الكتب الشيعية الممنوعة لا يوجد فيها ما يستدعي الحظر ومنها «نهج البلاغة»..هذا رأى حسن عباس

زاوية الكتاب

كتب 706 مشاهدات 0



شيعة وسلف في مقبرة الرقابة

تتكرر في مثل هذا الوقت من كل عام قضية الرقابة على الكُتب ومنع عرضها للجمهور في معرض الكتاب السنوي. لا شك أن إدارة الرقابة يقع عليها عبء ثقيل في إيجاد صيغة موازنة بين النظر لها بعين منحازة لجهة من دون أخرى وبين الحد من نشر وتداول ما يثير الضغينة والحقد ويعرض الأمن الوطني للخطر.
قبل مناقشة ما تقدم، نعيد التأكيد على أن حرية التعبير محدودة بحدود منطقية لا يمكن تجاوزها. لذا من السذاجة أن نرفع السقف إلى ما لا نهاية بحجة الحرية، وأعتقد أن الزميل فهد راشد المطيري صاحب الكتابات الفكرية الجميلة ومن المدافعين عن الحريات لم يكن يقصد في مقاله «هذه الكتب ممنوعة يا أطفال!» بأكثر من هذه الحرية المحترمة. وما يجعل المقص الرقابي للدولة نكتة وطُرفة أن إدارة الرقابة تعلم جيداً محدودية وسطحية هكذا منع، فالناس لم تعد بحاجة إلى معرض الكتاب السنوي لتنتقي قراءاتها مع وجود هذا الكم الهائل والمتنوع من مصادر القراءة. لذا فعلى الدولة أن تحفظ ماء وجهها بتحجيم مقص الرقابة ما أمكن حتى لا تُحرج.
ما يدعو للاستغراب هذا العام أن الكتب الشيعية الممنوعة لا يوجد فيها ما يستدعي الحظر. فغريب مثلاً أن يكون «نهج البلاغة» على قائمة المنع! أو كتب أخرى كشرح دعاء السحر أو المدرسة القرآنية للشهيد محمد باقر الصدر، والتي لا يوجد فيها سوى نقاش فكري للمذهب الجعفري. فما حجة الرقيب في المنع؟
طالما نتحدث عن الرقابة، لا بأس بالتركيز على النقطة التي ذُكرت فوق، وهي أن الدولة مسؤولة عن حماية الجبهة الداخلية ودفع الفتن والأضرار عن أفراد المجتمع، فقد يكون هو المبرر الأول من وراء الرقابة الحكومية. لذا لنترك قليلاً معرض الكتاب جانباً وننتقل إلى ما نشرته «عالم اليوم» الأسبوع الماضي بسحب كتب «سلفية» النكهة من جميع مكتبات المراحل الدراسية، وهو ما استنكره النواب السلف والقوى الإسلامية الأخرى كتجمع «ثوابت الأمة». هذا التحرك القوي أدى بالوزارة وبعد يوم واحد لتتراجع عن قرارها متفادية بذلك مشروع أزمة قد ينتهي بالوزيرة إلى المنصة. فإن كانت هذه الكتب سليمة ولا يوجد فيها ما «يضر»، فتحرك السلف سليم وعلى الوزارة الاعتذار عما بدر من خطأ.
من المنطلق نفسه، نقول إنه على الوزارة أن تتراجع عن منع كتب الآخرين، إن لم يكن فيها ما يمس سلامة الوطن، بل الحكومة ممثلة بوزارة التربية مساءلة عن كُتب تُدرس في «مناهجها»، وتحديداً التربية الإسلامية للصف التاسع (صفحة 23) تحت عنوان «معنى العبادة ومن يستحقها»، وفيها تكفير «لعبدة القبور». فهل يجوز هنا ما لا يجوز هناك؟ فإن كان منع عرض الكتب للجمهور منبعه الخوف على الأمن القومي، ألا يبدو «إجبار» تدريس الطالب مادة التكفير أشد ضرراً على هذا الأمن؟

د. حسن عبدالله عباس

 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك