...والمطالبة برئيس وزراء شعبي يعتبرها عبداللطيف الدعيج لغو وضجيج وتعبير عن جهل سياسي ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2889 مشاهدات 0


خلكم دستوريين 

كتب عبداللطيف الدعيج : 

 
هذه الايام تتعالى اصوات محسوبة وغير محسوبة بمطالب سياسية متنوعة، بعضها عقلاني، وبعضها بل اغلبها يفتقد الامكانات والمبررات. الواقع المزري للكويت الذي تفاقم في التردي الذي حدث في السنوات الاخيرة بسبب اتساع شقة الخلافات بين المجلس والحكومة، وبسبب تصارع الاطراف السياسية وتعدد مصالح الفئات المهيمنة سياسيا واقتصاديا على النظام، بالاضافة الى الوضع الاقليمي المحيط والملتهب بالتغيرات السياسية الحالية وربما الاجتماعية القادمة.. هذا كله فتح شهية الكثيرين للتغيير هنا ايضا.
الاميركان ينصحون بعضهم بعدم «التسوق» وهم جياع، لأن الجائع سيشتري كل شيء، وأي شيء، ما يمكن طبخه وما لا يمكن، ما لديه القدرة على هضمه وما يصعب عليه، ما يمكنه حمله وما سيستعصي عليه، والأهم من هذا كله ما يمكن تغطية تكاليفه وما هو غال عليه. هذه النصيحة ربما يجب ان يتمعن بها سياسيونا المعنيون حاليا بالشأن العام، والجياع او بالاحرى المتعطشون للتغيير.
لعل اهم ما يجب على «الجياع» التمعن فيه، هو ان كل مطالباتهم، عدا تغيير النهج والسياسة الحكومية -وهو المهم بالمناسبة - يتطلب اول ما يتطلب تغيير «العملة»، والا فانه لن يكون بامكانهم ان يشتروا شيئا. والعملة هنا هي نظام البلد السياسي او دستوره. نظامنا هنا هو مزيج من النظام البرلماني والسياسي مع ميل الى اولهما كما حددت المذكرة التفسيرية. ما حدث خلال السنوات الاخيرة ويحدث حاليا، او بالاحرى في اغلب السنوات التي مر بها الحكم الدستوري في الكويت، هو طغيان الجانب «الرئاسي» في النظام على قرينه البرلماني. والمؤسف ان هذا الطغيان او الميلان الذي تم الى الجانب الرئاسي تم على حساب برلمانية او «شعبية» الحكم وهو ما حرصت المذكرة التفسيرية على الابقاء عليه، وهو في الواقع ما حذرت من الانحراف عنه ايضا.. وتم ذلك، مع الاسف، خارج الاطر الدستورية والقانونية وحتى السياسية.
الآن بالامكان العودة الى نقطة البدء، والزحف من هناك الى الامام. او بالامكان، كما يتمنى البعض، القفز مباشرة الى الحكم البرلماني الكامل. لكن ايا كان الطموح فان المطالبة او السعي يجب ان ينصب مباشرة على الدعوة لتغيير النظام السياسي وليس التعديل الجزئي للدستور او المطالبة الفجة المنتشرة هذه الايام برئيس وزراء شعبي.!!! المطالبة برئيس وزراء شعبي، تعد على صلاحيات رئيس الدولة ومروق على النظام وانتهاك فاضح للدستور الذي يدعي المطالبون انفسهم بالحفاظ عليه.
قد تبدو المسألة «صبه حقنة لبن» لكن يبقى ضروريا التأكيد على ان المطالبة بتغيير المادة 56 من الدستور او الدستور كله، حق ديموقراطي، اما المطالبة بوزير شعبي فهي لغو وضجيج وتعبير عن جهل سياسي وعداء متأصل للقانون والدستور. وهذا الجهل لا يتعارض فقط مع المادة 56 التي كفلت للأمير وحده حق تعيين رئيس مجلس الوزراء بل تتعارض اساسا مع الجانب الرئاسي في نظام الحكم والذي تعبر عنه المادة 54 «يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه».

عبداللطيف الدعيج

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك