عن قرار ترحيل الجلسات يكتب المقاطع، لا وجود له قانونا، وليس له محل من الناحية الدستورية

زاوية الكتاب

كتب 1892 مشاهدات 0


الديوانية 
المحكمة الدستورية 

كتب محمد عبدالمحسن المقاطع : 

 
لم يكن خيار الحكومة باللجوء إلى المحكمة الدستورية لطلب تفسير عدد من مواد الدستور المتعلقة تحديدا باستجواب رئيس مجلس الوزراء، والذي اتخذته في اجتماعها المنعقد يوم الإثنين الموافق 24 يناير، قرارا صائبا من الناحية الدستورية، خصوصا أن مجريات الأحداث البرلمانية وسياقها أصبحت بعيدة عن متناول الموضوع، على اثر انتهاء الموضوع الخاص باستجواب رئيس مجلس الوزراء، فالحكومة قد اختارت أن تتصدى لاستجوابات رئيس الوزراء وتقبلها، وهو في رأيي قرار سليم في قبول المساءلة السياسية ومواجهتها في إطارها البرلماني دون جزع أو تردد، ومن ثم فإن تفكيرها وقرارها فيما بعد، بأن تلجأ للمحكمة الدستورية طلبا للتفسير، هما ضرب من ضروب التنقيح لأحكام الدستور، إذ ان اللجوء إلى المحكمة الدستورية في هذه الحالة هو طلب للاستفتاء بالرأي من قبل المحكمة، وهو أمر خارج الولاية المطلقة والاختصاص الدستوري للمحكمة الدستورية، التي ليست، ولم تكن يوما من الأيام جهة للإفتاء بالرأي القانوني، وفي طريقة تقديم الطلب الذي قررت الحكومة تقديمه تحويلا للمحكمة من محكمة للفصل بمنازعة بمفهومها الواسع، كما قررت المحكمة في أكثر من قرار تفسيري لها، إلى مجرد جهة للإفتاء أو للتحكيم في منازعات سياسية ذات طبيعة برلمانية، وهو ما يخرج عن نطاق المحكمة ولائيا واختصاصيا، ومن ثم نتمنى أن تسحب الحكومة طلب التفسير هذا، لأنه إقحام للمحكمة الدستورية في المسائل السياسية دون أن يكون لهذا الأمر أي وجهة من الناحية القانونية.
ومن جهة أخرى، فإن المحكمة الدستورية سبق أن تم اللجوء إليها لتفسير النصوص المتعلقة بالاستجواب، شاملة في ثناياها استجواب رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم فإن المحكمة الدستورية قد استنفدت دورها التفسيري في التصدي لهذا الموضوع، وعليه فإن العودة لها مرة أخرى تؤكد محاولة إقحام المحكمة في نزاع سياسي وتحكيم، باعتبارها جهة إفتاء لا محكمة للفصل في المنازعات وهو أمر غير جائز، نتمنى معه للاعتبارات السابقة أن ترفض المحكمة قبول هذا الطلب حفاظا على استقلالها وحيادها ودورها المرسوم بالدستور (وستكون لنا دراسة مفصّلة حول هذا الموضوع).
والأمر اللافت هو ذاك القرار الذي أعلنه رئيس مجلس الأمة في جلسة يوم الثلاثاء 2011/1/25، معلنا تأجيل اجتماعات مجلس الأمة لمدة تزيد على الشهر، وهو موضوع يخرج عن نطاق اختصاص مجلس الأمة بصفة مطلقة، فعلى الرغم من أن مجلس الأمة أُعطي حق مد مدة فصله التشريعي بصفة استثنائية وبحالة الحرب وبشرط صدور قانون، فإنه لم يُمنح من الناحية الدستورية حق تأجيل جلساته لمدة زمنية تتجاوز الشهر، إذ ان مثل هذا الحق هو من اختصاص سمو الأمير، بشرط صدوره بمرسوم وبمدة لا تتجاوز شهرا واحدا في دور الانعقاد الواحد حسب المادة 106 من الدستور، ومن ثم لا يملك مجلس الأمة مثل هذا الحق، وقد يجادل البعض بأن ذلك إجازة، وإجازة المجلس هذه إن صحّ قبولها لا تكون إلا بقرار صريح من المجلس يوضح أنها إجازة حتى يتم حسابها من مدة أربعة أشهر المقررة في المادة 85 من الدستور، وعليه فإن قرار المجلس بتأجيل الجلسات ليس له محل من الناحية الدستورية، فهو قرار لا وجود له قانونا، لخروجه عن صلاحية المجلس بصفة مطلقة... اللهم إني بلغت.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك