ ثم من الذي سمح لك، وأنت المحسوب على القاعدة وطالبان، وبينهما وبين النظام السعودي ما صنع الحداد بان تدلي بمثل هذا التصريح؟ أنت يا الطبطبائي تمثل من بالضبط لتقول هذا الكلام، ولماذا تسيء لعلاقاتنا مع دولة شقيقة عزيزة جدا على قلوبنا بمثل هذا التصريح؟ هل هو الخوف من ايران بعد تهديدات نجاد، ام انها حالة التناغم في المواقف بين المتعاطفين مع طالبان والقاعدة وحزب الله الإيراني على اثارة القلاقل في المنطقة العربية وخصوصا في السعودية؟!
الغريب ان النواب السنّة صمتوا شهرا كاملا منذ اندلاع الأحداث في البحرين، ولم ينطقوا بحرف إلا الآن، فهل المسألة تأتي في اطار الرد على الإخوة الشيعة، الذين ندرك انهم متعاطفون مع مطالب الشيعة في البحرين؟ مع إني اعتب عليهم كثيرا، لأن الأمور لا تؤخذ بهذا الاندفاع والسؤال هو هل اعتصام 19 مارس للنواب السنّة، يرد على اعتصام الشيعة في 17 مارس؟ وما دخل رئيس الوزراء بالتهديد باستجوابه على خلفية ارسال قوات كويتية في اطار درع الجزيرة على البحرين، هذا قرار سيادي لصاحب السمو ولا دخل فيه لرئيس الوزراء، فما المقصود بالضبط؟
وفي الاطار نفسه يأتي تقديم أسئلة من هذا الطرف وذاك على وزير الخارجية الكويتي، حين يسأل المسلم الشيخ د.محمد الصباح عما اذا كانت حكومة البحرين قد احتجت لدى الكويت على قيام محمود حيدر بدعم المعارضة البحرينية الشيعية، وما أشكال هذا الدعم؟ وهو اتهام للمواطن (محمود حيدر) يأتي في اطار اتهامه الدائم بميله للتعاون مع ايران، وهو كلام مرسل حتى الآن ولا دليل يثبت صحته.
أما النائب صالح عاشور فإنه قدّم سؤالا لوزير الخارجية عما اذا كان هناك تجار كويتيون يدعمون القاعدة ماديا، وان هناك اتصالات مباشرة فيما بينهم للقيام بالأعمال الارهابية في بعض الدول وخصوصا العراق؟!
هل غاب صوت العقل والحكمة، بحيث نسمع ونقرأ ان بعض النواب الذين ساهموا في ترسيخ استقرار الحكومة في الفترة الماضية وفي اطار ما يجري من أحداث يوجهون سيلا من الاتهامات والأسئلة البرلمانية والاستجوابات؟
ما معنى هذا كله؟ وما الذي يراد ان يحدث لنا في ظل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة، هل نؤجج النار حتى تطولنا نحن ايضا، ام اننا نعمل بوعي او دون وعي على ان تمتد الحرائق لدول أخرى.
الآن.. أصبح كل شيء عالمكشوف، فنحن امام أفكار اما تنتقص من السيادة او تسيء لدول شقيقة وخاصة السعودية، وهناك من يسيء لشخصيات كويتية ويتهم بعضها اما بالتعاون مع ايران او الاصطفاف مع القاعدة وطالبان، وما النتيجة؟ هل المراد اضعاف الكويت؟ هل المطلوب تكسير منظومة مجلس التعاون الخليجي؟ هل هناك رغبة في ان ينتقل الصراع من البحرين إلى الكويت، ثم الى المملكة؟ وإذا كان ذلك صحيحا، أفلا نربأ بنوابنا شيعة وسنّة عن ان ينزلقوا في هذه المنزلقات الخطيرة، ماذا انت فاعلة يا حكومتنا الرشيدة؟ وماذا انتم فاعلون يا رشداء الكويت؟ أليس منكم من يوقف هذا العبث؟ أليس في النخبة الصامتة من يتصدى لنفر من نوابنا الذين يأخذوننا الى المجهول؟ من يوقف هذا العبث؟!
.. والعبرة لمن يتعظ.
تعليقات