متدينو الهشك بشك خربوا المجتمع.. عنوان مقالة يروى فيها جاسم محمد الشمري واقعة حقيقية

زاوية الكتاب

كتب 545 مشاهدات 0



 متدينو الهشك بشك خربوا المجتمع
جاسم محمد الشمري 

 
نقل لي من أثق به رواية حدثت قبل سنوات قليلة عن كاتب صحافي ظاهره التدين والالتزام وملخصها أن هذا الأخير بعث بمقالته إلى الصحيفة التي يكتب لها وفيها شن هجوما صارخا على اتحاد الجمعيات التعاونية واتهم إدارته بالتقصير والقصور وما إلى ذلك من تهم تبرز مقدار حرصه على الصالح العام وعلى استتباب الإصلاح وتكريس مفهوم النقد اللاذع للشخصيات العامة المقصرة لأجل البناء وتحسين الأداء وفضح المهملين.
ويضيف محدثي أنه كان يتولى مسؤولية في هذه الصحيفة الأمر الذي استوجب منه مراجعتها ولأن علاقة صداقة تربطه بالمستهدف من مقالة الكاتب المتدين وجد نفسه يتصل بصديقه لينقل له أمر هذا النقد اللاذع فما كان من الأخير إلا أن ضحك وقال انتظرني عشر دقائق.
وهنا استند محدثي إلى كرسيه واستجمع نفسه ثم ضحك ليتابع القول: أتدري أن هذا الكاتب اتصل بعد عشر دقائق فقط ليطلب إيقاف المقالة وليستأذن باستبدالها بأخرى تصل إلى الصحيفة في غضون عشر دقائق إضافية، وكانت المفاجأة انقلابا كليا في موقف الكاتب إذ سطر أرجوزة مدح لا مثيل لها باتحاد الجمعيات.
يضيف: هنا اتصلت بصديقي لأنقل له أمر هذا التحول المفاجئ ففاجأني بالسؤال قبل أن أخبره بأي شيء: هل بعث مقالة جديدة، قلت: نعم ولكن لماذا هذا التحول، فما كان منه إلا أن قال: الكاتب كان يلح في أمر تعيينه في الاتحاد وحينما لم يجد آذانا صاغية اختار أسلوب الابتزاز وهنا أوصلت رسالة إلى طرف مشترك مفادها أن الاتحاد في حاجة إلى خدمات هذا الكاتب وأنني أبحث عنه منذ مدة لأنقل إليه الخبر.
هذا الكاتب لم يتحصل على فرصة العمل الموهومة ولم يكن قادرا على سحب كلامه المنمق عن الاتحاد غير أن الأخطر في ظني أن يشكل أمثال هؤلاء الرأي العام، ولأن ظاهرهم الصلاح فإن المخدوعين بهم كثر وربما لذلك كثر الخبث إذ لا يتصدى إلى تشكيل قناعات الأفراد إلا من باع دينه بدنياه، وربما لذلك أيضا انتشرت ثقافة الهشك بشك وسياسة الرقص على المتناقضات.

 
 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك