رسالة فى صبر أم على البلاء يرسلها محمد الملا إلى أهل المطيري

زاوية الكتاب

كتب 796 مشاهدات 0


الشاهد

إلى أهل المطيري     
Thursday, 20 January 2011 
محمد الملا
عندما   يبتلى المؤمن عليه التوكل على الله سبحانه واللجوء إلى ملك الملوك،   فما حصل لمحمد   غزاي   المطيري   كارثة إنسانية بكل المعاني   وقد أصابت الجميع بالذهول أن تحصل جريمة التعذيب والقتل على أيدي   بعض رجال الأمن،   وعلى الحكومة أن تعي   بأنه   يتطلب علاج الأوضاع الخطأ في   وزارة الداخلية وأن   يصبح رجال الأمن الدواء لمعالجة هموم المواطنين والوافدين وليس القيام بجرائم التعذيب فهي   مرفوضة ممجوجة،   ومن هذا المنطلق أذكر عائلة المطيري   بحادثة رواها د .  خالد الجبير لتكون عبرة،   وتخفف من مصابهم ..  وإليكم أحداثها :
قصة رواها الأستاذ د .  خالد الجبير استشاري   جراحة القلب والشرايين    في   محاضرته القيـّمة  » أسباب منسية «  فأعيروني   انتباهكم فالقصة مؤثرة ولنا فيها بإذن الله العظة والعبرة .. يقول :  في   أحد الأيام أجريت عملية جراحية لطفل عمره سنتان ونصف  ..  وكان ذلك اليوم هو   يوم الثلاثاء،   وفي   يوم الأربعاء كان الطفل في   حيوية وعافية ..  يوم الخميس الساعة   11 . 15   ولا أنسى هذا الوقت  -  للصدمة التي   وقعت  -  اذ بإحدى الممرضات تخبرني   بأن قلب وتنفس الطفل قد توقفا عن العمل،   فذهبت إلى الطفل مسرعاً   وقمت بعملية تدليك للقلب،   استمرت   45   دقيقة وطول هذه الفترة لم   يكن قلبه   يعمل  ..  وبعدها كتب الله لهذا القلب أن   يعمل فحمدنا الله تعالى،   ثم ذهبت لأخبر أهله بحالته  ..  وكما تعلمون كم هو صعب أن تخبر أهل المريض بحالته إذا كانت سيئة  ..  وهذا من أصعب ما   يتعرض له الطبيب ولكنه ضروري  ..  فسألت عن والد الطفل فلم أجده لكني   وجدت أمه  ..  فقلت لها إن سبب توقف قلب ولدك عن العمل هو نتيجة نزيف في   الحنجرة  ..  ولا ندري   ما سببه،   وأتوقع أن دماغه قد مات فماذا تتوقعون أنها قالت؟
هل صرخت؟ هل صاحت؟ هل قالت أنت السبب؟
لم تقل شيئا من هذا كله بل قالت الحمد لله،   ثم تركتني   وذهبت .
بعد   10   أيام  ..  بدأ الطفل في   التحرك فحمدنا الله تعالى واستبشرنا خيراً   بأن حالة الدماغ   طبيعية ..  وبعد   12يوما   يتوقف قلبه مرة أخرى بسبب هذا النزيف  ..  فأخذنا في   تدليكه لمدة   45   دقيقة ولم   يتحرك قلبه  ..  قلت لأمه هذه المرة لا أمل على ما أعتقد  ..  فقالت الحمد لله  ..  اللهم إن كان في   شفائه خير فاشفه   يا رب .
وبحمد الله عاد القلب للعمل ولكن تكرر توقف قلب هذا الطفل بعد ذلك   6   مرات  ..  إلى أن تمكن اختصاصي   القصبة الهوائية بأمر الله أن   يوقف النزيف ويعود قلبه للعمل،   ومرت   3   أشهر ونصف والطفل في   الإنعاش لا   يتحرك  ..  ثم ما إن بدأ بالحركة وإذا به   يصاب بخراج   ٍوصديد عجيب   غريب عظيم في   رأسه لم أر مثله،   فقلنا للأم إن ولدك ميت لا محالة  ..  فإن كان قد نجا من توقف قلبه المتكرر فلن   ينجو من هذا الخراج  ..  فقالت الحمد لله ثم تركتني   وذهبت  ..  بعد ذلك قمنا بتحويل الحالة فورا إلى جراحي   المخ والأعصاب  ..  وتولوا معالجة الطفل ..  وبعد ثلاثة أسابيع بفضل الله شفي   الطفل من هذا الخراج  ..  لكنه لا   يتحرك،   و بعد أسبوعين   يصاب بتسمم عجيب في   الدم،   وتصل حرارته إلى   41 . 2   درجة مئوية  ..  فقلت للأم :  إن دماغ   ابنك في   خطر شديد لا أمل في   نجاته  ..  فقالت بصبر ويقين :  الحمد لله  ..  اللهم إن كان في   شفائه خير فاشفه  ..  بعد أن أخبرت أم هذا الطفل بحالة ولدها الذي   كان   يرقد على السرير رقم   5  ..  ذهبت للمريض على السرير رقم   6   لمعاينته  ..  وإذا بأم هذا المريض تبكي   وتصيح وتقول   يا دكتور   يا دكتور،    الحقني   يا دكتور حرارة الولد   37 . 6   درجة راح   يموت راح   يموت  !
فقلت لها متعجبا :  شوفي   أم هذا الطفل الراقد على السرير رقم   5  ..  حرارة ولدها   41   درجة وزيادة وهي   صابرة وتحمد الله  !
فقالت أم المريض صاحب السرير رقم   6   عن أم هذا الطفل  .. ( هذه المرأة مو صاحية ولا واعية ) ،   فتذكرت حديث المصطفى  |  الجميل العظيم  ( طوبى للغرباء ) ..  مجرد كلمتين،   لكنهما كلمتان تهزان أمة .
لم أر في   حياتي   طوال عملي   لمدة   23   سنة  ..  في   المستشفيات مثل هذه الأخت الصابرة إلا اثنتين فقط،   بعد ذلك بفترة توقفت الكلى  ..  فقلنا لأم الطفل :  لا أمل هذه المرة لن   ينجو  ..  فقالت بصبر وتوكل على الله تعالى الحمد لله وتركتني   ككل مرة وذهبت  .  دخلنا الآن في   الأسبوع الأخير من الشهر الرابع  ..  وقد شفي   الولد بحمد الله من التسمم  ..  ثم ما إن دخلنا الشهر الخامس إلا ويصاب الطفل بمرض عجيب لم أره في   حياتي،   التهاب شديد في   الغشاء البلوري   حول الصدر  .. وقد شمل عظام الصدر وكل المناطق حولها  ..  ما اضطرني   إلى أن أفتح صدره وأجعل القلب مكشوفا بحيث إذا بدلنا الغيارات ترى القلب   ينبض أمامك  .
عندما وصلت حالة الطفل لهذه المرحلة ..  قلت للأم :  خلاص هذا لا   يمكن علاجه بالمرة لا أمل لقد تفاقم وضعه !  فقالت الحمد لله كدأبها  ..  ولم تقل شيئا آخر،   مضى الآن علينا ستة أشهر ونصف وخرج الطفل من الإنعاش .
لا   يتكلم،   لا   يرى،   لا   يسمع،   لا   يتحرك،   لا   يضحك وصدره مفتوح ..  ويمكن أن ترى قلبه   ينبض أمامك  ..  والأم هي   التي   تساعد في   تبديل الغيارات صابرة ومحتسبة،   هل تعلمون ما حدث بعد ذلك؟وقبل أن أخبركم  ..
ما تتوقعون من نجاة طفل مر بكل هذه المخاطر والآلام والأمراض؟ وماذا تتوقعون من هذه الأم الصابرة أن تفعل وولدها أمامها على شفير القبر،   ولاتملك من أمرها الا الدعاء والتضرع لله تعالى،   هل تعلمون ما حدث بعد شهرين ونصف للطفل الذي   يمكن أن ترى قلبه   ينبض أمامك؟ لقد شفي   تماما برحمة الله عز وجل جزاءً   لهذه الأم الصالحة،   وهو الآن   يسابق أمه على رجليه كأن شيئاً   لم   يصبه !  وقد عاد كما كان صحيحا معافى لم تنته القصة بعد فما أبكاني   ليس هذا  ..  ما أبكاني   هو القادم :  بعد خروج الطفل من المستشفى بسنة ونصف ..
يخبرني   أحد الإخوة في   قسم العمليات بأن رجلا   ً   وزوجته ومعهم ولدان   يريدون رؤيتك  ..  فقلت من هم؟ فقال إنه لا   يعرفهم .
فذهبت لرؤيتهم وإذا بهم والد ووالدة الطفل الذي   أجريت له العمليات السابقة  .. عمره الآن   5   سنوات مثل الوردة في   صحة وعافية  ..  كأن لم   يكن به شيء ومعهم أيضا مولود عمره   4   أشهر !  فرحبت بهم وسألت الأب ممازحا   ًعن هذا المولود الجديد الذي   تحمله أمه  .. هل هو رقم   13   أو   14   من الأولاد ؟
فنظر إلي   بابتسامة عجيبة  ( كأنه   يقول لي :  والله   يا دكتور إنك مسكين)ثم    قال لي   بعد هذه الابتسامة :  إن هذا هو الولد الثاني  .. وإن الولد الأول الذي   أجريت له العمليات السابقة هو أول ولد   يأتينا بعد   17   عاما من العقم،   وبعد أن رزقنا به،   أصيب بهذه الأمراض التي   تعرفها .  لم أتمالك نفسي   وامتلأت عيوني   بالدموع  .. وسحبت الرجل لا إراديا   ً   من   يده ثم أدخلته في   غرفة عندي  .. وسألته عن زوجته،   قلت له من هي   زوجتك هذه التي   تصبر كل هذا الصبر على طفلها الذي   أتاها بعد   17   عاما من العقم؟
لابد أن قلبها ليس بورا   ً   بل هو خصبٌُُُ   بالإيمان بالله تعالى،   هل تعلمون ماذا قال؟ أنصتوا معي   يا إخواني   و   يا أخواتي  .. فيكفيكن فخرا   ًفي   هذا الزمان أن تكون هذه المسلمة من بني   جلدتكن،   لقد قال :  أنا متزوج من هذه المرأة منذ   19   عاماً،   وطول هذه المدة لم تترك قيام الليل إلا بعذر شرعي   وما شهدت عليها   غيبة ولا نميمة ولا كذب،   واذا خرجتُ   من المنزل أو رجعتُ   إليه تفتح لي   الباب  .. وتدعو لي،   وتستقبلني   وترحب بي   وتقوم بأعمالها بكل حب ورعاية وأخلاق وحنان،   ويكمل الرجل حديثه ويقول  .. يا دكتور لا أستطيع بكل هذه الأخلاق والحنان الذي   تعاملني   به زوجتي  .. أن أفتح عيني   فيها حياءً   منها وخجلا   ً   ؛ .. فقلت له  :  ومثلها   يستحق ذلك بالفعل منك .  انتهى كلام الدكتورخالد الجبير حفظه الله وأقول :  إخواني   و أخواتي  ..
قد تتعجبون من هذه القصة ومن صبر هذه المرأة  ..
ولكن اعلموا أن الإيمان بالله تعالى حق الإيمان  .. والتوكل عليه حق التوكل،   والعمل الصالح هو ما   يثبت المسلم عند الشدائد والمحن  .. وهذا الصبر هو توفيق من الله تعالى ورحمة .
يقول الله تعالى : < ولنَبْلُوَنَّكُمْ   بِشَيْءٍ   مِّنَ   الْخَوفْ   وَالْجُوعِ   وَنَقْصٍ   مِّنَ   الأَمَوَالِ   وَالأنفُسِ   وَالثَّمَرَاتِ   وَبَشِّرِ   الصَّابِرِينَ   الَّذِينَ   إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ   قَالُواْ   إِنَّا لِلّهِ   وَإِنَّـا إِلَيْهِ   رَاجِعونَ   أُولَـئِكَ   عَلَيْهِمْ   صَلَوَاتٌ   مِّن رَّبِّهِمْ   وَرَحْمَةٌ   وَأُولَـئِكَ   هُمُ   الْمُهْتَدُونَ >. ( سورة البقرة ).
ويقول النبي  |: » ما   يصيب   ُ   المسلم   َ   من نصب   ٍ   ولا وصبٍ   ولا هم   ٍ   ولاحزن ولا أذىً   ولا   غم  ..  حتى الشوكة   يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه «.
فاستعينوا إخواني   و أخواتي   بالله واسألوه حوائجكم وادعوه وحده والجأوا اليه في   السراء والضراء إنه تعالى نعم المولى ونعم النصير .
والحافظ الله   ياكويت .

تعليقات

اكتب تعليقك