الحوار الوطني يتطلب مناقشة حرّة ومفتوحة للوضع العام في البلاد، وعدم قصرها على العلاقة بين السلطتين.. هذا مايراه أحمد الديين

زاوية الكتاب

كتب 2328 مشاهدات 0


الحوار... وأي حوار؟! 
 
كتب احمد الديين

يوم أمس نشرت “الطليعة” و”القبس” بالتزامن مقالا بالغ الأهمية للزعيم الوطني الكبير الدكتور أحمد الخطيب تحت عنوان “الحلّ في تدوير العقول لا الوزراء”، تضمّن من بين ما تضمّنه إشارته إلى أنّ هناك حوارا يجري بين “النظام” وبعض رجالات الكويت... وأمس أيضا نشرت “عالم اليوم” خبرا على صدر صفحتها الأولى حول انعقاد اجتماعين شارك فيهما ثلاثة من الشيوخ وثلاث شخصيات من “جماعة الوفاق الوطني” لتدارس الوضع السياسي في البلاد... فيما طرحت صحيفة “الوطن” في افتتاحية عددها الصادر يوم أمس الأول دعوة إلى إجراء مصالحة مع المعارضة الوطنية!
والآن، فإنّه بغض النظر عن الصلة بين ما جاء في مقالة الدكتور أحمد الخطيب وخبر «عالم اليوم» وافتتاحية«الوطن» فإنّ الحوار الوطني أمر مستحق، بل أنّه في مثل هذا الوقت الذي تعصف فيه الثورات والانتفاضات الشعبية بأنظمة الحكم في عدد من البلدان العربية يصبح الحوار الوطني أمرا ضروريا مُلِحا ومبادرة سياسية استباقية قد تكون ذات جدوى.
ولكن المؤسف أنّ هناك تجربة تاريخية سلبية حول الحوار تشكّلت على خلفية الحوار الذي سبق أن أجراه المغفور له سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبداللّه في العام 1990 مع أعضاء مجلس 1985 المنحلّ وعدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية بعد انطلاق ديوانيات الاثنين المطالبة بعودة العمل بدستور 1962، حيث استخدمت السلطة ذلك الحوار غطاء لتمرير مشروعها المعد سلفا لتشكيل ما سُمي «المجلس الوطني» غير الدستوري، على خلاف ما كان عليه الاتجاه العام في معظم جلسات ذلك الحوار الصوري... وأحسب أنّه سيكون من الصعب على الأطراف التي سبق أن شاركت في ذلك الحوار تناسي تجربته السلبية، ما يتطلب أن تكون هناك ضمانات جدّيّة لصدقية أي حوار جديد، خشية تكرار إساءة استغلاله!
والمهم أيضا عدم حصر الحوار الوطني المفترض في نطاق بعض الشخصيات الاجتماعية المعروفة، مع التقدير الكامل لدورها ومكانتها، فهناك أطراف أساسية فاعلة لا يمكن تجاهلها في أي حوار وطني جاد... وعلى نحو أوضح فمن الضروري أن يشارك في الحوار المفترض مختلف التلاوين الكويتية الناشطة في المجال العام، وخصوصا القوى والمجموعات الشبابية، التي كان لها دور ملموس في التحركات الشعبية بدءا من «حركة نبيها خمس» في العام 2006، مرورا بمجموعة «ارحل... نريد الأفضل» وصولا إلى المجموعات الشبابية التي تصدّرت التحرك الشعبي الأخير الذي شهدته الكويت خلال شهري ديسمبر ويناير الفائتين، ومن مختلف الاتجاهات: “السور الخامس”، و”رابطة الشباب الوطني الديمقراطي”، و”صوت الكويت”، والقوائم الطلابية، ومجموعات المدونين... فلا حوار ذا معنى في مثل هذا الوقت يستثني المجموعات الشبابية... وبالتأكيد فإنّ أي حوار وطني يتطلب مشاركة التيارات والتجمعات السياسية المختلفة، والكتل النيابية داخل مجلس الأمة، ومؤسسات المجتمع المدني، وذوي الرأي السياسي في البلاد والمشتغلين في الشأن العام من دون استثناء أو إقصاء.
ومن حيث الموضوع، فإنّ الحوار الوطني يتطلب مناقشة حرّة ومفتوحة للوضع العام في البلاد، وعدم قصرها على العلاقة بين السلطتين، فهذه جزء من كل، بحيث يجب أن يشمل الحوار: إعادة الاعتبار إلى مشروع الدولة الكويتية الحديثة، والحديث عن النهج السلطوي، وعن احتكار المناصب، وعن التدخل السلطوي في الانتخابات، وعن الفساد والإفساد، وعن استغلال النفوذ، وعن تأكيد مبدأ المواطنة الدستورية من دون تمييز على أساس فئوي أو مناطقي أو طائفي وذلك في إطار المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية... والحديث مستحق عن فتح آفاق التطور الديمقراطي ومتطلبات استكماله عبر التعددية السياسية وتداول السلطة التنفيذية كآليات ديمقراطية في إطار الإمارة الدستورية والنظام البرلماني.
وغير هذا سيكون الحوار “مضيعة وقت” في عصر التحولات المتسارعة!
 

 

غالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك