التحول الديمقراطي لارجعة فيه
زاوية الكتابعلى الكويت تفعيل منظمات العمل المدني تلافيا للاحتقان
كتب فبراير 19, 2011, 2:05 ص 3088 مشاهدات 0
في أعقاب اجتماع الدول الثمانية ، وعدد من كبار المسؤولين العرب في مدينة سي آيلاند بولاية جورجيا الأميركية في 10 و 11 يونيو عام 2004 جاءت مبادرة الشراكة بين حكومات الدول الصناعية ودول الشرق الأوسط مع مؤسسات المجتمع المدني ، وقد أثارت في حينها مخاوف حلفاء واشنطن التقليدين واعتبروها تهديداً للإستقرار وتخريباُ للعلاقة التاريخية التي ربطتهم بالولايات المتحدة ، وقد تشكل فيما بعد مسمى ' الفوضى الخلاقه ' الذي جاء على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس في حديثها مع صحيفة 'الواشنطن بوست' بتاريخ 9 /4 /2005م ، والذي أيدت فيه التحول الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط، حتى وإن أدى هذا التحول إلى استبدال الأنظمة الموالية والحليفة وصعود التيارات الإسلامية للسلطة.
بداية الانطلاقة الأولى لـ 'منتدى المستقبل ' وهو الآلية التي وضعت لتنفيذ وثيقة الشراكة المذكورة كانت في 25سبتمبر2004 ، في فندق ' والدوف استوريا ' في نيويورك ، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حين أعلن وزير الخارجية المغربي ، محمد بن عيسى ، ' أنّ المغرب يشرفه أن يستضيف منتدى المستقبل الأول ' ، وأعقبه المنتدى الثاني في البحرين عام 2005 ، ثم الأردن واليمن والدورة الخامسة في أبو ظبي ، وهذه المبادرة تهدف إلى تقديم الدعم في مجالات التطوير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، من خلال طرح العديد من القضايا كالديمقراطية والإصلاحات المؤسساتية وإشراك المجتمع المدني في تدبير الشأن العام .
وعندما تمكنت حركة الإخوان المسلمون في مصر رغم الضغوطات والعقبات الكثيرة من الفوز ب88 مقعداً في البرلمان المصري في انتخابات 2005 وبعد انتصار حركة حماس في انتخابات نزيهة وشفافة ، كان على الإدارة الأميركية أن تقف لحظة تأمل وتراجع حساباتها حين تعالت أصوات من داخل الإدارة الأميركية تدعو صراحةً إلى تقديم اعتبارات الأمن القومي على الرغبة في وضع العالم العربي على طريق الديمقراطية ولكن الشرارة كانت قد أوقدت بأيدي نشطاء مؤسسات المجتمع المدني الذين استغلوا هذا التوجه الذي الزمت به الادارة الاميركية حلفاءها في الشرق الأوسط .
وقد اشار إلى ذلك الرئيس المصري السابق حسني مبارك في خطابه الأول عندما قال أن ما يحدث في مصر الآن من تظاهرات وما شهدناه خلال الأعوام القليلة الماضية ما كان لها أن تتم لولا المساحات العريضة للحريات التي أتاحتها خطوات الإصلاح ولولا ما تشهده المنطقة من تفاعل غير مسبوق لقوى المجتمع المدني !
ولايتسع المجال لمتابعة تاريخية تفصيلية لخطوات الحراك المدني في جميع دول المنطقة فقد تفاعلت مع الأحداث بشكل واسع ومتسارع خلال السنوات الخمس الماضية ، ففي الكويت شهد عام 2005 اشهار عدد من جمعيات النفع العام الأمر الذي كان يعكس موافقة الدولة على تعزيز مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في التنمية الاجتماعية وترسيخ مفهوم العمل المدني ولكن وفاة الأمير الراحل جابر الأحمد رحمه الله خففت من هذه الوتيرة ثم عاد الحراك الاجتماعي في يوليو 2006 من خلال حملة شبابية تدعو إلى تعديل الدوائر الإنتخابية ، وتزامن ذلك مع تقديم عشرات الآلاف من أبناء الشعب البحريني عريضة للأمين العام للأمم المتحدة مطالبين بإقرار دستور يلبي حقوق المواطنين المدنية والسياسية .
نحن إذن أمام تحول ديموقراطي عارم في المنطقة بدأ منذ خمس سنوات من خلال مؤسسات المجتمع المدني يتجه نحو اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي جذري وإطلاق للحريات العامة يجب على الحكومات العربية احترامه والنزول عند رغبة وتطلعات شعوبها ، ولن تجدي محاولة منعه أو عرقلته.. فالرصاصة قد أنطلقت .
عمر العصيمي
المركز الكويتي لحقوق الجاليات
تعليقات