قول ناصر الدويلة 'إن شبري على شبر الرجال يزود'، يدفع العقيد الركن المتقاعد عوض المطوطح للرد عليه، ويعده مزورا للحقائق، ويختلق الأحداث ؟!

زاوية الكتاب

كتب 6213 مشاهدات 0


رداً على ناصر الدويلة

العقيد الركن متقاعد عوض عبدالله المطوطح


لا أريد ولا أتمنى أن أدخل في جدال مع ناصر الدويلة، إنما هو إحساسي بأن هناك واجباً أخلاقياً يحتم عليّ ألا أقف متفرجاً وأنا أراه يطعن في رجال كان لي شرف العمل تحت قيادتهم يوماً، ورجال كان لي شرف زمالتهم، ورجال كان لي شرف قيادتهم، رجال يعلم الجميع أنهم قدموا الغالي والنفيس لخدمة وطننا الغالي.

إن من يريد تنصيب نفسه رمزاً للبطولة والشجاعة، لا يطعن في زملائه، ولا يشكك في ولاءاتهم، ولا ينعتهم بأقذع الأوصاف، ومن يريد أن يكون بطلاً لا يزور الحقائق ويختلق الأحداث ويعيد كتابة التاريخ ليتوافق مع أهوائه وقصصه.

لم أكن ملزماً بالرد على ما جاء على لسان ناصر الدويلة سواء في كتاباته أو في لقاءاته التلفزيونية لولا تعدياته السافرة على جميع القادة والضباط وضباط الصف والعسكريين الكويتيين، الذين يفترض أن تربطه معهم أخوة السلاح والزمالة العسكرية، تعديات أقل ما يمكن أن توصف به، هي أنها ما كان يجب أن تخرج من شخص يقول عن نفسه إنه شجاع وبطل يعجز عن مجاراته الرجال الآخرون، فالشجاعة والبطولة لا تعني إطلاقاً الطعن في الآخرين، والتقليل من قدرهم.

ما دفعني للكتابة هو قول ناصر الدويلة 'إن شبري على شبر الرجال يزود'، وفي ذلك انتقاص كبير لرجال كانت لهم مواقف مشرفة، وأفعال مشهودة يعرفها جميع رفاق ناصر في السلاح من رجال القوات المسلحة، وفي تلك المقولة هضم لحقوق إخواننا الشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن ثرى الكويت.

وعندما يصف ناصر الدويلة زملاء له وإخوانا له في السلاح ورفاق درب بأنهم 'خمّة وطقعان'، فإنه يكون بذلك قد تخلى عن كل شيم الرجولة، والأخلاق العسكرية التي من المفترض أن يتحلى بها كل عسكري تجاه كل من شاركه في حمل السلاح دفاعاً عن تراب وطنه، ناهيك عن كونهم أبطالاً أتمنى شخصياً كما يتمنى غيري لو أننا قدمنا جزءاً مما قدموه للكويت.

وعندما يتهم ناصر الدويلة قياداتنا العسكرية بأنها دلّست وكذبت على سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله، فإنه يكون بذلك قد طعن في خبرة سمو الأمير الوالد رحمه الله ومعلوماته عن الجيش والقوات المسلحة، وهو الذي تولى وقاد وزارة الدفاع لأكثر من عشر سنوات، قبل أن يطعن في ولاء وثقة ومصداقية قادتنا العسكريين الذين كان لنا شرف العمل تحت إمرتهم وقيادتهم.

عندما يقول إنه هو من وضع خطة الدفاع عن الكويت قبل الغزو الغاشم بستة أشهر، فإنه بذلك لا يبتعد كثيراً عن الحقيقة فقط، كونه لا يستطيع وهو النقيب، أن يقدم خطة متكاملة للدفاع عن الكويت تتطلب أن يكون من يقدمها فريقا متكاملا ملما بكل صنوف وقدرات الأسلحة البرية والجوية والبحرية التي يمتلكها الجيش الكويتي، وإنما يكون بذلك القول قد طعن في كفاءة القادة العسكريين في هيئة العمليات والخطط الذين من أساسيات واجبهم وضع خطط الدفاع البرية والجوية والبحرية عن الكويت، والتنسيق بين صنوف الأسلحة المختلفة، وشكك في قدرتهم بالقيام بواجباتهم.

وعندما يقول إنه قام بإجراء تعديلات على خطة تحرير الكويت التي وضعها الجنرال شوارسكوف، فإنه بذلك يقول إنه مطّلع على خطة الجنرال شوارسكوف العسكرية وإنها كانت متاحة له بكامل تفاصيلها، وهو آمر السرية، بينما الحقيقة أن المتاح له هو الاطلاع على واجب اللواء الذي تتبع له الكتيبة التي تتبعها سريته.

وعندما يقول إنه لا يلتزم بالأوامر العسكرية ولا يتقيد بها، وإنه في أثناء وجوده على الحدود الكويتية العراقية بعيد التحرير قام بالاتصال بسفارة دولة أجنبية أو قام بإدخال عراقيين إلى الكويت دون إذن القيادة العسكرية، فإنه بذلك لا يطعن فقط في التسلسل العسكري، ولا بقواعد الضبط والربط العسكري التي تحكم المؤسسة العسكرية، بل هو يعطي الانطباع بأننا أقرب ما نكون إلى الميليشيات من كوننا جيشاً مؤسسياً يتحلى بقواعد وتراتبية سلسلة القيادة، وأن الجيش مؤسسة قائمة على الضبط والربط العسكري والتقيّد بالأوامر، كما أنه بذلك يطعن بكل قيادات القوة البرية التي تتبعها وحدته، ويكون بذلك قد حنث بالقسم العظيم الذي أقسمه قبل أن يتشرف بالعمل في السلك العسكري، وهو القسم بإطاعة الأوامر العسكرية التي تصدر إليه من رؤسائه.

وعندما يقول إنه هدد باحتلال مركز السالمي الحدودي لإدخال عائلات العسكريين البدون، فإنه يكون بذلك قد تخطى كل الحدود، وصوّر لنا أن هناك من وحداتنا العسكرية من لديه الاستعداد للقيام بعمليات التمرد!

وهذا بالتأكيد منافٍ للحقيقة، فقد تكون الفكرة راودته، أو أنه أسرى بها لبعضٍ من عسكرييه، لكن القول إن قائد مركز السالمي سمح بدخول عائلات العسكريين البدون إلى الكويت خوفاً من احتلال قوات ناصر الدويلة للمركز، قول بعيد عن الحقيقة، فقائد مركز السالمي يتبع لقياداته في وزارة الداخلية، ولا يستطيع أن يتحمل شخصياً تبعات إدخال من يريد إلى الكويت، فما حصل هو أن ذلك القائد استأذن من قيادته في وزارة الداخلية، وهي التي أصدرت الأمر له بالسماح بدخولهم، بعد التشاور مع قيادة الجيش، كما أن القول إن العم عبدالعزيز البرغش قائد القوة البرية آنذاك قد سمح لناصر بالتصرف على كيفه، قول غير دقيق إطلاقاً لمعرفتي التامة بالعم بوسعود، ومعرفتي بقيادات القوة البرية التي تتبعه، والتي لا يمكن أن تسمح لكائنٍ من كان بحرية التصرف بعيداً عن مرتكزات الضبط والربط العسكري والتقيد بالأوامر العسكرية.

الاحتلال العراقي الذي دام سبعة أشهر مظلمة لم يجد كويتياً ليتعامل معه، وناصر الدويلة يقدم للتاريخ الذي يكتبه لنفسه نماذج من زملائه رجال قواتنا المسلحة، يقول إنها تخاذلت وتعاونت مع قوات الاحتلال.

وهنا أقولها وأنا أقسم بالله الذي لا إله إلا هو، إن جميع رجال قواتنا المسلحة من الجيش والحرس الوطني والشرطة، بل إني أقسم أن كل كويتي حصل على فرصة الدفاع عن الكويت يوم الثاني من أغسطس عام 1990 قد قام بواجبه على أكمل وجه، وأقسم بالله أن جميع رجال القوات المسلحة الذين سنحت لهم فرصة القتال ذلك اليوم لم يتوانوا إطلاقاً في حفظ قدسية تراب وطنهم، لقد أبدع الجميع يوم الثاني من أغسطس، ومنهم من قدم روحه فداء لقدسية هذا البلد، وأقسم بالله أنها شهادة أقولها للتاريخ، لم يكن بيننا خائن ولا متخاذل.

كثيرة هي القصص التي سطرها الأخ ناصر الدويلة، ولم أكن لأجادله حولها، أو لأفندها، لأن هناك في مؤسستنا العسكرية من هم أقدر وأكفأ مني للقيام بذلك، ولكني وكما قلت أحسست أن عليّ واجباً أخلاقياً يحتم عليّ ألا أقف متفرجاً على من يطعن في حقوق الأخوة والزمالة أو أن يهضم حقوق أعزاء لي تشرفت بالعمل معهم.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك