دم المطيري هو القشة التى قسمت ظهر البعير بالنسبة للخالد في كلاكيت ثالث مرة ـ د.حسن جوهر

زاوية الكتاب

كتب 3134 مشاهدات 0



الجريدة

دم المطيري!
د. حسن عبدالله جوهر

 
البيانات والتصريحات الإعلامية والمؤتمرات الصحفية لوزارة الداخلية جاءت في معظم الأحداث غامضة ومتناقضة ولا تصمد أمام الحقائق التي تكتشف لاحقاً، وارتكبت الداخلية نفس الأخطاء في القضية الأخيرة باستعجالها بإصدار بيان حول ظروف وفاة المواطن في أثناء التحقيق حتى قبل صدور تقرير الطب الشرعي والتقرير الأولي من مستشفى شركة النفط.

مرة أخرى تعود وزارة الداخلية إلى سطح الصفيح السياسي الساخن، وعلى خلفية استخدام العنف والتعذيب أيضاً، وفي ظل مصيدة التسلل المنصوبة والمرصودة لوزير الداخلية الذي تعرض لاستجوابين خلال الفصل التشريعي الحالي، الذي لم يكمل نصف دورته بعد!
وجاءت قضية وفاة المواطن محمد المطيري في ظروف غامضة وفي أثناء التحقيق، وما أثير حول تعرضه للضرب المؤدي إلى الموت لتكون بمنزلة القشة التي قد تقصم ظهر البعير بالنسبة للوزير الشيخ جابر الخالد الصباح في كلاكيت ثالث مرة.
فوزارة الداخلية خلال السنوات القليلة الماضية على أقل تقدير لم تكن موفقة إلى حد كبير في التعامل مع الحدث الميداني، ووقعت في الكثير من التناقضات في شرح ملابسات عدة قضايا على علاقة مباشرة بالأمن العام وسلامة المواطنين وكرامتهم، بدءاً بقضية التأبين وأحداث الصباحية وملاحقة المرشحين في أثناء الانتخابات الماضية، مروراً بالإفراج عن المتهمين الإيرانيين على ذمة قضايا تزوير وتهريب، وانتهاءً بأحداث الصليبيخات ووفاة المواطن المطيري.
فالبيانات والتصريحات الإعلامية والمؤتمرات الصحفية لوزارة الداخلية جاءت في معظم هذه الأحداث غامضة ومتناقضة ولا تصمد أمام الحقائق التي تكتشف لاحقاً، وارتكبت الداخلية نفس الأخطاء في القضية الأخيرة باستعجالها بإصدار بيان حول ظروف وفاة المواطن في أثناء التحقيق حتى قبل صدور تقرير الطب الشرعي والتقرير الأولي من مستشفى شركة النفط، وكان حرياً بالوزارة أن تكتفي ببيان مقتضب تبين فيه الوفاة وتؤكد القيام بالتحقيق وانتظار التقارير الطبية وتحرص على محاسبة المقصرين إذا ما ثبتت المسؤولية على أي من رجالاتها.
فالحفاظ على كرامة الإنسان وإن كان متهماً وحتى مداناً مسألة مبدئية لا يمكن تجاوزها، وكذلك سمعة أفراد الداخلية والجهاز المؤتمن على أمن البلاد والعباد لا تقل أهمية في ضرورة الحفاظ على هيبة القانون والنظام العام، وكل ذلك يجب أن يكون في إطار من الشفافية والصراحة أيا كانت النتائج.
ويبدو أن وزارة الداخلية تعلمت الدرس ولو متأخرا في بيانها 'التصحيحي' أمس وبعد مرور عدة أيام على الحادث بوجود شبهة جنائية في وفاة المواطن المطيري وإحالة القضية إلى النيابة، ولكن بعد تشكيل لجنة تحقيق برلمانية والإعلان عن مساءلة جديدة للوزير المختص، الأمر الذي يزيد من حالة التأجيج السياسي والتوتر بين المجلس والحكومة.
ولهذا فإن المطلوب من الطرف الآخر المتمثل في مجلس الأمة عدم القفز من جديد إلى الاستجواب كردة فعل، خصوصاً بعد تشكيل لجنة التحقيق وإمهالها مدة أسبوعين فقط لثلاثة أسباب: الأول الوصول إلى معلومات دقيقة ودامغة من جميع الأطراف، وكشف التفاصيل للرأي العام لتعزيز المصداقية البرلمانية التي يتربص بها البعض بالتشكيك والاتهام والتأزيم، والثاني المحافظة على وحدة الصف بين الأعضاء، خصوصاً بعد الاستجواب الأخير والتحرك الجماعي في حالة وجود مادة حقيقية تستدعي المساءلة من جديد.
أما السبب الثالث فهو تحقيق العدالة بالنسبة للضباط والأفراد المتهمين بهذه القضية، حيث لا تكون الإدانة والمحاسبة إلا بالأدلة القاطعة من جهة، وحتى لا يضيع دم المواطن المطيري في أتون السياسة من جهة أخرى!

تعليقات

اكتب تعليقك