عن لجنة الإحتقان السياسي يتساءل حسن كرم: هذا الاحتقان السياسي المزعوم ترى بين من ومن، ومن اجل من ولماذا..؟!!
زاوية الكتابكتب فبراير 27, 2011, 11:43 م 1966 مشاهدات 0
عن أي احتقان سياسي يتحدثون..؟!!
كتب , حسن علي كرم
من الامور التي تزعج ولا تدل على الارتياح اذا وضعت الاسماء أو المهام والغايات في المكان غير الدال عليها (…) من ذلك مثلا، ما تردد في الاسبوع الماضي عن انبثاق لجنة سياسية عليا للحوار الوطني هذه اللجنة العليا حسب الخبر مهمتها: «من اجل تخفيف الاحتقان السياسي..» وهي لجنة مشتركة ضمت ثلاثة من ابناء الاسرة الحاكمة وهم الوزراء الحاليون النائب الاول وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح ونائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية والاسكان الشيخ احمد الفهد الاحمد الصباح ويقابلهم كل من يوسف النصف وعبدالله المفرج وعبدالوهاب الوزان، وهؤلاء الثلاثة الذين يمثلون الجانب الاهلي كانوا وزراء في حكومات سابقة..
لعل الشيء الخطأ في تسمية اللجنة والغاية من انشائها هو انها لجنة (من اجل تخفيف الاحتقان السياسي»، فأي احتقان سياسي تعاني منه البلاد حتى تسارع الدولة الى انشاء لجنة من اجل تخفيف أو ازالة الاحتقان السياسي..؟!!
وهل حقا يوجد عندنا احتقان سياسي، وهذا الاحتقان السياسي المزعوم ترى بين من ومن، ومن اجل من ولماذا..؟!!
فالذي تعلمناه والذي اخبرتنا به تجارب بلدان عانت احتقانات سياسية، هو ان الاحتقان السياسي يحدث اذا وصلت الخلافات بين الخصوم الى الطريق المسدود واذا فشلت كل الحلول، وهو ما يفضي الى حرب اهلية أو سقوط الدولة، كما حدث في لبنان ابان الحرب الاهلية وكما يحدث حاليا في الصومال.
الكويت بخير وما زالت الخلافات والخصومات السياسية تطفح على السطح ولم تتوغل الى الاعماق حتى نخاف فنقرع الجرس ونعلن الخطر، وان شاء الله ما توصل الخلافات الى ذيك المواصيل، لأن الكويت لا تتحمل خلافات من نوع «الاحتقان السياسي» لا قدّر الله…
قطعا هذا لا يعني ان الاوضاع عندنا وردية وان العلاقات بين التكتلات السياسية وبينها وبين الحكومة على اعلى درجات الانسجام والتفاهم، فلا بد من الغيوم الداكنة والشحن السياسي، فأي نظام ديموقراطي برلماني لا يخلو من الشحن والخلافات والاختلاف السياسية بين الكتل والتجمعات السياسية، واذا لم يحدث فذلك معناه ان في الامر ريبة، وانها ديموقراطية مشكوك بأصالتها…!!
ان المعضلة الحقيقية التي تعاني منها البلاد والتي يتهرب الجميع من الاقتراب منها والتي حان الوقت لأن نضع الاصبع على الجرح ونبدأ بالعلاج الفوري هي انه بعد نحو خمسين عاما من العمل بالدستور وبتطبيق النظام الديموقراطي، ما زلنا نراوح مكاننا، ولا نريد الاعتراف بأن دستورنا جامد ويحتاج الى تنقيح أو تعديل وان نظامنا الديموقراطي كسيح وفاقد للاهلية السياسية..!!
لقد وضع الدستور وطبق النظام الديموقراطي في وقت كان الكويتيون لا يتجاوز عددهم الـ (200) الف انسان، فيما تجاوز عدد الكويتيين في الظرف الراهن المليون ويقترب من المليون وربع المليون، وكان عدد الكويتيين الجامعيين وحملة الشهادات العليا بضع عشرات، وحاليا يتجاوز عدد حملة الدكتوراه والماجستير فقط عشرة آلاف وكانت نسبة الفئات العمرية الشبابية اقل وحاليا نسبة فئات الشباب تقترب من الـ %60 وكانت مشاركة المرأة السياسية معدومة وفي العمل الحكومي متواضعة وحاليا %80 من العمل الحكومي تتولاها المرأة واما المشاركة السياسية فقد باتت واقعا ثابتا، ان الحديث في هذا الصدد قد يطول غير ان ما ينبغي القول وعلى نحو مختصر ان رحلة الخمسين عاما قد شهدت تغيرات هائلة على الصعيد الكويتي وعلى الصعيد العالمي والتقدم العلمي، فمن كان يتصور ان تتزعم تكنولوجيا الفيس بوك والتويتر والرسائل النصية الزعامات الثورية ومن كان يتصور ان يغير شباب الميادين حكومات ويقلبوا انظمة..؟!!
خلاصة القول، ان حل معضلة الكويت لا يتحقق بمعالجة ما يسمى (الاحتقان السياسي)، لأن الاحتقان السياسي المزعوم عنوان خطأ لمشروع اصلاحي تقدمي مطلوب، فالكويت خالية من (الاحتقان السياسي) ولا يشكل احمد الخطيب أو احمد السعدون ومسلم البراك أو بورمية أو الجويهل أو غيرهم من نواب التأزيم أو ممن يسمون بالمعارضة خطرا على النظام أو خطرا على الاستقرار السياسي، فجميعهم في النهاية مواطنون وجميعهم محبون للوطن وولاؤهم لا يقل عن ولاء غيرهم للنظام…
ان البلد يعاني من تراكمات الاخطاء وسوء الادارة والفساد وجمود الوضع السياسي، واذا لم نخط خطوة جريئة وشجاعة وثورية وفورية لاصلاح ما افسده الدهر، فلا بد ان نتوقع ما لا نتوقعه…!!
ان العالم من حولنا يتغير وعلينا ان نتغير قبل ان يجبرنا الزمن ان نتغير.. علينا ان نعلق الجرس، لا لأن هناك احتقانا سياسيا، ولكن لأن هناك اصلاحاً قد تأخر البدء فيه.
تعليقات