حتى تتجنب الأنظمة العربية ثورات شعوبها، بدر الديحاني يطالب بإنهاء عملية احتكار السلطة والثروة وما يرتبط بهما من استبداد وفساد وإفساد وظلم ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2669 مشاهدات 0


احتكار السلطة والثروة
د. بدر الديحاني

إن عملية احتكار السلطة والثروة لا تقتصر فقط على الدول التي قامت فيها حتى الآن الثورات والاحتجاجات الشعبية، بل إنها منتشرة، مع الأسف الشديد، في بقية الدول العربية وإن بدرجات متفاوتة، وهو ما يجعل من السهولة بمكان التنبؤ بأن مطالب التغيير ستطول هذه الدول إن عاجلا أم آجلا ما لم تبادر أنظمتها الحاكمة إلى إجراء تغييرات جذرية.

تتشابه إلى حد كبير الأنظمة العربية التي بدأت تتهاوى الواحدة بعد الأخرى في كونها أنظمة متسلطة ومستبدة وغير ديمقراطية، تحتكر فيها القلة القليلة السلطة والثروة معا، وينتشر فيها الفساد بكل أشكاله، وهو الأمر الذي أدى إلى إفقار شعوبها وقمعها وانتهاك حقوقها وحرمانها من أساسيات الحياة الكريمة رغم أن أكثر هذه الدول هي دول غنية. خذ على سبيل المثال لا الحصر ليبيا التي يرتكب فيها النظام القمعي المستبد الآن جرائم ضد الإنسانية من أجل استمرار احتكار القذافي وعائلته وبعض الفئات المتحالفة معه السلطة والثروة، فليبيا تعتبر بلدا قليل السكان 'بحدود ستة ملايين نسمة' مقارنة بمساحته الجغرافية، وتتوافر لديها ثروة مالية هائلة، إذ من المعروف أن ليبيا تعوم فوق بحيرات من النفط والغاز، ناهيك عن جوها المعتدل وامتلاكها لأطول ساحل على البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يجعها بلدا سياحيا من الدرجة الأولى، لكن بالرغم من كل ذلك فإن هناك، بحسب 'الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان'، بحدود مليون ليبي يعيشون تحت خط الفقر، علاوة على تدني الأجور والرواتب بشكل عام، وهو الأمر الذي يجعل المرء يتساءل: ترى أين تذهب ثروة ليبيا الهائلة؟ إنها تذهب للقلة القليلة من السكان التي تحتكر السلطة أيضا، إذ يكفي أن نعرف أن الثروة الشخصية للقذاقي تقدر بحدود مئة وثلاثين مليار دولار؛ متزعما بذلك الرؤساء العرب بحسب ما ذكرت 'أريبيان بزنس'، هذا بخلاف الثروة الهائلة التي تمتلكها عائلة 'قائد الثورة'!!

أما عملية احتكار القذافي وعائلته وبعض الفئات المتحالفة معه للسلطة، فذلك أمر واضح وجلي، إذ إن الجميع يعرف أن هناك غياباً تاماً للديمقراطية والتعددية وتداول السلطة في ليبيا، وهناك احتكارا للمناصب العامة. خذ، على سبيل المثال لا الحصر، معمر القذافي فهو يحكم ليبيا منفردا منذ عام 1969 رغم الادعاءات الجوفاء التي يطلقها حول ما يسميه السلطات الشعبية والتي ما هي إلا إدارات محلية تعين أغلبها قوى الأمن التابعة له مباشرة، كما أن أبناءه وأقرباءه يتولون مناصب عامة، ولهم نفوذ كبير داخل ليبيا ليس لجدارتهم وكفاءتهم بل لصلة القربى التي تربطهم مع 'القائد الشعبي' الذي هو في الوقت عينه 'ملك ملوك إفريقيا'!!

على أن عملية احتكار السلطة والثروة لا تقتصر فقط على الدول التي قامت فيها حتى الآن الثورات والاحتجاجات الشعبية، بل إنها منتشرة، مع الأسف الشديد، في بقية الدول العربية وإن بدرجات متفاوتة، وهو ما يجعل من السهولة بمكان التنبؤ بأن مطالب التغيير ستطول هذه الدول إن عاجلا أم آجلا ما لم تبادر أنظمتها الحاكمة إلى إجراء تغييرات جذرية، وليست شكلية، تنهي عملية احتكار السلطة والثروة وما يرتبط بهما من استبداد وفساد وإفساد وظلم.

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك