البصيري: المنحطات الفضائية مزّقت الكويت

زاوية الكتاب

كتب 2892 مشاهدات 0


إلا الكويت!

سيمر الاستجواب كما مرت الاستجوابات السابقة، وعساها خاتمة الأحزان، ولكن لأن الحياة تحمل الزين والشين، ويوم لك ويوم عليك، فإن دوام الحال من المحال، والأيام حبلى وفي شهرها التاسع.
وليت المشكلة كانت في الاستجواب لقلنا هانت، وليت 28 ديسمبر نهاية المطاف لقلنا ذهب التعب وثبت الأجر، ولكن ما يحدث في الكويت أكبر بكثير من مسألة استجواب «ورد غطاه»، فقد تركت الأحداث السابقة جرحا غائرا لن تمحه الأيام، فهي لم تترك موطئ قدم للفتنة، بل أوجدت قاعدة راسخة لها، لقد قتلت الأحداث الماضية كل معاني الوطنية التي دفع الكويتيون دماءهم في سبيلها، فبكى الكويتيون مرتين الأولى عندما فقدوا وطنهم في 1990، والثانية عندما أضاعوه بأيديهم في 2010، ويا لضياع أحلامنا، فلم نرع حرمة لدماء شهدائنا، وابكينا بجفائنا أراملنا، ولم نبق لأيتامنا وطنا، لقد جعلت الأحداث الماضية الكويتيين شعوبا وقبائل، وليس ليتحابوا ويتعارفوا بل ليتعاركوا! وخلق جنود الفتنة تطرفا لم يخطر على بال بشر، حتى وصل الأمر إلى إثارة الفتنة بين أسرة آل الصباح الكرام!، والأدهى والأمر أن بعض النواب يشجعون، وبعض التجار يدفعون، وبعض الكتاب يطبلون، والحكومة... ولا يحزنون!
فبالله عليكم بماذا نجيب عن أسئلة أطفالنا عما يحدث في الكويت. نربيهم على حب الكويت، وتربيهم «المنحطات» الوطنية على كرة الكويت! نقول لهم الكويت دولة مستقلة ذات سيادة حدودها من سفوان إلى النويصيب! فتقول «المنحطات»: الكويت عائلة وقرية حدودها «جبله وشرق»! نبني لأطفالنا وطننا فتجعله «المنحطات» في ثوان خرابة! نقول لهم لا فرق بين شيعي أو سني فيخرج لنا من يقول وهل الشيعة كويتيون؟! وعندما انتصر الكويتيون للكويت في احدى الديوانيات زجوا في السجن، وأصبح رمز الخيانة بطلا! بكت عليه المحطات، وزاره النواب، وانتصرت له الحكومة، ورثاه الكتاب، وأسف على شبابه المرضى والسذج والمغفلون! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن الروح الوطنية لا يمكن تعلمها من الكتب الدراسية، ولا يمكن أن تخلقها بأغنية هنا ورقصة هناك، وليست حكرا لفئة دون فئة، وليست لشيخ دون مواطن بل ليست حكرا على الكويتيين دون فئة البدون ولو كره الكافرون، فالوطنية شعور فطري ينشا عن ارتباط الإنسان بالأرض، وثقافة تخلقها التجارب والظروف التي تمتحن المجتمعات، وهو شعور لا يخلق في سنة أو سنتين أو حتى عشرين سنة، ولأنه شعور فإنه يمكن التلاعب به بسهولة ومن ثم استغلاله وتحريفه، وما قامت به بعض «المنحطات» الفضائية، لم تجرؤ مخابرات الدنيا على التفكير في استخدامه ضد الكويت، وسيان من يقف وراء هذا الهدم المبرمج، كبر شأنه أو صغر، فالواجب الوطني يحتم أن يوقف عند حده، ويجب مقاضاته ليأخذ جزاءه العادل، فقد نختلف أو نختصم حول كل شيء، إلا الكويت فهي لا تقبل القسمة على اثنين. فالكويت ليست شركة أو مؤسسة عائلية، وليست ملكا لأحد، بل دولة مستقلة، وارض أصبحت وطنا ومعاشا وأهلا، وماض ومستقبل لأصغر طفل من أطفال الكويت، ولا يذهب الأغبياء في الظن بعيدا، ففي النهاية سيقف الكويتيون دون أنفسهم وصيانة لوحدة وطنهم ووفاء لكرامات شهدائهم، حتى يقول الضعيف من الكويتيين أخذت حقي واكتفيت، ويقول الباغي من الظلم انتهيت.
والذي حداني على هذا القول هو ان الناس تعتقد أن ما يحدث هو مناورات سياسية وخلاف بين المجلس والحكومة فقط، أو استجواب هنا واستجواب هناك، ولكن ما أراه هو أن الأمر أخطر بكثير، فهو صراع واضح للقوى المهيمنة، وإدارة سيئة من الحكومة، وتوريط للنواب في صراع الأجنحة، واستغلال سيئ للأدوات الدستورية، وإشغال للقضاء. وضياع للأمة.
وليذهب المجلس ولترحل الحكومة فنحن في النهاية راحلون وأبناء راحلون، ولكن لتبق الكويت فلولا الكويت لم ننتخب مجلسا ولم نستجوب حكومة.


فهيد البصيري
كاتب كويتي

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك