بنك الكويت المركزي تسبب في خلق مشكلة القروض لتساهله مع المصارف في فتح الأبواب على مصاريعها لمنح القروض الاستهلاكية..طالع مقال أحمد الديين

زاوية الكتاب

كتب 1504 مشاهدات 0



 
مشكلة المقترضين! 
 
كتب أحمد الديين

وفقاً لبيانات بنك الكويت المركزي المقدّمة إلى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة فإنّ عدد القروض يقارب 460 ألف قرض، منها نحو تسعة آلاف وخمسمئة غير منتظم، وهي تشكّل ما نسبته 2.1 في المئة فقط من مجموع القروض، وهذا ما يراه معارضو شراء المديونيات وجدولتها وإسقاط الفوائد دليلاً على محدودية مشكلة المدينين المعسرين والمتعثّرين، وكونها لا تمثّل مشكلة عامة تستدعي المعالجات والاقتراحات المطروحة!
ولكن الأمر يحتاج إلى تدقيق أكثر وتوضيح أَبيَن لجوانب أخرى لا تكشفها هذه الأرقام والبيانات والنسب المقدّمة من بنك الكويت المركزي، الذي هو بالأساس أحد الأطراف المتسببة في خلق مشكلة القروض، نتيجة تراخيه لسنوات طويلة وتساهله مع المصارف في فتح الأبواب على مصاريعها لمنح القروض الاستهلاكية، ولما يسمى بالقروض المقسطة و«القرض العائلي» و«القرض الشخصي المرتفع»، وغيرها من أشكال القروض والفوائد، التي أرهقت غالبية المدينين، حتى وإن لم يبلغ هؤلاء درجة الإعسار والتعثّر ضمن تعريفاتها العلمية القانونية والمحاسبية الدقيقة!
فالتعريف الدقيق للمدين المتعثّر، وأستفيد هنا من التعريف، الذي وضعه «مصرف لبنان» يعني أن يصبح المدين غير قادر على الوفاء بأيٍّ من التزاماته تجاه المصرف«... و/أو » إذا تأخر المدين فترة تزيد عن 90 يوماً عن موعد تسديد التزاماته المتوجبة تجاه المصرف، وبالطبع فإنّه يصعب تحقق أو تطبيق مثل هذه التعريفات بشكل ملموس على معظم المدينين من المصارف في الكويت... ذلك أنّ الغالبية الساحقة منهم إما أن يكونوا موظفين أو متقاعدين اقترضوا بضمان تحويل رواتبهم أو معاشاتهم التقاعدية الشهرية إلى المصرف، الذي اقترضوا منه ليستقطع منه قسط القرض مسبقاً ويبقي ما زاد عن ذلك في أرصدة حساباتهم المصرفية ليعتاشوا عليها وينفقوا منها... وبذلك فإنّ المصارف، مثلما يقول التعبير الشعبي “تأخذ من الراس المرفوع أقساط قروضها الاستهلاكية والمقسّطة وما يترتب عليها من فوائد، ثم تسلم ما تبقى للمقترض، وفي هذه الحالة فإنّه من الطبيعي ألا ينطبق التعريف العلمي الدقيق للمقترض أو المدين المعسر أو المتعثّر على معظم المقترضين في الكويت... فهم في واقع الحال موظفون معسرون أو متعثّرون، أو هم متقاعدون معسرون أو متعثّرون، ولكنهم ليسوا مدينين أو مقترضين معسرين أو متعثّرين بالمعنى الحرفي الدقيق للتعريف العلمي للمدين المتعثّر، لأنّ قرار سداد القرض بيد المصرف المحوّل إليه راتب الموظف المدين أو معاش المتقاعد المدين، وليست بيد المدين نفسه، حتى يمكن أن يقال عنه إنّه معسر أو متعثّر في سداد دينه!
والجانب الآخر، الذي يتطلب توضيحاً هو نوعية القروض والفوائد وكيفية سداد الأقساط وفق كثير من عقود القروض المصرفية، التي أرهقت المقترضين... فأمامي كشف حساب لأحد المواطنين المقترضين من أحد المصارف في شهر نوفمبر من العام 2003، حيث بلغت قيمة القرض مع فوائده 28500 دينار كويتي ومنذ ذلك الحين وهو يدفع للمصرف قسطاً شهرياً يزيد عن 350 ديناراً، ولكن المصرف قسّم قرضه إلى قرضين أحدهما “القرض العائلي، الذي تبلغ قيمته 14200 دينار حيث سدد طوال السنوات الأربع الماضية أقساطه الشهرية ضمن القسط الشهري الشامل فانخفضت قيمة هذا القرض وأصبحت الآن 6225 ديناراً، والقرض الآخر هو “القرض الشخصي المرتفع”، الذي تبلغ قيمته 14300 دينار حيث سدد طوال السنوات الأربع أقساطاً شهرية بحدود مئة دينار، ولكن مع ذلك كله فإنّ رصيد هذا القرض بقي  طوال هذه المدة على ما هو عليه ولم ينخفض فلساً واحداً، إذ كانت الأقساط والمبالغ المسددة ضمن هذا القرض تُحتسب فقط لتغطية الفوائد وحدها وليس لسداد القرض... وبحساب بسيط فقد سدد المدين سبعة عشر ألف دينار، ولكن قرضه لم ينخفض فعلياً سوى بحدود ثمانية آلاف دينار، في حين ذهبت تسعة آلاف دينار منها للفوائد!
مثل هذه الحالة، التي عرضتها هنا ليست حالة فردية وحيدة ولا هي حالة شاذة، وإنما هي الحالة العامة لأعداد كبيرة من المقترضين من المصارف ممَنْ أرهقتهم أقساط القروض والفوائد، ولكنهم من الناحية النظرية لا يُعدّون مدينين معسرين ولا متعثّرين... ومن هنا فإن بنك الكويت المركزي مطالب بأن يحدد عدد هؤلاء المدينين، ويوضح مجموع ما عليهم من التزامات، ويعلن موقفه تجاه مدى عدالة عقود قروضهم ونسب الفوائد المترتبة عليها!
هذا عن المشكلة وأبعادها وضرورة تقديم بيانات ومعلومات كاملة وصحيحة وواقعية عنها... أما الحلول والمواقف تجاهها فهي أمر آخر!
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك