وائل الحساوي بعد زيادة الرواتب والعلاوات، برأيه يقود ذلك إلى الى افلاس مبكر لخزينة الدولة ؟!
زاوية الكتابكتب فبراير 17, 2011, 2:42 ص 2669 مشاهدات 0
د.. وائل الحساوي / نسمات / أجيالنا القادمة ... اعذرونا على أكل حصتكم !
بداية، أبارك لكل من قامت الحكومة بزيادة راتبه أو علاواته، وأمر طبيعي أن يحرص الإنسان على العيش الكريم في بلد غني، وأتمنى أن تجد المشاريع الاقتصادية التي تعود على المواطن بالخير والرفاه طريقها الى التطبيق، ولكن يجب أن يكون كل ذلك ضمن خطط واضحة تأخذ بالاعتبار المساواة النسبية بين الناس فلا يُعطى بعضهم دون حساب ويُنسى آخرون وكأنهم غير موجودين، كذلك لابد من حساب المستقبل وما يمكن أن يطرأ من تغيرات في ظل التزايد الكبير في أعداد السكان وفي ظل التقلبات المحتملة لأسعار النفط، فمقولة: «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» تدل على قمة التخلف والتواكل الذي يخالف العقل والدين.
يذكر تقرير الشال الأخير أن استمرار الانفاق الحالي أمر مستحيل، فهذه عملية تصفية لا عملية بناء، وأن اعتمادات النفقات العامة ستبلغ 36.7 مليار دينار بعد 6 سنوات.
يرسم التقرير منحنى بيانياً للانفاق خلال الـ 22 سنة الماضية تبين بأن الانفاق الحكومي قد زاد خلال الاثنتي عشرة السنة الأولى بنسبة 20 في المئة سنوياً بينما ارتفع خلال العشر سنوات اللاحقة بنسبة 450 في المئة، ولا يقابل ذلك الارتفاع اي تنويع لمصادر الدخل بل الاعتماد شبه الكلي على دخل النفط.
وليت الموضوع يتوقف عند ذلك لكننا نشاهد الشهية مفتوحة على المزيد من الانفاق على كل شيء: للمرأة وعلاوة الأولاد وفوائد القروض والبطالة ودعم السلع وغيرها، وهو ما يقود حتماً الى افلاس مبكر لخزينة الدولة، وللأسف انه لا أحد يريد تعليق الجرس وايقاف تلك الحنفية الهادرة خوفاً من أن يتم اتهامه بأنه يعمل لغير صالح الشعب، حتى في اجتماعات المجلس الأعلى للتخطيط يطرح أعضاء المجلس قضايا مهمة ويحذرون الحكومة من هذا النمط الخاطئ في الصرف، لكن الرد الدائم من الحكومة هو أن ضغط النواب عليهم يجعلهم يتنازلون عن معارضتهم، وهكذا يضيع البلد وسط المزايدات الرخيصة.
هنالك انعكاسات خطيرة على المجتمع من نمط الانفاق الحالي قد لا نشعر بها الآن، ومنها أن عملية تشجيع الشباب على الانخراط في القطاع الخاص قد أصبحت من الماضي السحيق بل وانعكس الأمر إلى هجرة القطاع الخاص الى الحكومة بأعداد كبيرة، أما الانعكاس الأهم فهو أن المواطن الذي يتمتع من حكومته بتلك المزايا ويعيش ملكاً في مجتمعه، فإنه بدلاً من أن يشجعه ذلك على بذل الجهد لرفعة بلاده فإن كثيراً من الناس قد أصيب بداء «البلادة» ولم يعد يهتم بالعمل أو بذل الجهد، وآخرين قد ازداد طمعهم في المزيد من الكنوز وأصبحوا يشكلون عامل ضغط على نوابهم ووزرائهم ليقدموا المزيد، وبدأت تأتينا الاقتراحات العجيبة التي تحلب أمنا (الحكومة) حلباً، فهل هذا هو المجتمع المثالي الذي ننشده؟!
د. وائل الحساوي
تعليقات