نواف الفزيع عن رئاسة الوزراء:

زاوية الكتاب

هل تكمن الأزمة في من يشغل المنصب ام الإستيلاء على الثروة والسلطة ؟َ!

كتب 3375 مشاهدات 0

نواف الفزيع

 


قمة كارثتنا السياسية

 
كتب , المحامي نواف سليمان الفزيع
 
تملكنا احساس كبير في ان كثيراً من الناس هنا في الكويت على غير وعي كامل في سبب او جذور ازمتنا السياسية.

الكثيرون من الناس هنا مرتبطون بعاطفتهم ومنساقون في جو التشجيع الرياضي فمشجع مع هذا الفريق ومشجع مع فريق آخر، متناغمون في توجيه الشتائم على بعضهم البعض متناسين ان السياسة ليست لعبة رياضية!
الباطل الآخر الذي يوقعنا في قصور الفهم تغييبنا لذاكرتنا التاريخية بالترابط في الاحداث ومتابعة تسلسلها عامل مهم في رسم الصورة الكاملة وصولا لتشخيص المشكلة ومن ثم الى حل لها.

الازمة السياسية في الكويت ليست وليدة اليوم بل هي نتاج تراكمات طويلة قد تكون بداياتها مع اول تشكيل حكومي في عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم بعد اقرار الدستور.

هذا التشكيل آنداك كان مثار محاربة من بعض افراد الاسرة وبعض القوى الاجتماعية آنذاك.

الازمة كانت طبيعية ومتوقعة لاننا ومن مجتمع قبائلي عشائري قفزنا فجأة الى بناء مجتمع مدني متحضر كانت اولى لبناته اقرار دستور متقدم جدا على التركيبة الاجتماعية والسياسية في تلك المرحلة واكبته في ذلك قوانين مهمة ارخت بظلالها على الواقع الاجتماعي والاقتصادي لهذا المجتمع.

بالتوازي مع هذا الحدث «حدث انتقالنا لدولة دستورية» كانت هناك حركة سياسية تنمو بشكل سريع في المجتمع.
هذه الحركة او الحراك نما متأثرا بحركات التحرر الطليعية والمتمثلة بحركة القوميين العرب والمد الناصري بخلاف بعض الحركات السياسية المتأثرة بثورة وقيام دولة الاتحاد السوفييتي.

من الطبيعي آنذاك كما هو من الطبيعي الآن ان تعكس التأثيرات الاقليمية نفسها على الساحة المحلية وبدأ صراع من نوع آخر بين من يريد محاربة النظام القبلي العشائري وتفعيل ما يحمله الدستور من معان طليعية متقدمة تتطلب نقل المجتمع نقلة نوعية الى مجتمع متحضر دستوري متأثر بذلك بالتيارات الفكرية السائدة آنذاك وبين من يريد ان يبقي المجتمع على ما كان عليه قبل الدستور.

هذا الامر انعكس على ارض الواقع فصارت ازمة تزوير الانتخابات في الـ67 وتعطيل الدستور في الـ76 والـ86.

وبدأت عملية افساد الحركة السياسية ومحاولة تفريقها لوأد افكارها وتوجهاتها الرائدة من خلال الدفع بتكريس الطابع القبلي العشائري الطائفي على المجتمع وبما يسمى بالدوائر الـ25 او عملية الافساد من خلال الدوائر الـ25 فمن خلال قانون الانتخابات فرزت المناطق وتكرس الفرز الطائفي في المجتمع لاجل افساد المؤسسة التشريعية لتصل هذه المحاولات بباكورة الدوائر الخمس التي افسدت في نهاية المطاف العملية الانتخابية بالمطلق.

الدوائر الخمس كرست بعمق الطابع القبلي الطائفي وفتحت المجال بشكل واسع للمال السياسي في تخريب العملية الانتخابية.

هنا كانت النتيجة المتوقعة، البرلمان تم ترويضه ووصولنا الى هذا المجلس الفاسد بهذه الصورة وقد غرقت اغلب عناصره في مشاريع الفساد.

الآن اصبحت السلطة التنفيذية لا تهاب المجلس لانه هو صنيعتها بما تحمل هذه الكلمة من معنى.

لعبت ايضا بعض الشخصيات الدينية والليبرالية دورا مهما في افساد هذه المؤسسة من خلال الدخول في المشاريع الفاسدة بشكل ظاهر او غير ظاهر لتكتمل جريمة قتل الديموقراطية في الكويت.

لهذا الامر نحن نرى ان الازمة السياسية في البلد انعكاس لازمة النظام والقوى السياسية.

اليوم مشكلتنا ليست في الشيخ ناصر المحمد ورئاسته الوزارة ولكن ماذا سيأتي بعد الشيخ ناصر المحمد؟ وهل سينتهي الصراع؟

الصراع الحقيقي ليس هنا بل في الصراع ما بين نهجين، نهج يريد بقاء المجتمع كما كان عليه قبل الدستور وبوجود الثروة النفطية الضخمة ونهج يريد نقل هذا المجتمع الى موقع متقدم من خلال تطبيق الدستور بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان ومن خلال تطبيق القوانين التي صدرت بناءً على هذا الدستور لانه للاسف جمد الدستور وجمدت قوانينه من ان تطبق بشكل كامل وحقيقي على كافة جوانب هذا المجتمع سياسيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا.

وجود دستور لا يعني حل الازمة فهناك صراع ما بين من يريد تطبيق الدستور وقوانين الدستور وبين من لا يريد ذلك فنحن اليوم وازاء هذين النهجين، نهج المحافظة على الماضي المتخلف ونهج المضي في مجتمع متقدم شابنا صراع انعكس على جميع اوجه حياتنا.

سيستمر هذا الصراع ومن يعتقد غير ذلك اما انه جاهل سياسيا او يريد الاستيلاء على موقع رئيس الوزراء بشكل مباشر او غير مباشر فهو ليس مع القضاء على الفساد والتخلف انما في صراع على السلطة والثروة وهذه هي قمة كارثتنا السياسية عندما نتحول الى صراع على ذلك.

المحامي نواف سليمان الفزيع 

الوطن- مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك