نعم لمعالجة شاملة لدخول المواطنين اجتماعيا واقتصاديا، لأن الوضع الحالى يساعد على انتشار الرشوة والفساد..مقالة عبداللطيف الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 471 مشاهدات 0



زيدوا الرواتب وصححوا الأسعار 
 بقلم: عبداللطيف الدعيج
قبل ايام كتبت انني اتفهم وجهة نظر وزير المالية السابق السيد بدر الحميضي في ان الزيادات التي حدثت على رواتب واجور موظفي الدولة تعادل وتتكافأ والتضخم الذي حدث خلال الالفية الثانية، والذي ادى بالطبع الى الارتفاع في الاسعار وشعور المواطن بوطأة الغلاء. نتفهم هذا، لكن المشكلة الاساسية تكمن في ان المواطن يواجه ارتفاع تكاليف المعيشة وليس ارتفاع الاسعار فقط. فانسان القرن الواحد والعشرين تختلف احتياجاته واهتماماته وضرورات معيشته عن انسان القرن السابق. ليس من العدل مقارنة او الطلب من انسان الانترنت ان يعيش بأود واحتياجات اهل الكهف.. ولا حتى من اللائق مقارنة متطلبات معيشة عصر التلغراف بعصر الموبايل!
مشكلاتنا مرة ثانية وربما عاشرة اننا في الكويت نفتقد الضرورات الاقتصادية التي تتولى بشكل طبيعي وضروري تصحيح الاسعار، مجمل الاسعار، اسعار السلع واسعار العمالة او منتجي تلك السلع ومستهلكيها، يعني الرواتب والاجور. فنحن نتلمس ارتفاعا في اثمان البضائع وتزايدا في كميات استهلاكها الى جانب تنوع وتعدد البضائع ودخول مواد وسلع جديدة في حياة المواطنين ومعيشتهم، مقابل هذا هناك جمود، وبالذات في القطاع الحكومي، في الراتب وتخلف عن مواكبة ارتفاع مستوى المعيشة او ارتفاع اسعار البضائع، وهذا بالطبع راجع الى ان الحكومة رب عامل فاشل او رب عمل بالقوة في معظم الوقت، حيث التوظيف اصبح واجبا 'قوميا' لا تملك الحكومة التنصل منه.
باختصار، زيادة رواتب موظفي الدولة ضرورة، وأكاد أجزم بأنه اهون شرا من الاقتناع بالوضع الحالي الذي هو مريح الى حد ما للحكومة. فبقاء الوضع 'الوظيفي' الحالي يساعد على المزيد من التسيب وعلى المزيد من انتشار الرشوة والفساد، ويحول بالقوة الكثير من الموظفين الشرفاء الى مختلسين ومتلصصين وجباة ضرائب ومكوس. بينما المعادلة الحقيقية للرواتب ولتكاليف المعيشة قد تنمي الشعور بالامتنان لدى الكثير ايضا من الموظفين، ويؤدي حتما الى الاخلاص والتفاني في العمل او الاستغناء عن التلاعب وفرض الاتاوات واقتناص الفرص.
لكن تبقى المعضلة الاساسية وهي ان الحكومة عاجزة او غير راغبة في تعديل اسعار خدماتها ايضا، وفي رفع الدعم الحكومي عن الكثير من السلع التي هي الاكثر انتشارا واستهلاكا. ان رفع الرواتب 'بشكل مجد' وليس بالنسب الضئيلة المطروحة، يجب ان يتوافق ورفع الدعم عن السلع وتحقيق الاسعار الحقيقية للمواد والخدمات الحكومية. ان اي زيادة ولو بسيطة في الرواتب تتوجه بالضرورة الى المواد الاستهلاكية والى المنتجات العصرية وان انصب بعض منها في الضروري مما تدعمه الحكومة فانه ينصب على شكل 'مبالغة' في الاستهلاك وزيادة في تبذير السلع والمواد المدعومة التي يزداد 'رخصها' بارتفاع رواتب الموظفين من جهة واحتفاظها بفعل الدعم الحكومي باسعارها المتدنية.
نعم لمعالجة شاملة لدخول المواطنين اقتصاديا وقبل ذلك اجتماعيا، ولا لزيادات لن ينتج عنها الا مزيد من امتصاص الدخل الوطني وحرمان للأجيال القادمة من إرثها الطبيعي.
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك