عن أخر الساقطين 'مبارك' يكتب صالح الشايجي: قبل سقوطه سقطت قيم ومبادئ لا اخلاقية، قوامها الفساد والانتهازية ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2660 مشاهدات 0


آخر الساقطين 
 
الثلاثاء 15 فبراير 2011 - الأنباء 
 
  

لم يكن حسني مبارك هو الأول أو الوحيد الذي اسقطته ثورة الشبان المصريين، بل ربما يكون هو آخر الساقطين لا أولهم.

قبل سقوط مبارك سقطت قيم ومبادئ لا اخلاقية، قوامها الفساد والانتهازية والاستغلال والمحسوبية والرشوة والوصولية وغيرها من قيم عششت وسادت وانتشرت وصارت هي الأصل لا الاستثناء.

ولكن ما يجب التدقيق عليه ونحن في صدد التشريح والتحليل هو ان هذه القيم لم تولد مع اعلان مبارك رئيسا لمصر، بل انها كانت قائمة وموجودة قبل مولده الرئاسي، وقبل ان يدق له السلام الجمهوري الأول وقبل ان يجلس جلسته الأولى على العرش.

لقد ولدت هذه القيم أيام عبدالناصر الذي اوجدها من أجل توطيد نظام حكمه المهزوز، لذلك اطلق ايدي الضباط ليرتشوا ويسطوا ويستولوا على كل ما كان يتم التحفظ عليه من القصور الملكية وسواها من ممتلكات أسر العهد الملكي، وبذلك تمكن عبدالناصر من شراء ذمم أولئك الضباط وولائهم، أما الذين لم يسايروه في هذا الركب من أصحاب الذمم والضمائر فقد تخلص منهم بالابعاد او فرض الاقامة الجبرية عليهم، كما حدث مع قائده محمد نجيب الذي تغدى به مبكرا، ثم تعشى بالبقية، والوحيد الذي سلم من الغداء والعشاء هو أنور السادات والذي خلفه في رئاسة الجمهورية.

وفي عهد السادات توحشت هذه القيم واستشرت لاسيما مع بدء مرحلة الانفتاح الاقتصادي والتي خلقت أباطرة جددا للمال، وفيها عرفت مصر وللمرة الأولى ما يسمى بـ «القطط السمان» وكان نجمها او ابرز نجومها السيد أشرف مروان المبعوث الخاص للرئيس السادات وصهر الرئيس جمال عبدالناصر.

في العهود الثلاثة الناصري والساداتي والمباركي كان النظام الرئاسي نظاما احتكاريا، بمعنى الرئاسة حتى الموت، فعبد الناصر حكم حتى موته من 1954 حتى 1970 والسادات من 1970 حتى مصرعه في 1981 وكان مبارك يخطط لذلك ثم توريث ابنه ولكن ثورة الشبان كانت اسبق من الموت ومن التوريث.

وهذا يؤدي بنا الى الاستنتاج ان احتكار السلطة مفسدة وباب كبير يدخل منه الفساد والمفسدون، يتحول معه الحكم الى باب للرزق والنهب والاستيلاء على ثروات البلدان، وتمكين المحاسيب والحاشية والانتهازيين من تملك ما لا يحق لهم تملكه.

ومن معايشتي ومتابعتي للواقع المصري في سنواته الأخيرة كنت استغرب مما تنشره الصحف المصرية من قضايا فساد واستغلال واضحة كل الوضوح وبالدلائل الدامغة، ورغم هذا تمر الأمور مرور الكرام ولا من يحاسب او يعاقب.

ولعل بطل المرحلة «المباركية» في هذا الخصوص هو السيد أحمد عز المتنفذ الكبير في المجتمع السياسي والمالي والذي قدرت ثروته بعشرات المليارات من الدولارات، رغم انه كان عازف طبلة في فرقة موسيقية، ولكن قربه من ابن الرئيس السيد جمال مبارك هو الذي أوصله الى ما هو فيه، وهذه صورة من صور الاستغلال والفساد التي اطاحت بها ثورة الشبان المباركة.

صالح الشايجي

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك