عن ثورة الشعب المصري يكتب ذعار الرشيدي: المظاهرات كانت عفوية، نعم عفوية بفكر مشترك واحد

زاوية الكتاب

كتب 532 مشاهدات 0


الشعب المصري.. حليم غضب 
 
الثلاثاء 1 فبراير 2011 - الأنباء

من لم يتنشق الهواء المختلط بصرخات الشباب المصري الغاضب لا يعرف شيئا عن حقيقة ثورة الشباب المصري، من لم تدمع عينه أو يتحشرج صوته جراء دخان القنابل المسيلة للدموع أو حتى يشتم رائحتها بعد إلقائها في الأيام الأولى للمظاهرات لا يعرف شيئا عما يدور في ذلك البلد العظيم، من لم ينزل الشوارع وتحتك كتفه بكتف السائرين الباحثين عن حرية وطنهم مصر حتى ولو كان مروره عرضيا أو مصادفة بالقرب من أي من تلك المظاهرات لا يفقه شيئا عما حصل منذ يوم الـ 25 من يناير.
من لم تمتلئ أسماعه بهتافات الجماهير الحية، وينصت إلى كامل أحاديثهم الجانبية لا يعرف شيئا ولا يفقه شيئا، من ينظر ويتحدث ويحلل وهو يستمع للفضائيات وينظر من وراء الشاشة معتمدا على تقرير إخباري من هنا وتغطية تلفزيونية من هناك هو كاذب لا يعرف شيئا عن حقيقة ثورة الشباب المصريين الذين أحالوا شوارع القاهرة إلى شرايين تنبض بالحياة.

من رأيتهم خلال 5 أيام لم يكونوا طلاب سلطة ولا حتى طلاب ثأر بل طلاب حق وباحثين عن وطن ضاع منهم.

ومن لا يعرف المصريين ولم يعاشرهم في وطنهم ويأكل ويشرب معهم، ويستمع إلى البسطاء منهم ويحاورهم خلال تلك الأيام الـ 5 ويستمع إلى أمانيهم وأمنياتهم وأحلامهم ورؤيتهم البسيطة للأحداث يعلم يقينا أنهم شعب ثار بحثا يبحث عن وطنه داخل وطنه، فالأمر إنسانيا أكثر من كونه سياسيا أو موجها ضد أحد.

أغلب من ركب موجة المظاهرات سواء كان من حاول ركوب موجتهم سياسيا عجوزا أو داعية تلفزيونيا أو وجها حزبيا متسلقا أو باحثا عن الشهرة أو حتى قوة عظمى كانوا جميعهم يريدون حصاد ما زرعته أيادي شباب مصري حقيقي رفعوا صوتهم انتصارا لوطنهم وليس انتصارا لأشخاص أو رموز سياسية أو أحزاب أو أيديولوجيات.

المظاهرات كانت عفوية، نعم عفوية بفكر مشترك واحد عنوانه «لنبحث عن وطننا الذي أضعناه»، بعيدا عن الفلسفة السياسية والتنظير والتحليل، وبعيدا عمن حاول استغلال الأحداث للنيل من سمعة مصر فضائيا لتنفيذ أجندة لاتزال مجهولة، من خرج إلى الشوارع هم المصريون الحقيقيون المعروفون بأنهم أكثر الشعوب طيبة وحلما، فكل ما حصل أن الحليم قد غضب.

الكل أراد أن يفسر تلك المظاهرات بحسب هواه السياسي، وكل أراد أن يستفيد من تلك المظاهرات حتى ولو من أجل أن يظهر لدقيقتين على أي من الفضائيات، فجاءت معظم تفسيراتهم خطأ.

المظاهرات وقودها كان الشباب المصري الحقيقي والذي لم نسمع له صوتا من سنوات بعيدة، ولم يكن يعلم أحد أن الشاب المصري كان يخفي تحت رماد صمته جمرا من الغضب.

لم يغضب المصريون هذه المرة من أجل رغيف الخبز ولا بسبب البطالة ولا بسبب الفساد، ولا حتى أيضا من أجل الحرية أو كرها في النظام، بل غضبوا من أجل مصر وانتصارا لمصر وتأكيدا على مصريتهم الحقيقية التي غابت صورتها عنا وضاعت منهم لبعض الوقت.

اطمئنوا، مصر بخير وستظل بخير مادام شبابها الذين انطلقوا بالمظاهرات هم انفسهم من حموها في ظل غياب الأمن وشكلوا بوعي كامل جماعات أمن شعبية، مصر بلد مؤسسات وستظل بخير، مصر تعرضت لما هو أقسى وأشنع وسرعان ما تعافت ونهضت من جديد أبهى وأجمل.

مصر ليست بلدا هشا ولا ميتا بل بلد ينبض بالحياة منذ 7 آلاف سنة، فاطمئنوا، ستظل تنبض بالحياة وتعود أكثر شبابا من ذي قبل.

مصر قد تغفو قليلا أو تشيح بوجهها لعام أو عامين أو حتى عقد من الزمان وربما تتكاسل ولكنها بلد لا يموت، والشباب المصري قد «يطنش» لبضع الوقت و«يكبر دماغه» عن بعض الأشياء ولكنه وفي سبيل وطنه لا يرضى أن يجنح للصمت.

اللهم احفظ مصر وشعبها وأمنهم، وأجعل الأيام القادمة عليهم أمنا وسلاما.

إلى كل أصدقائي في القاهرة: بعضكم تعود علاقتي به إلى 20 عاما وبعضكم صادقته بعد مزاملتي له في جامعة القاهرة وبعضكم جمعتني به المصادفة وكثير منكم جمعتني به الصحافة، بلدكم هي أجمل بلدان الأرض وستظل كذلك وجمالها يكمن في شعبها قبل جمال أرضها.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك