الرئيس لن يحصل غدا على الأغلبية برأي جوهر

زاوية الكتاب

الحكومة ارتضت بالنجاح جوازا، وبأصوات 25 نائبا فقط لاغير

كتب 12698 مشاهدات 0

د.حسن جوهر

خطان أحمران!
د. حسن عبدالله جوهر
 
يظل الاستجواب الأخير هاجساً مخيفاً رغم طي صفحته غداً، وعلى الجميع أن يفكر بصدق وإخلاص ورجاحة عقل في كيفية سداد فاتورته باهظة الثمن، حيث تركت شروخاً عميقة في جدار الوحدة الوطنية وطفحت على سطحه أسوأ صور الطائفية البغيضة والانقسام المناطقي والفئوي وضرب أبناء القبائل الكويتية.

وفق القرارات النهائية قبل جلسة الخامس من يناير يبدو أن الحكومة قد حصلت على بطاقة العبور من الاستجواب المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء ولو بأغلبية ضئيلة جداً قد تكفل بقاءها دستورياً للفترة القادمة، ولكنها بالتأكيد تعرضت لهزة سياسية عنيفة سيبقى تأثيرها لفترة طويلة.

ومن الواضح أن الحكومة في تعاطيها مع ملف الاستجواب الأخير قد اختارت طريق المواجهة حتى النهاية وقبلت بتحدي كسر العظم فحبست أنفاسها حتى الرمق الأخير حتى ضمنت الرقم 25 لكسب ثقة المجلس، وارتضت بالنجاح جوازاً وبتأييد حقق الوزراء الذين تم استجوابهم في الفصل التشريعي الحالي نتائج أفضل منها بكثير، على الرغم من قوة الآلة الإعلامية لديها هذه المرة وتصدي النواب لزملائهم النواب نيابة عنها وتهييج الشارع برمته وحتى إقحام المقام السامي في أتون الخلاف السياسي من أجل إجهاض الاستجواب.

وإذا كانت الحكومة قد كسبت هذه الجولة أيضاً، ففي المقابل نجحت المعارضة في خلق جبهة شعبية عريضة وبدماء شبابية جديدة للدفاع عن الحريات وأوصلت رسالة بليغة مفادها أن الندوات والمحاضرات والتجمعات وقوة الطرح فيها وانتقاد الحكومة دون سقف محدد سمة كويتية مستمدة من منهل الديمقراطية والحرية لا يمكن وقفها أو الحد منها خصوصاً في عالم المعلوماتية والإنترنت و'الفيس بوك' و'التويتر'.

وبمعنى آخر، إذا كان استجواب رئيس الوزراء أو سحب الثقة منه خطاً أحمر في العرف الحكومي وهذا ما كشفت عنه الأيام الأخيرة بتداعياتها وأسلحتها الإعلامية والسياسية ووسائل الضغط لديها، فقد ظهر خط أحمر آخر وهو الحرية والكرامة الشعبية التي لا يمكن تجاوزها أو الحد منها أو إطفاء شمعتها وكلفتها العالية جداً.

ولهذا فقد حصلت الحكومة على مرادها من الأصوات بينما استمرت الندوات والمسيرات في الطرف الآخر وعلى وتيرة متزايدة جماهيرياً بعد أحداث الصليبيخات ولم تجرؤ الحكومة ولا قواتها الخاصة على تكرار ضرب الناس أو الشخصيات السياسية أو أعضاء مجلس الأمة ولم تستخدم الهراوات ولم يتم سحل أي مواطن آخر في الشارع، بل مارس رجال الأمن دورهم بكل هدوء في تنظيم تلك الندوات وسارت جنباً إلى جنب مع المسيرة الحاشدة من ساحة الصفاة إلى المباركية يوم جلسة الاستجواب دونما حوادث من شأنها تعكير الأجواء العامة.

ولكن يظل الاستجواب الأخير هاجساً مخيفاً رغم طي صفحته غداً، وعلى الجميع أن يفكر بصدق وإخلاص ورجاحة عقل في كيفية سداد فاتورته باهظة الثمن، حيث تركت شروخاً عميقة في جدار الوحدة الوطنية وطفحت على سطحه أسوأ صور الطائفية البغيضة والانقسام المناطقي والفئوي وضرب أبناء القبائل الكويتية، الأمر الذي يوجب في رأيي إحياء مؤتمر الحوار الوطني كخيار وحيد للاستقرار السياسي في البلد ولو بعيداً عن العباءة الحكومية التي تنصلت من مسؤولياتها في إنقاذ هذا الملف الخطير، ولعلها تبارك مثل هذا الاحتقان ولو بثمن لا يتجاوز الـ25 صوتاً فقط لا غير!

الجريدة - مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك