قبل أن تفجع بخبر يجعلك منكس الرأس طول حياتك.. عبدالعزيز الفضلي ينصح كل أب بعدم التخلي عن تربية ابنته وتوجيهها

زاوية الكتاب

كتب 2049 مشاهدات 0


قبل أن تفقدوا بناتكم

كان العرب في الجاهلية إذا رزق أحدهم بالبنت أصبح بين خيارين كلاهما مر ــ بحسب عاداتهم الجاهلية ــ فهو بين التخلص منها بالدفن خوفاً من العار وبين إبقائها عنده مع الكراهية، وهو ما أشار إليه القرآن في قول الله تعالى «وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون».
وظل العرب على هذه الحال حتى جاء الإسلام وأكرم البنت وأوصى برعايتها وحمايتها والتلطف بها، بل وجعل ذلك من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار كما في قول النبي عليه الصلاة والسلام «من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له ستراً من النار». وفي رواية قال «من ابتلي من هذه البنات بشيء...». فاعتبر عليه الصلاة والسلام أن البنات صورة من الصور التي يبتلى بها الآباء، فضعف البنت وحاجتها لمن يرعاها ويحسن إليها ويترفق بها من الأمور التي تستوجب الصبر.
واليوم نحن نرى صورة جديدة من صور وأد البنات، وهي على النقيض من حال العرب في الجاهلية، فبعض الآباء اليوم قتل ابنته، ليس بالدفن وإنما بتخليه عن تربيتها وتوجيهها، وتركها تحت مسمى الثقة والحرية ومواكبة العصر فتسهر متى شاءت وأين شاءت ومع من شاءت، دون حسيب أو رقيب، وتأتي الطامة الكبرى عند تركها لتسافر دون أن يكون معها أي محرم، في مخالفة صريحة لتوجيهات النبي عليه الصلاة والسلام والذي حرم سفر المرأة دون محرم.
إن القلب ليعتصر ألماً وهو يتابع القضايا التي تنشرها وسائل الإعلام عن تغيب الفتيات، وتعرضهن للاعتداءات بمختلف صورها، وسماع قصص محاولات الانتحار بين البنات بسبب فقدهن لأعز ما يملكنه بعد أن وقعن في شباك بعض الذئاب البشرية، وهو أمر تتجرع مرارته العائلة المنكوبة بأسرها، وعندها يتساءل الآباء في ذهول كيف حدث هذا؟ ونقول له ما قاله الشاعر:
أتبكى على لبنى وأنت قتلتها
لقد ذهبت لبنى فماذا أنت فاعل
أيها الآباء ليقولوا عنك رجعي، متخلف، متحجر، ليقولوا عنك ما شاؤوا، وليطلقوا عليك من الألقاب ما أرادوا، فكل ذلك أهون من أن تفجع بخبر يجعلك منكس الرأس طول حياتك، ثم تذكر أنك مسئول أمام الله تعالى «فالرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته».
يوم القيامة سيأتي الآباء على فئتين الأولى ستقودها بناتها اللائي أحسن تربيتهن ورعايتهن إلى الجنة، والأخرى ستتعلق برقبته وتقول لربها هذا الذي ضيعني، يقول عليه الصلاة والسلام «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة». اللهم احفظ أولادنا وبناتنا من كل سوء وقهم شر الأشرار وكيد الفجار. اللهم آمين.


عبدالعزيز صباح الفضلي

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك