عبارة 'ما عرفتج يا الكويت، حيل تغيرتي' تدعو حنان الهاجري للتساؤل، هل تغيرت الكويت ؟!
زاوية الكتابكتب يناير 2, 2011, 2:10 ص 1863 مشاهدات 0
خارج الإطار
هل تغيرت الكويت؟
كتب حنان الهاجري :
نُشرت صور كثيرة وتعليقات أكثر لتغطية التجمعات التي واكبت الاستجواب الاخير، ولكنني أطلت النظر في صورة واحدة لرجل يحمل لافتة قماشية خطت عليها عبارة «ما عرفتج يا الكويت، حيل تغيرتي» وتبعتها علامتا استفهام وتعجب.
هل تغيرت الكويت؟
عدت للاستقرار في الكويت منذ شهر واحد بعد احدى عشرة سنة من الغربة في أميركا، وحاليا اسأل نفسي السؤال ذاته يوميا. ان كانت الكويت قد تغيّرت على من رفعوا هذا الشعار وهم لم يبرحوها (وهذا ما اظن)، فكيف هو هذا التغير في عيون من يتذكرها بشكل محدد كانت عليه قبل عقد من الزمن؟!
التغيّر لم يطل طبيعة الوضع السياسي فقط، بل طال ايضا النظام والسلوك والعلاقات والمؤسسات الاجتماعية في البلد، وهو امر طبيعي لو كان تطورا ايجابيا.
تغيرت الكويت، وتأصلت ثقافة جديدة لا تعترف بالخطوط الحمراء التي كانت في السابق تُعرض من يتجاوزها بلفظهم الى خارج دائرة القبول الاجتماعي، حيث العزلة والمحاسبة حتى يعودوا الى طريق الصواب.
اصبحت المباحات الآن اكثر من المحظورات في ما يتعلق بالتعرض لشرف الناس والمساس بأعراضهم، وبات التشويه العام للسمعة يقابله سكوت مريب وعدم مبالاة، بينما تخلى المجتمع عن دوره السابق في تأديب الفرد، وردع أي افكار او ممارسات فعلية خارجة عن حدود الاداب العامة والاخلاق التي عرفها وعُرف بها الكويتيون منذ الازل. ولا أجد مثالا أكثر خطورة وجدية للتدليل على هذا الامر من الحملات التي تشن للانتقام من النساء في الكويت بسبب مواقف سياسية اتخذنها او اتخذها اقاربهن! وصار عاديا ان يظهر من يهدد بفضح الرجال بنشر صور قريباتهن في البرامج التلفزيونية، بل ان هناك من فعلها ولم يهتز لفعلته رمش أحد، ربما لأن من عُرضت صورهن لا يحملن صك الغفران المسمى بالجنسية الكويتية.
كما أصبح الخوض في خصوصيات من امتهن العمل السياسي مجازا، بل ومتوقعا، وكأنه حق كفله الدستور لكل مواطن لا يعجبه مواقف أي منهن.
لذا، كم هي بشعة تلك الحملة التي تتعرض لها النائبة الدكتورة اسيل العوضي حاليا والتي عرّجت على السمعة، والتدخل في دقائق حياتها الخاصة، واستخدام الفاظ لم نألف سماعها في النقاشات المحدودة فما بالك بتداولها عبر وسائل الاعلام!
ولكن المؤكد ان الامر الابشع هو ان يصبح من يتعرض للناس قويا و«واصلا» ويتم حجز مقعد له في الصفوف الامامية ليجلس مع كبار الشخصيات في المناسبات العامة، كما حدث مع محمد جويهل في حفل الاوركسترا الكويتية قبل أيام.
هناك عنف قابع في النفوس، يخرج على شكل تعبير لفظي او ازدراء او شماتة او اكثر، وقد تطور لدى البعض من الاحساس بامتلاك الحق الاوحد، والقوة الاكبر، الى العمل على ترجمة هذه القوة في الشارع، والعمل، والمدرسة، وعبرالمؤسسات الاعلامية وغيرها، مبتدعا ثقافة جديدة لا نعرفها، او كنا لا نعرفها، ولكنها صارت اليوم تهدد الأمن المجتمعي في الكويت.
د. حنان الهاجري
تعليقات