في احتفال العالم بيوم المرأة.. حنان الهاجري تكتب عن اسهاماتها ودورها في المجتمع

زاوية الكتاب

كتب 2094 مشاهدات 0


 

سياسة المرأة في المزرعة! 

كتب حنان الهاجري : 

 
الاحتفال بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس من هذا العام يحمل معنى خاصا، لأنه يكون أكمل عامه المائة واختتم قرنا كاملا من العمل على الدفع باتجاه منح المرأة المزيد من الاعتراف بدورها الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي في مجتمعها.
كذلك يعد شهر مارس شهر المرأة، أو بالتحديد شهر «التاريخ النسوي»، لأنه يركز على تاريخ المرأة وإسهاماتها سواء كانت تمت على يد نساء مغمورات أو معروفات، بهدف زيادة الوعي وتثقيف الناس حول الدور الذي لعبته هؤلاء في تشكيل مجريات التاريخ والتأثير فيها.
شهر المرأة هذا بدأ في ولاية كاليفورنيا في أواخر سبعينات القرن الماضي كأسبوع تحتفل به المدارس في مقاطعة سونوما، ثم جرى التوسع في مداه ومدته ليصل إلى شهر كامل تحتفل به الولايات المتحدة ككل، عبر قرار صدر عن الكونغرس للاحتفال به كل عام منذ 1987.
في البرازيل الآن، هناك حملة إعلامية وإعلانية ضخمة للاحتفال بهذا الشهر، تقوم على التركيز على ديلما روسيف ذات الأصول البلغارية، ورئيسة البرازيل السادسة والثلاثين، وأول امرأة برازيلية تتولى هذا المنصب لتقود هذا البلد العملاق في حجمه وعدد سكانه ومصادره وإمكاناته.
ظهرت روسيف على شاشة تلفزيون «غلوبو» المحلي لتتحدث للمشاهدات من بنات بلدها حول الصورة المتوقعة للنساء في البرازيل، التي تركز على المرأة الضعيفة والرقيقة، وهي صورة تتوافق والنموذج المفترض لهيمنة الرجل الذي يلفظ المرأة القوية ذات السلطة إلى خارج دائرة الأدوار التقليدية المقبولة.
كان الهدف من الظهور الاعلامي هذا هو التركيز على التأثير الذي أحدثه وصول امرأة لسدة الرئاسة على البرازيليات الصغيرات اللاتي توسع أفق طموحاتهن ليصل للطمع في التأسي بروسيف في حكمها للدولة.
ظهور الرئيسة تزامن مع تنظيم مسيرات حاشدة من قبل الآلاف من المزارعات البرازيليات اللاتي رفعن شعارات ضد عنف «التجارة الزراعية» التي تستخدم السماد الكيميائي السام وبالتالي تؤثر في الصحة، خاصة أن البرازيل تعد المستهلك الاول في العالم للمواد الكيميائية الضارة الخاصة بالتخلص من الأعشاب الضارة. هذه المسيرات أتت - حسب تصريح المنظمين لها- للاحتفال بيوم المرأة العالمي! فلم تحتج هؤلاء النسوة لخطابات روسيف أو لحملات اعلانية ضخمة للتركيز على الدور السياسي المأمول، بل وجدن أن تسجيل أصواتهن في ما يخص شأنا يفقهنه جيدا هو الدور الاقرب لما هو مطلوب منهن في مجتمعهن.
التركيز على الدور السياسي للمرأة اليوم في كل مكان من العالم، يأتي لأنه يخص عملا تسلط عليه في الغالب الأضواء، وتمنح من تنجح في الوصول إلى أعتابه هالة من التقدير والاحترام المتزايد قد لا ُتمنح لغيرها من النسوة المجتهدات في مجال آخر.
لكن التعاطي مع السياسة ليس مقصورا على فئة محددة تسعى للوصول إلى السلطة أو الفوز بالنفوذ، فله أشكال مختلفة وشرعية. المزارعات في البرازيل لا يقلّ صوتهن تأثيرا عن صوت الرئيسة، ولا تنقص طبيعة عملهن الريفية من أهميتهن كنموذج تتأسى به البرازيليات الصغيرات.
وان كانت روسيف أمرت فور توليها السلطة في الأول من يناير الماضي بأن يتم مهر كل الأوراق الرسمية المخصصة للرئاسة بلقب الرئيسة لا الرئيس، خلافا لما يراه اللغويون، وذلك لأن المهن لا تؤنث، فإن المزارعات في بلدها - اللاتي لا يتابعن التلفاز بسبب الفقر او الانخراط الكلي في العمل- قد مهرن بمسيراتهن تواقيعهن على صحيفة تحويل أدوارهن التقليدية المقبولة الى أدوار فعالة ومؤثرة في المجتمع.

د. حنان الهاجري

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك