قادة الجيش الكويتي منذ النشأة حتى التحرير 5-7

محليات وبرلمان

9300 مشاهدات 0


في سنوات لم تبتعد عنا كثيرا، بذل شهداؤنا الابرار أروحهم فداء للوطن،و بمناسبة ذكرى تحرير الكويت من العدوان العراقي الغاشم،نتذكرهم بالإجلال والتقدير،عسى الله ان يتقبلهم بواسع رحمته. كما إن من الوفاء ان نذكر رجال آخرين يستحقون الثناء، حملوا لواء قيادة التشكيلات العسكرية الكويتية منذ ان كانت بسيطة العدد والعدة، حتى اصبحت جيش محترف نلتف حوله ونعتز به وبرجاله.  

لن نصنع أبطال من فراغ، لكن مما لاشك فيه انه كلما تراجع عدد من نفتخر بهم من رموز وطنية ،كلما زادت شريحة من تزيدنا افعالهم إحباطا، فيتسلل القنوط،الى نفوسنا ومعها يختفي الاحساس بالعزة الوطنية. 
 

القائد في ثوب مدني

لم يكن الشيخ سالم صباح السالم الصباح 1938-2007م رجلاً عسكريا، لكنه نجح بصفاته الشخصية أن يأخذ دور القائد في ثوب مدني .وهوثالث وزير دفاع في تاريخ الكويت، وكانت وزارة الدفاع ثاني حقيبة له بعد وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، وقد شهدت البيئة الامنية الاقليمية أشد اضطراباتها في الفترة التي تولى فيها حقيبة الدفاع 1978-1988م ،حيث مرت الكويت في مرحلة حرجة من جراء تساقط شظايا الحرب العراقية الايرانية على اطرافها. وكانت تداعياتها أكثر من ان يعاد سردها لكن أشدها  كان هو تعرض أمير البلاد المرحوم الشيخ جابر الأحمد الصباح لمحاولة اغتيال آثمة ،بالاضافة الى التفجيرات في انحاء متعددة من الكويت،وإغارة الطائرات المعادية على العبدلي، وتساقط  صورايخ السلكوورم على منشآتنا النفطية ، وحرب الناقلات . مما جعل الجيش الكويتي في حالة استنفار أرهقت المعدات، والرجال ،واستنفذت ميزانيات الدفاع طوال سنوات الحرب.ومن جهة اخرى شهدت تلك الفترة قفزة نوعية في قدرات القوات المسلحة الكويتية،وتوسع التعاون مع الاشقاء في مجلس التعاون،فزادت التمارين والمناورات الجوية والبرية والبحرية،وتم تشكيل قوة درع الجزيرة ، كما تم إبان توليه وزارة الدفاعك افتتاح قاعدة احمد الجابر الجوية وعلى السالم الجوية ولواء الدفاع الجوي ،كما تم تعديل الكثير من القوانين العسكرية، وتم تطبيق التجنيد الالزامي فزاد عدد افراد الجيش .
وفي الفترة الثانية التي استلم فيها وزارة الدفاع 1996م-2000م تم افتتاح كلية القيادة والاركان والعديد من المعاهد العسكرية الاخرى .لقد كان أبا باسل شيخا بكل ما في الكلمة من معنى ، وكان الرجل المناسب لتلك المرحلة المضطربة ،فكان صارما كالسيف،حازم غير متردد، كما كانت له مواقف انسانية لاتنسى لعل اعظمها مواقفه الابوية مع أبناء الأسري والشهداء [1].
 
        في تلك الفترة المضطربة كان رئيس الاركان هو الفريق عبدالله فراج الغانم  المولود عام 1931م ، وهو عسكري مكافح ترقى من جندي الى رئيس أركان الجيش الكويتي بعد دورات عدة  على اللاسلكي معظمها في بريطانيا . كما كان آمر أول لواء كويتي عام  1959م وهو اللواء السادس، وكان نائبه عبدالله عايض العازمي. وقد دخل عبدالله فراج جميع الازمات العسكرية التي مرت بها الكويت حتى تقاعده 1986م، فقد كان مع اللواء الذي وصل الحدود سريعا  أثناء أزمة عبدالكريم قاسم عام 1961م ،حتى أن المسافة كما يقول  بين الجيشين لا تزيد على امتار قليلة في بعض المواقع . كما كان مساعدا لآمر لواء اليرموك الذي غادر لحرب 1967م، وكان على رأس القوة الكويتية التي هاجمتها الطائرات الاسرائيلي في سيناء وتعرضت للضياع .والغانم  أول من شغل منصب القائد في الجيش الكويتي من غير آل الصباح وكان نزيها وعادلا،وحازما،كما كان يملك اخلاق الرجال الذي لوحهم الغوص وحرارة الصحراء، ونجح باقتدار في قيادة الجيش الكويتي أثناء المرحلة الاولى من الحرب العراقية الايرانية .
في 1986م تولى اللواء مزيد الصانع منصب رئيس الاركان في وقت عصيب، ولعل مايميز تلك الفترة اقتراب خطر الحرب العراقية الايرانية من الكويت بوصول النزاع الى شبه جزيرة الفاو، ووصول نيران المتحاربين الى الجزر الكويتية.ثم توقفت تلك الحرب العبثية كما بدأت ، وكان على اللواء مزيد أعادة بناء جيش أرهقه الاستعداد ومراقبة الحدود ثمان سنوات، لكن ما قام به من اعادة اعمار لم يكن ليوقف جراد الشمال البعثي. وفي الثانية والنصف من صباحً يوم 2 اغسطس 1990م حمل أمر الاستعداد القتالي توقيع رئيس الأركان اللواء مزيد الصانع، لكن أول وحدة مقاتلة لم تصبح جاهزة للقتال إلا عند الساعة الخامسة صباحاً، وكان لابد من فك التماس مع العدو وانتقل اللواء مزيد الصانع وقيادات الجيش الكويتي  في فترات متلاحقة لى المملكة العربية السعودية الشقيقة للاستعداد لاستعادة الوطن السليب .
 
كان منصب وزير الدفاع في تلك المحنة العظيمة يشغله  سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح الذي ولد في 1937م وتولي تلك المسئولية في الفترة 1988-1991م .وقد تميزت تلك الفترة بالتحولات الكبرى،حيث اشتدت الحرب العراقية الايرانية لتصل الى اقصى حالات التطرف في التدمير بين المتحاربين. ثم توقفت فتنفست الكويت الصعداء، حيث تمنى العسكريون بعد طول عناء استراحة المحارب المنتظرة . ووضعت خطة تحديث شاملة للجيش الكويتي بعد فترة 8 سنوات من الطوارئ، وتم شراء طائرات أف 18 المتطورة ومنظومات الصورايخ .لكن الايام كانت حبلى بأهم حدث في تاريخ الكويت المعاصر،فحلت كارثة الغزو العراقي الغاشم وما واكبها من قتل وتدمير . واستمر الشيخ نواف الأحمد وزيرا للدفاع  في مرحلة حشد القوات، ثم خلال معارك التحرير حتى تم طرد المعتدين . نعم، كانت هناك قيادة عامة للقوات، وكان هناك الكثير من الضباط المؤهلين تأهيلا عاليا يحددون الأهداف والمهام العملية للجبهات ويخططون ويرسمون مع قوات الحلفاء تفاصيل كل العمليات العسكرية في مسرح عمليات الكويت،ولكن الكلمة الاخيرة كانت دائما لوزير الدفاع، وكانت توجيهاته هي التي تحرك مجمل الجهد. ويحق لسموه القول أنه في عهده وزيرا للدفاع تحررت الكويت من براثن الاحتلال العراقي.
 
يتبع غدا  بالجزء  السادس .... قادة إعادة الاعمار

 

[1] . السويدان و العجمي ،نفس المصدر ،ص.30-32.

ـــــــــــــ


للمزيد من التفاصيل، أنظر إلى الأجزاء السابقة:

قادة الجيش الكويتي منذ النشأة حتى التحرير 1-7

قادة الجيش الكويتي منذ النشأة حتى التحرير 2-7

قادة الجيش الكويتي منذ النشأة حتى التحرير 3-7

قادة الجيش الكويتي منذ النشأة حتى التحرير 4-7

 

د. ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك