تعاطف نواب المعارضة مع أحداث الثورة التونسية جاء فقط وفي هذا الإطار من العناد السياسي الذي وصل إلى حد كسر العظم، برأى د.حسن جوهر

زاوية الكتاب

كتب 1179 مشاهدات 0



الجريدة

ماذا في تونس وماذا في الكويت؟!
د. حسن عبدالله جوهر

 
بالتأكيد هناك فوارق شاسعة بين نموذجنا السياسي والنظام التونسي، ومهما اختلفنا وصولاً إلى استجواب رئيس الحكومة وطلب طرح الثقة بالوزارة كاملة يبقى ذلك في إطار اتفاق الأطراف كلها وبموجب أحكام الدستور، ولا يمنع شيء من الشعور بالسعادة إذا ما تنفست الشعوب الصعداء وخطت نحو المزيد من الحرية والديمقراطية والأمن والأمان كما يحدث الآن في تونس.
على غرار نظرية الفنان الراحل نهاد قلعي الشهيرة في مسلسل 'صح النوم'، والقائلة 'إذا أردت أن تعرف ماذا في إيطاليا فعليك أن تعرف ماذا في البرازيل؟'، حاول بعض السياسيين والمتسيسين إسقاط أحداث الثورة الشعبية التونسية على الأوضاع المحلية في الكويت سلباً أو إيجاباً.
وتبعاً لحالة الاستقطاب الحاد ووصولها إلى درجة الخلاف من أجل الخلاف خصوصاً بين عدد من النواب لم تكن مفاجأة على الإطلاق أن يصطف بعض نواب المعارضة مع الجانب الشعبي في تونس، والإشادة الكبيرة بالحراك الشبابي الذي أسقط الرئيس زين العابدين بن علي ودعوة الحكومة إلى الاستفادة من ذلك الدرس، في مقابل نواب المولاة الذين أغضبتهم تلك التصريحات واعتبروها تحريضاً على النظام السياسي الكويتي!
ومن يتابع عن كثب المواقف النيابية المتعاكسة والمتباينة بشراسة خلال السنوات الثلاث الماضية تحديداً يدرك تماماً أن التفاعل والتعاطي مع أحداث الثورة التونسية جاء فقط وفي هذا الإطار من العناد السياسي الذي وصل إلى حد كسر العظم، بل ضمن المسار الطبيعي لهذا الاصطفاف الحاد.
ولذلك لم يكن مستغرباً أن يدفع بعض النواب وبقوة باتجاه استقالة الرئيس التونسي والاحتفال والترحيب بانتصار المعارضة، وفي نفس الوقت لم يكن مستغرباً حتى لو ناشد البعض الآخر من النواب الرئيس بن علي بالعدول عن استقالته وإعلان التأييد له وأن الشعب يقف وراءه، فأصبحنا بالفعل مصداقاً لمقولة حسني البرزان ولكن بتوسع أكبر مفاده 'إذا أردنا أن نعرف ماذا في أي بقعة في العالم يجب أن نعرف ماذا في الكويت؟!
ورغم حالة الاحتقان السياسي المزعج، فإنه ينبغي أن نشيد بانتفاضة الشعب التونسي وشجاعته وإصراره على النصر من خلال عزل رئيسه الذي حكم بقبضة من الحديد والنار، وصادر كل معاني الحرية والكرامة، وفي أجواء من الإرهاب بشتى صنوفه ووسط تأييد من القوى الغربية، خصوصاً الدول الأوروبية التي تنتصر عادة للنملة في أي مكان في العالم، ولكنها لم تشر في يوم من الأيام إلى جرائم النظام التونسي لحماية استثماراتها هناك.
وبالتأكيد هناك فوارق شاسعة بين نموذجنا السياسي والنظام التونسي، ومهما اختلفنا وصولاً إلى استجواب رئيس الحكومة وطلب طرح الثقة بالوزارة كاملة يبقى ذلك في إطار اتفاق الأطراف كلها وبموجب أحكام الدستور، ولا يمنع شيء من الشعور بالسعادة إذا ما تنفست الشعوب الصعداء وخطت نحو المزيد من الحرية والديمقراطية والأمن والأمان كما يحدث الآن في تونس، كما ينبغي الاستفادة من تجارب الدول والأمم وأخذ العبر منها لاسيما ما يتعلق بالحراك الشبابي وحماستهم وكبريائهم في حال التعرض لكرامتهم وضربهم في الشوارع لمجرد إبداء الرأي.
فتحية إلى الشعب الشقيق في تونس ممزوجة بالدعوة الصادقة والأماني المخلصة بالتوفيق في المراحل القادمة ولمزيد من الاستقرار والتنمية والازدهار، والدعوة موصولة لنا في الكويت ولجميع الأطراف بأن يكون الاختلاف والرأي الآخر في إطار من الاحترام المتبادل، وأن نغير مقولة نهاد قلعي لتصبح 'نريد العزة والكرامة والأمان والديمقراطية للشعب التونسي كما نحبها للكويت'!

 

 

 

تعليقات

اكتب تعليقك