وائل الحساوي يرفض استقالة الطبطبائي ووزير الصحة لأن فى الاستقالة استسلام لرموز الفساد هو غاية المنى لكل مفسد
زاوية الكتابكتب نوفمبر 25, 2007, 7:57 ص 402 مشاهدات 0
وهل تصلح الأموال ما أفسدته الصحة؟!
تعودت أم أحمد كلما مضت بضعة أسابيع أن تنادي خادمتها لتعطيها كيسا مملوءا وتطلب منها إلقاءه في القمامة، سألتها: ما هذه الأكياس التي تتخلصين منها كل فترة من الزمن؟! قالت: إنها أدوية آخذها من المستوصف ومن المستشفى وتزيد على حاجتي فأتخلص منها. سألتها: ولكن لماذا تأخذين أكثر من حاجتك من الأدوية؟! قالت: إن الأطباء كرماء أكثر من اللازم فهم يصفون لنا الــدواء لثلاثة أشهر، فإذا راجعناهم بعد شهر أعطونا الوصفة نفسها، وكذلك الصيادلة يعطون بغير حســـاب وأحــــيانا دون وصفات.
بداية فإن الشكر موصول لصاحب السمو أمير البلاد على إعطائه التعليمات لجعل ميزانية الصحة مفتوحة وحتى لا يتعذر المسؤولون بعدم وجود الميزانية الكافية، ولكن المشكلة لا تكمن في ضعف الميزانية فقط وانما هي أبعد بكثير من ذلك، أولها ما ذكرناه سابقا من أن الدول التي نجحت في توفير الرعاية الصحية لشعبها قد طبقت نظام التأمين الصحي للجميع بحيث يدفع المواطن جزءا من راتبه للتأمين الصحي وبالمقابل يتمتع بخدمة عالية تتناسب مع ما يدفعه، والأهم من كل ذلك هو ان ذلك النظام يمنع الهدر في صرف الأموال على خدمات لا حاجة لها مثل ما ذكرناه عن أم أحمد، وقد يكون الأسوأ من مثال أم أحمد هو ما يفعله بعض السماسرة من أخذ الأدوية المجانية من الصحة ثم بيعها أو إعادة تصديرها أو ارسالها لاقربائهم في الخارج، والحالات في ذلك أكثر مما تعد وتحصى.
كذلك فإن الإنسان المؤمن على نفسه صحيا سيطالب الدولة بتحسين الخدمة أو يحاسبها لأنه يدفع من حرّ ماله، وهنالك نسبة كبيرة من الموظفين في الولايات المتحدة يحصلون على التأمين الصحي من جهة عملهم فبذلك يوفرون مبالغ التأمين ويحصلون على خدمة جيدة.
أما الأمر الآخر في تحسين الأوضاع الصحية فهو القضاء على الروتين الحكومي القاتل وجعل وزارة الصحة وزارة خدمية بحتة بدلا من التقاتل على المناصب والتنافس المذموم وطرد الكفاءات، ولا بد من التوسع في بناء المستشفيات والمراكز الصحية، فعيب علينا ألا نكون قد بنينا أي مستشفى جديد منذ عام 1980 بالرغم من جميع الامكانات المتوافرة، وقصة الحجر الأساس لمستشفى الشيخ جابر رحمه الله في جنوب السرة تثير الضحك والاشمئزاز في الوقت نفسه، حيث يحدثني أحد قياديي الهيئة العامة للاسكان بأن طوابير من «اللوريات» كانت تحمل الرمل لتضعه في منطقة الحجر الاساس للمستشفى، والكاميرا تصورها ذهابا وايابا، وكانت اللوريات تدور في حلقة كبيرة ثم ترجع مرة أخرى دون أي تفريغ للشحنات «لزوم الاستعراض»، وحتى يومنا هذا لم نشاهد أي مستشفى يبنى.
إذاً فالحرمنة وفساد الذمم هي ما تجب محاربته لا ضخ أموال في غير مكانها، وقد انفقت الدولة السنة الماضية 450 مليون دينار في رحلات سياحية علاجية لغالبية من السكان لا تستحقها، فكم ستنفق زيادة لاصلاح الصحة ان كان هذا هو التخطيط الذي يقوده سماسرة شراء الذمم وتخريب الانتخابات البرلمانية ومجلس الأمة؟!
لا نرضى باستقالتكما
بالطبع نحن لا نرضى باستقالة الدكتور وليد الطبطبائي ولا وزير الصحة عبدالله الطويل إذا لم تصلح الصحة في شهر أو شهرين لأن اصلاح الصحة كما ذكرنا ليس كاصلاح سيارة او طائرة ولكنها مرحلة طويلة ومؤلمة وتحتاج الى مواجهة مع رموز الفساد، واستسلام النائب والوزير لرموز الفساد هو غاية المنى لكل مفسد، ولكن اعملا ونحن معكما لاجتثاث جميع رؤوس الفساد بإذن الله.
د. وائل الحساوي
تعليقات