في مقال قانوني خص به ((الآن)):
زاوية الكتابفهد الحبيني: لا زالت حصانة النائب فيصل المسلم قائمة
كتب ديسمبر 21, 2010, 1:38 م 6562 مشاهدات 0
خص المحامي د. فهد محمد الحبيني بمقال قانوني عن حصانة النائب الدكتور فيصل المسلم، مبينا ان حصانة المسلم لا زالت قائمة، وجاء في المقال:
ينظم الدستور الكويتي الحصانة البرلمانية للنائب في المادتين 110 ، 111 حيث تنص المادة 110 على الحصانة الموضوعية للنائب إذا تقرر ' عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه، ولا يجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال'
وتقرر المادة 111 الحصانة الإجرائية و تنص ' لا يجوز أثناء دور الانعقاد، في غير حالة الجرم المشهود، أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي أخر إلا بإذن المجلس. وينبغي إخطار المجلس بما قد يتخذ من إجراءات جزائية أثناء انعقاده على النحو السابق كما يجب إخطاره دواماً في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه، وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله إليه اعتبر ذلك بمثابة إذن'
والهدف من الحصانة البرلمانية هو توفير الشعور بالحرية والطمأنينة اللازمتين للنائب لأدائه مهامه النيابية دون خشية أو حرج، وحماية له من الإجراءات الجزائية التعسفية، وعدم تمكين السلطة التنفيذية من الكيد له باتخاذ إجراءات ضده تعوقه عن أداء مهامه النيابية.
والكويت اليوم تمر في وضع دستوري وسياسي غريب، لم يسبق أن مرت به، وهو موضوع حصانة النائب فيصل المسلم التي تثير عدة تساؤلات: هل تعتبر الحصانة مرفوعة عنه بمجرد مرور شهر من وصول طلب رفع الحصانة إلى المجلس؟ وهل تحسب مدة الشهر المنصوص عليها بالفقرة الأخيرة في المادة 111 حتى ولم ينعقد المجلس بسبب تعطيل الجلسات؟
للإجابة على هذه التساؤلات نقرر بدايةً أن للأسف الشديد لم تتعرض المذكرة التفسيرية ولا لجنة إعداد الدستور ولا المجلس التأسيسي، لمسألة كيفية حساب مدة الشهر هل يدخل من ضمنها عدم انعقاد جلسات المجلس بسبب عدم اكتمال النصاب أم لا ؟
نجيب على ذلك ونؤكد أن هذه التساؤلات لم يتعرض لها المهتمين بدراسة الحصانة البرلمانية مما يفتح المجال للاجتهاد وبحث مسألة عدم انعقاد المجلس أو تعطيل جلسات، هل تدخل ضمنها مدة الشهر المنصوص عليها بالمادة 111 من الدستور ؟
إن رفع الحصانة الإجرائية طبقاً للمادة 111 له صورتان الأولى هي رفع الحصانة الصريحة وتتمثل بصدور قرار من المجلس بالموافقة على رفع الحصانة عن العضو، والصورة الثانية وهي الموافقة الضمنية، وتتمثل بامتناع المجلس عن صدور قرار سواء برفع الحصانة أو برفض رفع الحصانة خلال شهر من تاريخ وصول طلب رفع الحصانة إلى المجلس، فمرور شهر دون صدور قرار يعد ذلك بمثابة الإذن باتخاذ الإجراءات الجزائية ضد النائب.
لكن هل يعتبر عدم انعقاد المجلس أو تعطيل المجلس – مثل الواقع الذي تمر فيه حصانة فيصل المسلم- بمثابة موافقة ضمنية برفع الحصانة ؟
إن القول بأن عدم انعقاد المجلس أو تعطيل جلساته، هو بمثابة موافقة ضمنية برفع الحصانة، فهم خاطئ، بل لا أبالغ إن قلت إنما هو تفريغ للدستور من محتواه، فالحصانة البرلمانية لم توضع إلا لحماية النائب من تمكين السلطة التنفيذية من الكيد له باتخاذ إجراءات ضده قد تعوقه عن أداء مهام النيابة.
والحصانة الإجرائية مقرره أثناء دور الانعقاد حيث تنص المادة 111 من القانون في أولها ' لا يجوز أثناء دور الانعقاد.......' فالمادة تخاطب مجلس تنعقد جلساته ويقوم بأعماله، فلم توضع الحصانة الإجرائية لمجلس لا ينعقد أو تعطل جلساته.
وإن القول بعدم انعقاد جلسات المجلس أو تعطل جلساته، يعتبر موافقة ضمنية، تعارض مع الفهم الصحيح للموافقة الضمنية وفقاً لما هو معروفاً قانوناً، إذ أنه يتطلب أن تتوافر جميع إمكانياته الموافقة الصريحة- مثل انعقاد المجلس والقيام بأعماله- ولكنه- المجلس- يمتنع عن إصدار قرار صريح في الطلب الموجه له تحت ذريعة دراسة الطلب أو غيره- فعدم رد المجلس خلال مدة الشهر، يعتبر موافقة ضمنية منه على طلب الرفع، لأن المجلس مكن من الرد على طلب الرفع صراحةً ولكنه لم يرد بإرادته فيعد ذلك موافقة ضمنية.
أما الواقع الذي تمر فيه حصانة فيصل المسلم، فلا يمكن بأي حال من الأحوال القول بأن هناك موافقة ضمنية برفع الحصانة عنه، لأن عدم انعقاد المجلس لم يكن بإرادة المجلس بل كان لأسباب خارجه عنه.
والموافقة الضمنية مقرره أصلاً ضد المجلس الذي يتعمد حماية أحد نوابه من خلال الامتناع عن إصدار قرار برفع الحصانة فكانت الموافقة الضمنية بمثابة رداً على المجلس الذي يمتنع عن إصدار قرار صريح.
والمادة 111 في الفقرة الأخيرة صريحة بأنها تعني بالموافقة الضمنية في حال انعقاد المجلس وليس تعطيل جلساته حيث تنص ' ....... إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله إليه أعتبر ذلك بمثابة إذن'
فبهذا النص واضح أنه يعني مجلس منعقد ويقوم بأعماله أي يصدر قرارات، لكن مجلسنا اليوم لم يتمكن من اتخاذ قرار صريح، وبالتالي لا يمكن القول بوجود الموافقة الضمنية برفع الحصانة لمجلس لم تتهيأ له فرصة اتخاذ قرار صريح في شأن الحصانة.
لكن تجدر الإشارة أن المسئولية اليوم بخصوص حصانة النائب فيصل المسلم تقع على عاتق القضاء الذي يمكن تبني هذا الرأي أو غيره، ونحن نتوسم في قضاءنا الخير.
الدكتور المحامي/ فهد محمد الحبيني
تعليقات