'دكتاتور' يخاطب الشيخ عبدالله السالم 'أبو الدستور'، وهو جالس على قبره ؟!، يكتب عنه حسن عباس ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2273 مشاهدات 0


 
د. حسن عبدالله عباس / كلّه منّك يا عبدالله
 
 
جلس باكياً ناحباً على حظه التعيس، يقلّب كفّيه حيران لا يعرف ما يصنع. فهل يُعقل بعد هذا العمر الطويل في الحكم يكون مصيره بهذا الشكل! كأنها لحظات مرت، كأنها لم تكن عقوداً من الزمن في سدة الحكم بل ثوان معدودات. جلس حزيناً مهموماً موجهاً كلامه للقبر:
«كله منك يا عبدالله. أنت السبب. كنا بخير.
كانت الدنيا بأيدينا ملكناها عشرات الأعوام، فالأرض وما حوت، والسماء وما غطّت، كل شيء كان ملكا مطلقا لنا. لا يساور أحد من اولئك النعاج شك في ذلك، فنحن نملك وهم عبيد رقاق يسترزقون فضلات طعامنا وشرابنا.
كنا إذا أردنا تطويع شعبنا لشيء أمرناهم من دون أن نقبل بأن يتردد أحدهم ولو بمقدار طرفة عين! فهم لا يملكون سوى السمع والطاعة. كنا نحرم عليهم ما نحلله على أنفسنا، ونستشكل عليهم ما نستبيحه لأنفسنا. سياستنا سهلة ومفهومة في مقتضى الطاعة، فمرة نُمني نفوسهم بالدينار والدرهم، فنجعلهم أخسة أذلة يمسحون ويلحسون تراب أقدامنا، وإن ظننا أو بالرؤيا حتى أنهم استمرأوا العزة ورفعة الرأس أذقناهم مُر العذاب وحر السيف والنار.
كنا إذا اشتهينا امرأة اغتصبناها رغما عن أنف غيرة أهلها، وإن رغبنا في أرض سلبناها ونضع المواثيق والوعود والقوانين تحت أقدامنا، وإن شحت أنفسنا على دينار التقمناه من فم رضيعهم من دون خوف ولا حياء. هذا حالنا يا شيخ مع رعيتنا، فماذا فعلت أنت ورعيتك بنا!
ظللنا أعواماً طويلة نخوفهم من الخارج ليعرفوا أن الخوف في كل مكان وفي كل شي. ظللنا نكرر عليهم بأن الهلال الشيعي يريد أن يقضي على دينكم، ونحن كنا سراً نربي «القاعدة» التي قضت على دينهم! وقلنا لهم التفوا حول القومية العربية فهي حصنكم ومنجاكم، والقومية العربية هي الخائنة التي فرطت في فلسطين «العربية»، وقلنا لهم حبوا دينكم وكونوا تقاة ورعاة له، وكنا في الليل نعاقر الخمر ونؤانس جلوس العاهرات والسكرة. قلنا لهم ثقوا بأمرائكم فنحن حماة دينكم ودنياكم، وكنا ومن خلف ظهورهم نوقع المواثيق لبيعهم في سوق النخاسة الدولي، يضحكون عليهم في الأمم المتحدة والامن الدولي بفيتو حتى لو كان الأمر مجرد إدانة لا أكثر لإسرائيل! وقلنا لشعوبنا حاربوا أميركا، وهي كانت من ورائهم شريكتنا في سرقات أموالهم العامة وثرواتهم الطبيعية وصفقات شراء السلاح لقتل أبناء العرب في لبنان وغزة. أخفناهم من كل شيء إلا نحن، والحق أن الخوف لم يكن في شيء لأننا نحن الخوف كله!
لماذا قدمت التنازل لشعبك؟ لكن هل تعلم، طوال هذه الأعوام الطويلة لم أفهم لماذا يترحم عليك أبناء شعبك إلا اليوم، ولم أفهم معنى الدستور إلا هذه اللحظة! ولم أقدر معنى الاستقرار إلا بعدما رأيت شعب الكويت!» .
دكتاتور يتكلم لعبدالله السالم وهو جالس على قبره! رحمك الله يا أبو الدستور! (الفاتحة على روحه)
إشارة: سأل الكثيرون عن شخصية فالح في مقالة السبت الماضي، الجواب انها كانت مجازية، والقصة كلها من وحي الخيال وليس لها حقيقة على أرض الواقع إلا من باب الصدفة إن وُجدت.

 
 
 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك