قد تقوم لدينا ثورة بنغالية بسبب جشع بعض الكفلاء وشركات استقدام العمالة برأى د.محمد القزويني
زاوية الكتابكتب يناير 21, 2011, 12:27 ص 571 مشاهدات 0
الأنباء
لا ثورة كويتية بل.. ربما بنغالية
الجمعة 21 يناير 2011 - الأنباء
جاء الدرس هذه المرة من تونس وعسى ألا نجد أحدا يقول لنا ان تونس تحاول تصدير الثورة تلك الدعوة الفارغة التي يراد منها حجب تفاعل الشعوب وتناغمها مع الأعراس التي تقيمها الشعوب الأخرى بدمائها، وزخرفها بدمه هذه المرة شعب تونس لتكون ناقوسا يقرع في آذان الديكتاتورية والاستبداد فله منا ومن كل حر أبهى التحيات.
المهم ان تونس الخضراء سطرت رسالتها الحمراء لتقرأها كل الحكومات العربية وحتى غير العربية كي تلتفت لشعوبها وتحسن أحوالهم المعيشية ولعل أقطار المغرب العربي أكثر الناس المعنيين بذلك لتشابه الظروف من محدودية الموارد الاقتصادية وتزايد السكان وقلة فرص العمل مع كثرة الخريجين والمؤهلين في حيث تتركز الثروة والغنى في أيد فئة قليلة، فعسى الله أن يهديهم ليصلحوا أمورهم، فما حصل في تونس وقع على أبوابهم، غير أن الغريب أن تنطلق الدعوات هنا محذرة الحكومة الكويتية من مصير كمصير الرئيس التونسي المخلوع القمعي الاستبدادي بل وتدعوها للاستقالة قبل أن يثور الشعب عليها كما ثار شعب تونس وهي لعمري دعوات تعبر أيضا عن مقدار الكره الذي يضمره البعض لرئيس الحكومة شخصيا وان أطرت بإطار مطلب شعبي ناصح، فلا وجه للمقارنة أو المشابهة لأن في الكويت مساحة حرية تسمح للجميع بإبداء الرأي والاعتراض بصوت مرتفع ضد أعلى رأس في الحكومة وفي الكويت حرية اقتصادية متاحة للجميع وان استغلها البعض للمتاجرة بالسموم والمحرمات وإطعام الناس مواد فاسدة منتهية الصلاحية وفي التلاعب بالأسعار وفي الكويت رواتب عالية مع عمل قليل وانجاز شحيح من قبل بعض من يدعو للإطاحة بالحكومة بدعوى الظلم والقهر.
الخلاصة أن مقومات الثورة في الكويت كتلك التي وجدت في تونس غير موجودة وما تطلق من دعوات رغم خطورتها النوعية ما هي إلا محاولة للضغط على الحكومة. نعم قد تقوم لدينا ثورة بنغالية بسبب جشع بعض الكفلاء وشركات استقدام العمالة التي لم تكتف بقضم الجزء الأكبر من الرواتب التي تدفعها الحكومة لهذه العمالة بل أضافت إليها عدم دفع الرواتب لشهور وتركهم يعيشون في ظروف صعبة تفتقر لأقل المتطلبات الإنسانية. ورغم الاحتجاجات الكثيرة التي قامت بها مجموعة العمال البنغال ورغم وعد ووعيد الحكومة بإرغام تلك الشركات التي لم تأبه لسمعة الكويت الدولية أو الدواعي الإنسانية والإسلامية فان الأمور لم تتغير كثيرا وتبقى الاحتجاجات البنغالية قائمة وان كمنت ويبقى الحقد الغاضب يغلي في النفوس ولا ندري فعلا متى ينفجر بركان ذلك الغضب وماذا ستكون نتائجه وتداعياته.
إن كان ثمة درس فهو لتلك الشركات التي تمارس امتهان تلك العمالة بكل استهتار وتمنعهم من ابسط حقوقهم وان كان ثمة درس فهو لأولئك النواب والمتنفذين الذين يقفون حجر عثرة في طريق تنفيذ القانون ويعملون على منع الحقوق من أن تصل لأصحابها وان كان ثمة درس فهو لتجار العقارات وملاكها سكنية كانت أو تجارية الذين ما فتئوا يتسابقون في رفع إيجاراتهم غير مبالين بمحدودية الرواتب وجمودها والتي إن زيدت فان زيادتها تذهب في قسمها الأكبر لجيوب أولئك الملاك المنتفخة أصلا كي تتبدى منها على ارض الجشع والطمع التي يفترشها أولئك الملاك فيخلقون غلاء مصطنعا للأسعار. وإذا كانت ثورة تونس اندلعت بسبب إحراق بائع نفسه لمنعه من التكسب المشروع فمن يضمن لنا ألا يقوم مستأجر بعمل مماثل ليثير المشاعر ومن يضمن أيضا ألا يقوم عامل بنغالي بلغ به اليأس أعلى درجات القنوط لقتل نفسه أو «معزبه» لأنه لم يتسلم مستحقاته التي هي من حقه.
تعليقات