بعد ثورتي تونس، ومصر، وما يدور في ليبيا، حسن جوهر يدعو 'منطقة الخليج' لقراءة هذه الأحداث بكل موضوعية وصراحة ؟!
زاوية الكتابكتب فبراير 25, 2011, 12:41 ص 2771 مشاهدات 0
الدليل الإرشادي للثورات العربية!
د. حسن عبدالله جوهر
الحراك الشعبي الممتد من المحيط إلى الخليج بسرعة فائقة بانت ملامحه وقواعد لعبته بشكل واضح؛ سواء على خط الحكومي المتمثل في رؤساء الأنظمة الحاكمة، أو على صعيد الشارع المتمسك بخيار التغيير القسري بإرادة أصبحت لا تتزعزع.
وخلال أسابيع محدودة فقط منذ انطلاقة الثورة التونسية في نهايات ديسمبر وبدايات يناير من العام الجاري نجح الشباب العرب في قيادة مجتمعاتهم بما تضم من تيارات وأحزاب ونخب ومعارضة في الخارج، فأسقطوا عروشاً، وزلزلوا أخرى في مشهد كأنه حلم بالنسبة لهم وكابوس لحكامهم.
وبمعنى آخر صار هناك خطان متوازيان لا يلتقيان، ولكنهما يمثلان دليلاً إرشادياً لكيفية عمل ثورة عربية من حيث توافر المناخ العام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً من جانب، والخطوات العملية المضمونة النتائج غالباً من جانب آخر.
فعلى الخط الأول هناك أنظمة سياسية شاخت وهرمت على مدى عشرات السنين، واستحوذت على الثروة والسلطة حتى الثمالة، ولم تعد تكفي رموزها الأرصدة الشبكية في الداخل والخارج بعشرات المليارات، إنما تملكت بالقوة أراضي الدولة وثرواتها الطبيعية وشركاتها وحتى مؤسسات المجتمع المدني فيها، وتركت حالة من البؤس والحرمان والتخلف للأجيال تلو الأخرى.
أما المنظومة العسكرية والأمنية بما تضم من القوة والعتاد والأفراد فهي موجهة طوال العهد السياسي لتكميم الأفواه وبث الخوف والرعب في قلوب الناس، وزجهم في المعتقلات، واللجوء إليها حتى الرمق الأخير في الدفاع عن الكرسي، حتى لو لزم الأمر إطلاق النار على العزل من مواطنيهم في الشوارع العامة.
وأما على الخط الآخر فهناك عشرات الآلاف من الشباب يتداولون أمور حياتهم وهمومهم ومستقبلهم من خلال شاشات صغيرة لا يزيد حجمها عن بضع سنتيمترات، وعلى مدى جلسات حوارية ومناقشات يتوصلون إلى قناعة واحدة وهي التغيير، ويحددون ساعة الصفر للانطلاق، ويتدفقون معاً نحو الميادين الرئيسة، وقد توحدت كلمتهم وشعاراتهم وتصلبت إرادتهم واستعدادهم للتضحية مهما كان الثمن؛ بما في ذلك أرواحهم.
وبسبب الرعونة السياسية تقع الأنظمة في ذات الأخطاء القاتلة، فظهور الرؤساء على شاشات التلفزيون وهم يرددون نفس العبارات بدءاً بالإصرار على البقاء في الحكم أو تأجيله إلى وقت غير معلوم، ومروراً بنعت المحتجين والمتظاهرين بالحيوانات والجرذان وعملاء الأجانب والاستخبارات ومتعاطي الحبوب، وانتهاءً بالتهديد والوعيد، الأمر الذي يزيد النقمة الشعبية عليهم وسرعان ما يجدون أنفسهم في عزلة داخلية قبل العالم الخارجي، والغريب أنه مهما طالت الخطب السياسية ومهما تصاعدت لغة التهديد فيها، زادت معها إرادة التغيير وسرعته، وهذا ما تكرر مع الرئيس التونسي ثم المصري وبعده اليمني وأخيراً الليبي الذي خرج عن كل معاني الأدب والأخلاق.
وفي المقابل نجد السهل الممتنع على الخط الموازي والمتمثل في كلمة واحدة فقط هي 'ارحل'، وهي تختزل الماضي والحاضر المرير، وترسم مستقبلا واثقا من نفسه، وبنيت لعبة الدومينو بتكرار هذا السيناريو سواء في تونس أو مصر، وسوف نشهد ذات النتيجة في ليبيا قريباً جداً، ومن بعدها اليمن ومن ثم الجزائر، وقد تلحقها دول أخرى على نفس الشاكلة إذا لم تتدارك وضعها بخطوات واضحة وسريعة جداً.
وعلينا في منطقة الخليج قراءة هذه الأحداث بكل موضوعية وصراحة، خصوصاً بعد الإعلان عن جملة من الإصلاحات التي وعد بها بعض قادة مجلس التعاون بعد تداعيات أحداث البحرين، والتي نأمل أن تكون في صميم طموحات الأجيال الشبابية.
تعليقات