مطالبا بدعم المسار التوافقي في البحرين، والابتعاد عن التشدد الذي يقود إلى الخراب برأي غانم النجار

زاوية الكتاب

كتب 1470 مشاهدات 0


البحرين إلى أين؟
د. غانم النجار

تتسارع الأحداث عربياً بصورة غريبة لا يمكن متابعتها، فلربما نحن غير قادرين على هضم التغيرات إلا بالترتيب وبالدور.
ولعله بات واضحاً أن البلدان العربية التي تعثرت فيها الحراكات الشعبية عن إحداث التغيير هي بلدان تعاني انقسامات وانتماءات داخلية على أسس قبلية أو طائفية. وهي كما يبدو الوسيلة التي تستخدمها الأنظمة بشكل أساسي، والمتشددون الذين يريدون الاستفادة من تداعيات تلك الحراكات على الجانبين، ومن ثم دخول الصراع الإقليمي على الخط وتعقيد إمكانية إحداث تقدم داخلي على خطى المساواة والعدالة وسيادة القانون.
ربما كانت البحرين أحد أبرز الأمثلة على ذلك؛ فالحراك الشعبي السلمي والمطالب المشروعة المعلنة لإصلاح النظام كانت تتقدم باتساق ووتيرة جيدة، فيما بدا تجاوباً من الحكومة للتحاور أملاً في الخروج من المأزق، الذي لم يعد غريباً في وسط الحراك الشعبي العارم.
اتضح في ما بعد أن هناك أكثر من اتجاه داخل مؤسسة الحكم، أحدها متشدد غير راغب في الحوار، وآخر معتدل يرى في الحوار سبيلاً أساسياً. كذلك كان هناك من المتظاهرين من لم يستوعب أن المأزق الطائفي سيكون سلاح المتشددين وأنه هو المدخل لإعاقة ولإفشال التحرك الإصلاحي، فارتفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام نهائياً. ولم يطل بنا الوقت حتى تصاعدت القضية إقليمياً ودخلت قوات من «درع الجزيرة» وارتفعت وتيرة الشحن الإيراني. وانعكس ذلك على الصعيد السياسي المحلي، فأصبح مَن يؤيد المتظاهرين ليس إلا عميلاً إيرانياً أو مؤيداً لإيران، وبالمقابل فإن من يرى عكس ذلك إنما هو مع النظام والاحتلال.
بالطبع ما يحدث من انحراف طائفي لمطالب مشروعة هو نتيجة تراكمات من التمييز واستلاب الرأي واستشراء الفساد وتردي الأوضاع المعيشية، ونقل المطالب إلى الملعب الطائفي لم يكن إلا حرفاً للمسيرة الإصلاحية عن طريقها.
هناك انتهاكات كانت من قِبَل الأمن وثّقتها بدقة منظمات دولية مشهود لها، غير معنية بالاحتقان الطائفي، وبالتالي فإن المدخل للخروج من المأزق يبدأ بإيقاف الانتهاكات والإفراج عن المعتقلين بدون تأخير والبدء بعملية حوار جدية مرتبطة بجدول زمني ضمن رؤية واضحة نحو استتباب الأمن المبني على العدالة والمساواة وسيادة القانون وحرية التعبير للجميع والمشاركة في اتخاذ القرار.
أما هنا في الكويت فالفزعة أو النصرة كانت طائفية مؤسفة لن تخدم أحداً، بل هي بمثابة صب الزيت على النار، ولا أظن أن الذين يفزعون من الطرفين قادرون على إقناع أحد بأن طرفَي النزاع الإقليميين في هذه الحالة هما السويد أو النرويج، وأن سجلاتهما في حقوق الإنسان هي سجلات مشرقة.
المطلوب منا في الكويت تحديداً أن نبذل ما نستطيع لدعم المسار التوافقي في البحرين، وألا ننساق وراء التطرف والتشدد الذي لن يقودنا إلا إلى الخراب.

الآن - الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك