التغيير السياسي الخليجي أقرب من حبل الوريد
زاوية الكتابكتب فبراير 19, 2011, 2:10 ص 3158 مشاهدات 0
إن الإمارات والممالك الخليجية ومنذ تأسيسها على يد النظام البريطاني بعد انهيار الدولة العثمانية وتأطيرها باتفاقية سايكس بيكو انغلقت على نفسها بنظام أمني محكم وأيدلوجية اعتقاديه نابعة من تحوير الدين الإسلامي لخدمة الأسر الحاكمة والعمل على مصادرة الأفكار المناهضة والأيدلوجيات المغايرة بالتحالف مع السلطة الدينية ليتمكنوا من الحكم والسيطرة باستخدام نظرية الحق الإلهي فتحالفت السلطة السياسية مع رجال الدين والذين بدورهم نصبوا أنفسهم وكيلا عن الأمة في التنظير والتفكير ومنح المشروعية ففتواهم حق وغيرهم باطل ودينهم سبيل النجاة وغيرهم مبتدعة نهايتهم النار زرعوا العبودية والخنوع في شعوب المنطقة ومنحوا الحاكم قدسية لا يصل إليها بشر سواهم واختزلوا الأمة بجلها في أشخاصهم فكانوا الوحيدين الذين يملكون حق التفكير والتفسير والتعبير نيابة عن الإنسان الخليجي هدفهم أمة جسد بلا روح.
وهنا أصبحت الحكومات الخليجية تعيش بأفكار مخالفة للفطرة الإنسانية منغلقة عن كل ما يدور حولها من تطورات سياسية وأفكار إنسانية، مستقلة بذاتها بعيدة عن كل ما حولها من تطورات سياسية واجتماعية وإنسانية ، فالنظام بقدسيته المصطنعة يصنع الأفكار وينميها ويسوقها بين مكوناته الاجتماعية وهو اللاعب الوحيد بالساحة وتكاد تنعدم أمامه أية مؤسسات اجتماعية أخرى ، وقد نسي أو تناسى بأن مكوناته الداخلية ليست مادة جامدة بل هي بشر لهم أفكارهم وعقائدهم ويؤثر بعضهم في بعض وهم جزء من نظام إقليمي وعالمي يخضعون لتقلباته وأحداثه وتطوراته سلبا وإيجابا .
واستخدمت الأنظمة الحاكمة وسائل عدة لتغييب إرادة شعوبها الحرة ومكونات أمتها الحية فتارة استخدمت الإرهاب الجسدي بقواها الأمنية وتارة أخرى استخدمت الإرهاب الروحي بتجنيد علماء السلاطين فان لم ينفع أي من الأسلوبين السابقين لجأت إلى علاج ناجع مورس لعقود عدة وهو تكميم الأفواه بالسجن أو النفي أو استخدام الإرهاب النفسي بتفعيل الإغراءات المادية السخية خاصة وأن حكومات الخليج تستخدم ثروات باطن جزيرة العرب وظاهرها لشراء الذمم وإفساد كل مصلح.
إن المكر والخداع الذي تمارسه أنظمة المنطقة نجح وببراعة مذهلة في إفساد وتمييع الكثير من الحركات السياسية والشعبية المعارضة لتحويلها من معارضة فعلية حقيقية إلى معارضة صوتية بلا روح ولا هدف ولا انجاز على أرض الواقع وقد وصل بها الأمر إلى توظيف هذه الحركات الإصلاحية لتخذيل أي تحرك تحرري واستغلال القوى السياسية في زرع بذرة الشك في قدرة المجتمع على التغيير من ناحية وشك المجتمع في مصداقية شخصياته ورموزه وتنظيماته من ناحية أخرى وهذا ما يسمى سياسيا بتكيف السلطة.
ويلاحظ أنه عقب السماح بقدر محدود من الحريات السياسية بما يسمح للمعارضة السياسية بممارسة نشاط فعال لفترة مؤقتة ما يلبث أن يعود بعدها النظام الحاكم لقمع الحريات وتضييق الخناق على الأنشطة السياسية للمعارضة وعادة ما يتبع أي إصلاح سياسي تعديلات عرفية أو قانونية أو دستورية تستهدف تعزيز احتكار النظام الحاكم للسلطة السياسية كمنع التجمعات واحتكار الإعلام بالإضافة إلى وصم الإصلاحيين إما بالخيانة أو شق الصف الداخلي وقد يتوازى ذلك مع حملة واسعة النطاق من الاعتقالات السياسية ، فالنظام الحاكم يدير عملية الإصلاح السياسي ويحدد وتيرتها بحيث يراوح النظام السياسي مكانه للحيلولة دون تداول السلطة.
لذا نجد أن مواطني الخليج يعيشون نظام القرون الوسطى في أوربا فالنظام السياسي متمثلا بالأسر المالكة يملك الأرض وما عليها من الأتباع وأفضل وصف للمنطقة أنها إقطاعيات مملوكة تنعدم فيها الحريات فلا أحزاب سياسية ولا انتخابات تشريعية ولا يوجد أية حقوق مدنية أو سياسية كحرية التعبير عن الرأي أو التجمع كما يحظر تشكيل النقابات العمالية والمهنية ويجرم تنظيم الإضرابات والإعتصامات إلى جانب تهميش دور المرأة ولعل الحالة الكويتية – وهي أفضل دول الخليج حرية - أكبر دليل على ذلك فبرغم وجود الدستور والانتخابات البرلمانية إلا أن السلطة الفعلية بيد الحكومة ورجالها فهم الذين يستغلون الدستور والسلطة التشريعية لتكميم الأفواه وكبت الحريات ومنع إنشاء الأحزاب السياسية أو تنظيم المظاهرات أو الاعتصامات ويتم إرهاب المواطنين بقانون الجنسية وهو سيادي لا يسمح للقضاء بالنظر فيه ليتحول المواطن إلى عبد تحت رحمة سيد يعتقد أنه تفضل على الشعب بالسماح لهم بالإقامة في أراضيهم ونسي بأنهم عرب أحرار لهم حقوق في هذه الأرض حتى قبل إبراهيم عليه السلام.
إن حكومات المنطقة لا تعترف بإنسانية مواطنيها وبأنهم من جنس بني آدم لهم كرامة ومشاعر وأحاسيس وقيم وأخلاق فلم تتعظ بما حدث في تونس ومصر لتعامل شعوبها برقي عن طريق محاكاة الحاجات الإنسانية العليا وبدلا من قولها فهمت نعم فهمت ثم نعم فهمت – كما قال طاغوت تونس بعد فوات الأوان- استخفت بشعوبها فهي ترى أن شعوبها وضيعة حقيرة مادية دونية فلجأت لزيادة الرواتب ومنح الهبات والأعطيات ومواد التموين ليؤكدوا للجميع أنهم لا يعرفون شيئا عن كرامة وإنسانية شعوبهم وأنهم بشر أكرمهم الله بقوله (ولقد كرمنا بني آدم) .
كما يخطئ كل الخطأ من يعتقد بأن التغيير الديموغرافي في المنطقة جاء بطريق الصدفة أو استجابة لحاجات المنطقة فجزيرة العرب شهدت تغيرات خطيرة لم يشهد التاريخ الحديث لها مثيلا إلا في حالة سنغافورة حيث استبدل البريطانيون المالاي وهم أصحاب الأرض الأصليين بالصينيين والهنود وقد تم التغيير الديموغرافي في دول الخليج على مرحلتين الأولى التغيير الذي قامت به الأسر الحاكمة وتحت توصية وإشراف انجليزي باستقبال الهجرات من فارس والهند ليدعموا الأنظمة الحاكمة في سيطرتها على المنطقة فتكون حلف طويل الأمد لا زال المتابع للساحة السياسية الخليجية يراه جليا للعيان فأضعفوا شوكة المواطنين الأصليين باستئثار المهاجرين بكافة مؤسسات الدولة لتتمكن الأسر الحاكمة من رقاب العباد وخيرات البلاد.
