قناة الجزيرة 'علبة الكبريت' التي أحرقت مبارك- قصة يرويها لنا وليد الطبطبائي ؟!

زاوية الكتاب

كتب 4512 مشاهدات 0


ديوان العرب
 

علبة الكبريت التي أحرقت مبارك

 
كتب , د.وليد الطبطبائى
 
 

 
قبل نحو عشر سنوات زار الرئيس حسني مبارك دولة قطر واجتمع مع الأمير حمد بن خليفة وتناول حوارهما قناة الجزيرة التي كانت وقتها قناة ناشئة اجتذبت جمهورا واسعا في العالم العربي، وبينما كان مبارك يوجه ملاحظات وانتقادات للقناة قال له الشيخ حمد: ما رأيك ان نخرج الآن ونزور الجزيرة؟
وبالفعل خرج الاثنان في موكب الى مبنى القناة وكان الوقت متأخرا ليلا وفوجئ العاملون في النوبة الليلية بدخول الأمير وضيفه العربي الكبير من دون مقدمات، الرئيس مبارك جال ببصره في مبنى القناة مستغربا – وكان وقتها مبنى متواضعا وليس اكبر من فيلا صغيرة – ولم يكن هناك سوى طاقم من بضعة افراد يديرون البث فما كان من مبارك الا انه قال ساخرا: «الله.. علبة الكبريت دي هي اللي عاملة الدوشة دي كلها»؟
سمعت هذه القصة قبل سنوات من احد العاملين في «الجزيرة» ولم استغرب، فالرئيس مبارك وغيره من الرسميين العرب طالما نظروا الى الاعلام على اساس حجم المباني وارتفاعها وجيوش العاملين وارقام الميزانيات وليس المضمون والمحتوى، ولاشك ان مبارك قارن بين الجزيرة التي اجتذبت عشرات الملايين من المشاهدين العرب وبين مبنى الاذاعة والتلفزيون في مصر وغيرها من المؤسسات الاعلامية الحكومية التي يقال ان عدد العاملين فيها يتجاوز السبعين الفا لكن تأثيرها لا يتعدى حدود مصر هذا اذا افترضنا انها تتمتع بأي مصداقية عند الجمهور المصري.
ولا أقول ان «الجزيرة» جيدة أو سيئة ولا احاول هنا ان اقيمها موضوعيا، ولكن لا يجادل عاقل على حجم تأثيرها الجماهيري الهائل في العالم العربي، ولا اظن ان الثورة المصرية الاخيرة كانت ستحقق نفس النتائج وبالسرعة التي حققتها لولا الدعم الكاسح والهجومي الذي قدمته «الجزيرة» لها اذ كانت رأس الحربة في تحشيد الجماهير ضد النظام المصري حتى لحظة التنحي.
ولا يعلم الا الله لماذا اتخذت «الجزيرة» هذا الموقف الحاد ضد نظام مبارك ولماذا تبنت – بل قادت – ثورة الشباب المصري، ولعل وراء الأمر تصفيات شخصية بين حكومتين ولعله أمر آخر، لكن العبرة التي اريدها هنا هي كم يكون أي نظام حكم مكشوفا اعلاميا وهدفا سهلا للضرب الاعلامي حين يفتقد الى القاعدة الاخلاقية لوجوده، ولا اظن ان أي نظام حكم عربي سيتوفر له من القدرات الاعلامية المحلية ما توفر للنظام المصري لكنها صارت جميعا هباءًَ منثورا امام «علبة الكبريت» الاعلامية الخارجية لان الاعلام المصري – وغيره في العالم العربي – كان له جمهور من شخص واحد هو السيد الرئيس، وسبحان الله ما ان تنحى مبارك حتى انقلبت عليه وسائل اعلامه وصحفه التي سبحت بحمده ثلاثين عاما.
وقصة اخرى عن «الجزيرة» - وعلى ذمة الراوي – تقول ان الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل التقى بأمير قطر فامتدح بشدة قناة «الجزيرة» فقال له الشيخ حمد ان الجزيرة صارت تسبب لقطر كثيرا من الحساسيات والمشاكل مع حكومات صديقة وانه يفكر احيانا بتسكيرها «اغلاقها»، فما كان من هيكل الا ان قال: «لا يا سمو الأمير، انت تسكر قطر ولا تسكرش الجزيرة».
 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك