قبول استقالة الخالد برأي أحمد الديين، استحقاق سياسي حتى يكون عبرة لأي وزير داخلية مقبل
زاوية الكتابكتب يناير 19, 2011, 2:11 ص 941 مشاهدات 0
التعذيب نهج وليس ممارسات فردية!
كتب احمد الديين
صحيح ما يقوله المثل السائر “الخير يخصّ والشرّ يعمّ”... وصحيح أيضا أنّ هناك ضباطا وضباط صف ورجال شرطة ومباحث شرفاء يقومون بواجبهم الأمني بمهنية واقتدار، منهم مَنْ قدم روحه فداء للوطن أو شهيدا للواجب... ولكن في المقابل، ليس صحيحا إطلاقا ذلك الوصف الحكومي التبسيطي الوارد في بيان مجلس الوزراء عن جلسته الأخيرة، الذي وصف ما تعرّض له المغدور محمد غزاي الميموني المطيري رحمه اللّه من تعذيب وحشي وقتل عمد بأنّه “تصرفات فردية”... إذ يكفي دليلا على أنّ التعذيب في أمن الدولة والمخافر وتحديدا لدى المباحث لم يعد مجرد “تصرفات فردية” وإنما أصبح نهجا متّبعا ويكفي أن نتذكر قتل المرحوم عامر خليف العنزي في فبراير من العام 2005 بعد أيام قلائل من استسلامه المشهود مترجلا من دون أي إصابة إثر الاشتباك المسلح، وأيضا ما سبق أن تعرض له الزميل الإعلامي عادل عيدان مراسل “العربية” السابق في الكويت من تعذيب وحشي نشرت الصحف وقائعه... وكذلك ما تعرّض له الحدث السعودي من ممارسات إجرامية معيبة... بل يكفي أن نقرأ ما تسرّب من اعترافات أحد المتهمين بالتعذيب لندرك أنّ هناك توجيهات صادرة لهم من رؤسائهم بممارسة التعذيب، ليس في هذه الجريمة فقط، حيث يقول المتهم: “الضباط الكبار يقولون لنا سووا جذي... وألحين يوقفون ضدنا”!
وبالتأكيد فإنّ هناك العديد من القضايا، التي نظرتها المحاكم وأصدرت فيها أحكاما بالبراءة لمتهمين جرى انتزاع الاعترافات منهم بالتعذيب، وهناك شكاوى كثيرة عن التعذيب تحويها ملفات القضايا في النيابة العامة والمحاكم، وحوادث شهيرة أخرى نشرتها الصحافة المحلية والعربية، ناهيك عن أنّ هناك من بين ضحايا التعذيب مَنْ لم يتمكن من كشف ما تعرّض له، خصوصا من الوافدين، إما لما سبق نشره عن الوفاة “منتحرا بشنق نفسه في المخفر”، أو جراء الإبعاد الإداري عن البلاد!
ومن ثَمَّ فإنّ الوصف الحكومي التبسيطي للتعذيب وليس فقط جريمة القتل العمد بعد التعذيب بأنّه مجرد “تصرفات فردية” دليل واضح على عدم جدّيّة الحكومة في ادعائها رفض التعذيب... فالاعتراف بالخطأ أو بالأحرى الاعتراف بالخطيئة هو المؤشر الأهم على الصدقية من عدمها في مثل هذه المواقف، أما الإنكار والتهوين فهما جزء من التعمية والتضليل.
وعندما نقرأ ما تسرّب من اعترافات المتهمين بجريمتي التعذيب والقتل العمد فسنجد أمامنا كما هائلا من السلوكيات الإجرامية والممارسات غير القانونية المعتادة في المخافر والمباحث، وليس بالضرورة أن تنحصر في مخفر الأحمدي وحده... فهناك تلفيق اتهامات... وهناك تزوير “مضبوطات”... وهناك تعذيب يتم في جواخير خاصة... وهناك احتجاز غير قانوني لأشخاص في مخافر الشرطة والمباحث لمدد تزيد عن مدة الأيام الأربعة المقررة في قانون الإجراءات الجزائية وذلك من دون إحالة المحتجز بصورة غير قانونية إلى جهات التحقيق أو النيابة العامة... وهناك محتجزون لا يتم تسجيل أسمائهم في دفاتر الأحوال... وهناك شهادات زور... وهناك ضغوط مباحثية على الأطباء لإجبارهم على تغيير التقارير الطبية... وهناك تستّر متعمّد على جرائم التعذيب... وهذا كله يعني بوضوح أنّ التعذيب أصبح نهجا متّبعا ولم يعد مجرد “تصرفات فردية” مثلما تدعي الحكومة.
وأمام مثل هذا الوضع المؤسف، فإنّ قبول استقالة وزير الداخلية هو أبسط استحقاق سياسي ليكون قبول الاستقالة عبرة لأي وزير داخلية مقبل، فالوزير الحالي مسؤول سياسيا عن أخطاء بل جرائم وزارته، ومسؤول عن محاولته البائسة لتضليل مجلس الأمة... أما إقراره لاحقا بأنّ هناك مَنْ ضلله هو شخصيا فإنّ هذا في حدّ ذاته سبب إضافي لعدم أهليته لتولي المنصب الوزاري، خصوصا بعد انكشاف الفضيحتين السابقتين لمؤتمر التضليل الصحافي وندوة التضليل التلفزيونية عن قمع المواطنين والنواب المجتمعين في ديوان النائب الدكتور جمعان الحربش... وبالتالي فقد أصبح الاستجواب ملحا وليس مستحقا فقط بعد انكشاف الفظائع وافتضاح الوقائع، ولم يعد هناك أي مبرر لتأجيله اللّهم سوى التهاون والتراخي والتواطؤ.
تعليقات