أما التغيير الديموغرافي الثاني فقد بدأ بعد انتشار الأفكار القومية في خمسينيات القرن الماضي حيث ازداد المد العروبي في المنطقة وتطور الإحساس القومي الذي نادي بضرورة الوحدة العربية وما نتج عنه من تطور طبيعي للمنظمات النقابية والعمالية وهنا عملت دول المنطقة على قطع الطريق أمام أية تنظيمات نقابية أو سياسية باستقدام عمالة أجنبية آسيوية للمنطقة ليتحول العرب إلى أقلية في جزيرتهم ضعيفة شوكتهم وتنظيماتهم ولتثبت حكومات المنطقة أن انتماءها لهذه الأرض معدوم وارتباطها مع أصحابها قائم على نظرية الملكية المطلقة ونظرتهم لا تتجاوز نظرة السيد لعبده الآبق وهذا ما لم يفعله الفرعون حسني مبارك أو الطاغية بن علي.
كما راهنت الأنظمة الخليجية على الأوضاع المادية الجيدة لشعوبها وأن المال يغني عن الكرامة لتؤكد للجميع أنها لا تقرأ التاريخ ولا تفقه شيئا في علم النفس ولا تعرف أخلاق الإنسان العربي فالمال لا قيمة له بلا عزة ولا كرامة والمجتمعات الإنسانية تعيش الفقر والجوع وبرغم ذلك تدعم استقرار أنظمتها السياسية الوطنية الديمقراطية لأنها تحقق لها الحرية والكرامة الإنسانية.
يضاف إلى ذلك كله اعتقاد الأنظمة الحاكمة الخليجية بضعف شعوبها وجبنها وماديتها فلم يكلف المستبد نفسه دراسة تفاعل وتطور مكونات مواطنيه الاجتماعية واستكثر على الإنسان الخليجي إمكانية قيامه من رقوده أو مطالبته بحريته وجهل أن الركود الاجتماعي وان طال به الزمن لا يأسن وسيأتي الوقت الذي تقوم فيه الأمة لتنفض غبار الذل عن جسدها وتطالب بإنسانيتها وتقاتل للحصول على حريتها ولم تستمع حكومات المنطقة طوال العقدين السابقين إلى تعالي الأصوات الوطنية المطالبة بالإصلاح السياسي والمشاركة الشعبية وتطوير هامش الحرية وتحرير الإعلام وحرية الرأي وحق التجمعات والإعتصامات والتظاهرات وحق إنشاء الأحزاب السياسية والجمعيات المهنية والنقابات العمالية.
وبين الحالة المادية والديمقراطية المصطنعة هناك أنظمة خليجية استبدادية لا تعترف إلا بمنطق القوة وتتحدى من لديه القوة للمواجهة كل ذلك عزز سلبا العلاقة ما بين الأنظمة الحاكمة والمواطن والقطيعة بينهما والشعور بسلب الأنظمة الحاكمة لكرامتها وعزتها وحريتها لا حول لهم ولا قوة فهم محرومون من تحديد مسار مستقبلهم أو إدارة أمور بلادهم .
فاستقوت الأنظمة الخليجية بأدوات القهر السياسي المتمثلة بقوات الشرطة والمخابرات لتوظيفها في قمع أي معارضة محتملة لتصبح أداة إذلال للشعوب بدلا من حمايتها لذا خصصت حكومات الخليج جزءاً كبيراً من ميزانياتها لمعدات وتجهيزات قمع المظاهرات والثورات لدرجة أنها تعتبر من أعلى دول العالم في مستوى الإنفاق على الأمن ففكرة قمع أي تحرك سياسي أو شعبي حاضرة في أذهان النظم الخليجية لا تغيب عنها مطلقا وفي دراسة حديثة نشرت مؤخرا(Homeland Security Research Corp, 2010) ذكرت أن حكومات الخليج تأتي بعد الولايات المتحدة الأمريكية في الإنفاق على الأمن الداخلي وتوقعت أن السعودية لوحدها ستنفق 97 مليار دولار أمريكي في الفترة من العام 2010 إلى 2018 كما أوضحت أن السعودية فيها 24 وكالة أمنية مستقلة يتجاوز عدد منتسبيها 250 ألف فرد ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 300 ألف فرد بمعنى إن هناك منتسب أمني واحد لكل 100 مواطن سعودي بما فيهم الأطفال والعجائز والنساء وهي نسبة مرتفعة جدا وربما الأعلى عالميا ودلالاتها تشير إلى عدم الإحساس بالاستقرار السياسي كما أن حكومات الخليج الأخرى ليست بأحسن حال ففي العام الماضي 2010 وقعت صفقات مع شركات أمنية غربية تشمل معدات وأجهزة وتقنيات لمكافحة الشغب وأسوارا أمنية وماسحات ضوئية ونظم رصد ومراقبة وأجهزة رقابة بيومترية وآلات متخصصة لحماية الحدود البرية والبحرية والجوية والقصور الأميرية والملكية.
كما أن استقواء أنظمة دول المنطقة بالقوى الخارجية كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا أثبت بما لا يدع مجالا للشك فشله الذريع بعد سقوط النظم الاستبدادية في تونس والقاهرة فالشعب هو الأساس وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة والنظام العربي المتسلط يتساقط واحدا تلو الآخر والباقي يترنح كما أن الجاليات التي تم توطينها في المرحلة الأولى والمساندة للأنظمة تبقى نسبة ضعيفة جدا مقارنة مع أصحاب الأرض الأصليين من العرب كما ان ولاءها لمصلحتها الخاصة يضاف الى ذلك زيادة شهية مواطني الخليج المهمشين لتغيير أحوالهم وتحسين أوضاعهم ولا حل أمامهم في ظل تعنت أنظمتهم السياسية عدا طريق الثورات الذي أثبت نجاحه ليحقق كرامة الشعوب ولتفرض إرادتها الحرة ولترسم واقعا جديدا على الساحة العربية.
إن الأمر لا يتطلب أكثر من تظاهرة شعبية واحدة لتنهار الأنظمة الشمولية العربية، بعد أن انهارت مصر وتونس خاصة وأن إرادة الشعوب لن تستطيع قوى الأرض كلها مواجهتها يضاف إلى ذلك غنى وتشبع شعوب المنطقة بالعنصر الشبابيفنسبة من هم دون الخامسة عشرة من العمر في الدول الست تتجاوز 35% من إجمالي عدد السكان، أما نسبة من هم فوق 65 سنة من العمر تبلغ 2% حسب تقديرات سنة 2002 بمعنى أن غالب الشعب فتي عاشق للحرية والتغيير ومتابع لانجازات من حوله وذلك يأذن بتفجر المنطقة كلها وانتقالها من تغييب لإرادتها إلى وضع يكون الأمر والنهي فيه للأمة فإحساس الشباب بالفجوة الشاسعة بينهم وبين نظامهم يولد الرغبة الجامحة للتغيير .
وفي ظل ما سبق عرضه فان السؤال الذي لابد أن يطرح هو لماذا الثورات؟ لماذا لا يمكن أن يتم الانتقال في شكل سلمي تطوري طبيعي وسلس وتلقائي؟
إن النظم التسلطية تنطلق من عقيدة وأيدلوجيا لا تعترف بالطرف الآخر وترى في التعددية انهيارا لمكتسباتها التاريخية بل أنها لا تحتمل أن ترى الآخر مساويا لها وهي التي تعودت على استعباد الآخر ولا تشعر بقوتها وعزتها إلا من خلال إذلال الآخر ولا تتمتع بهيمنتها إلا بنهب ممتلكات الآخر فهي عملية نفسية قائمة على فلسفة (أنا ربكم الأعلى) وتمادت هذه الأنظمة في غيها لتحقر إرادة شعبها ولتقول (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) مبدأ كل من اعتنق التوحد في الرأي ومضي فيه بالسلطة والقوة والبطش أزمنة عديدة تغيرت خلاله مفاهيم وتحضرت بداوات وزالت أمم وتقدمت شعوب وبالرغم من ذلك استمرت أنظمة الخليج في تطبيق هذا المنطق العقيم خاصة وإنها تفتقد إلى أي محتوى أيديولوجي لنظام الحكم أو لأسباب وجوده.
إن الأمر بيد حكومات المنطقة ولعلها حريصة كل الحرص على استثارة شعوبها وإشعال الثورات والفتن والأزمات فالأنظمة التي تحرم شعوبها حق التجمع وإبداء الرأي تسعى لدفعهم للثورة والأنظمة التي تمنع شعوبها حق التظاهر والاعتصام تسعى إلى زيادة احتقان وحنق مواطنيها والأنظمة التي تدفع علماءها لتحريم التعاطي بالسياسة وتفتي بتقديس الأمراء والملوك والسلاطين تسعى لاستهجان واحتقار الشباب لكل مدع بولاية الأمر والأنظمة التي تجرم أو تمنع قيام الأحزاب السياسية والنقابات العمالية تتحدى إرادة مواطنيها وتحتقرهم وتنهي كرامتهم والأنظمة التي تمتلئ معتقلاتها بسجناء الرأي تستعجل زوالها وفنائها والحكومات التي لا تقر المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة والحكومات المنتخبة سيكون مصيرها مصير فرعون ولكن علي أيدي من احتقروهم من الذين استضعفوا في أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) إن الأنظمة العربية التي سقطت مارست إذلالا لشعوبها ومنعتهم لحقوقهم وزرعت الفتن والأزمات واستخدمت علماء السوء وقربت كل فاحش وفاسق ومنافق وبذيء وفوق كل هذا استصغرتهم وعبدتهم وحرمتهم من إدارة أمور بلادهم فكان مصيرها الذل والمهانة وتاريخها العار والخزي والزوال.
إن المتغيرات المباركة التي تعصف بالمنطقة والتحولات الشعبية والأفكار الثورية والنجاحات الديمقراطية لن تترك لمستبد مكانا في الدول العربية فالعدوى المباركة لا مناص من زيارتها لجميع العرب والشباب الذين سهرت الأنظمة على تمييع شخصيتهم وتحطيم إرادتهم ومسح كرامتهم سيصرخون عاليا مطالبين بكرامتهم المسلوبة وحقوق أمتهم الضائعة مستلهمين النصر من الثورتين المجيدتين واضعين نصب أعينهم تضحيات شهداء تونس وعلى رأسهم البوعزيزي، وشهداء مصر وعلى رأسهم خالد سعيد، والثوار الأحرار من الشباب في ميدان التحرير بمصر، فالطوفان قادم لا محالة وليس أمام حكومات المنطقة خيارات كثيرة فهي بين أمرين لا ثالث لهما إما أن تمنح شعوبها الكرامة والحرية وتشاركهم السلطة فتنزع فتيل الثورة أو أن تكابر وتعاند شأنها شأن فرعون مصر فتنتزع الشعوب حريتها انتزاعا وعندئذ بالتأكيد لن يكون لهذه الأنظمة تواجد في جزيرتنا وجزيرة آبائنا وأجدادنا العرب الأعزة الأحرار.`
إن عقلانية أي حكومة خليجية في تعاطيها مع متغيرات المنطقة وتكيفها مع المستجدات الإقليمية وتعاملها بكل منطقية وتفهم لأسباب إنشاء الأحزاب السياسية يعتبر خطوة ايجابية ونقطة تحول من نظام شمولي قبلي إلى ديمقراطي شعبي تكون السلطة فيه للأمة فان استغلت الحكومات هذه الفرصة التاريخية لتفتح مجالا أوسع للحريات وقنوات جديدة للتفاهم مع شعبها وعملت على طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة قائمة على تحرير الإنسان الخليجي ومنحه كامل حقوقه السياسية والإنسانية بما فيها الحكومة المنتخبة في ظل تداول سلمي للسلطة بين أحزاب سياسية وطنية نجا الوطن من عواصف الثورات ونعم بالاستقرار ونجت الأنظمة من ردود فعل الثائرين ونعموا بالملك والسيادة وكسبوا احترام شعوبهم وتقديرهم لمبادرة تنم عن حب للوطن والمواطنين وتفهم لمجريات الأمور بما يؤدي إلى زيادة ولاء الشعوب لهذه الأنظمة فيجب أن تتخذ دول المنطقة خطوات إصلاحية حقيقية لا التفاف فيها أو استغباء لشعوبها لتحويل أنظمتها من أنظمة استبدادية شمولية إلى ديمقراطية السلطة فيها للأمة وتكون فيها الأمة مصدر السلطات جميعا فان بادرت أمنت الانفجار والتغيير وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ولا شك من حدوثه لمن لم يفهم إلى الآن نظرية السقوط المتسارع للأنظمة.
للتواصل [email protected]
تعليقات