كيف على دول الخليج أن تقرأ الأزمة الكورية؟
عربي و دوليديسمبر 1, 2010, 1:30 ص 3781 مشاهدات 0
يجرنا مشهد الازمة الكورية الحالي عنوة الى الزوايا الحادة لموضوع الالتزام الاميركي بأمن حلفائها،فصورة الوضع على ضفاف البحر الاصفر - التي لا يختلف في وصف خطورتها متابعان- تكاد تشبه الى حدما مجريات الامور على ضفاف الخليج العربي. ومن مراقبة تعامل واشنطن مع الازمة الكورية الراهنة نكتشف أننا أمام مجموعة من النقاط التى تستحق التوقف. وسنبدأ بطريقة بيونغ يانغ في ادراة الازمة الحالية التي هي إمتداد لادارتها لازمة برنامجها النووي المثير للقلق ،فهي مستمرة في تأكيد ثباتها واحتفاظها بطموحها الخطر، و في سعيها لاجبار واشنطن على القبول بالتفاوض تحت مظلة سياسة الامر الواقع، كما حدث في سيناريو القنبلة التي فجرتها الصين في 16 اكتوبر 1964م في عهد نيكسون وقبلت واشنطن على مضض بسياسة الامر الواقع . كما ان كوريا الشمالية أرادت بقصفها المدفعي لجزيرة في جارتها الجنوبية استباق أية مفاوضات من خلال تأمين امتيازت لصالحها. بالاضافة الى إن بيونغ يانغ من العواصم التي تؤمن بان الاستقرار الهش لايدعمه الا القوة العسكرية،فجاء الهجوم للفت النظر الى أزمتها الاقتصادية ونقص الغذاء الحاد هناك مما يفتح لها باب الابتزاز. كما ان إستعراض القوة هو الطريقة التي ارادت بها تقديم زعيم جديد وعهد وسياسة جديدة لا تهاون فيها مع الجنوب أو حاميتها الولايات المتحدة .
المحور الثاني هو كوريا الجنوبية لنتتبع كيف تدفع واشنطن ببعض الحلفاء لحافة الحرج ،وهو شعور ظهر على شكل ضيق من قبل حلفاء واشنطن فقد صاحب هذا الدفع التردد المعيب الذي تتصف به حاليا إدارة أوباما . كما ظهر ان واشنطن قد عادت لإسلوب رعاية حكومات متزمتة مع شعوبها بدعوى ان الاستقرار هو مطلبها الاول ، فقد ساعدت واشنطن على ظهور الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك' Lee Myung-bak' عام 2008م والذي كان اداة الانفتاح تجاه الأميركيّين،حيث قام بابطال سياسة الشمس المشرقة'Sunshine policy ' التي حررت وسائل الاعلام في سيئول في عهد الرئيس الكوري الجنوبي السابق.وكانت الحكومة الكورية الجنوبية تريد من هذا التضييق على الاعلام منع الانتقادات لمشروع إقامة قاعدة بحرية أميركية على إحدى الجزر الكورية لتصبح مثل أوكانوا في اليابان او سوبيك بي في الفليبين . ثم شرعت واشنطن عام 2009م في تجديد شراكة المجموعتان الصناعيتان هيونداي ولوكهيدمارتن، لانتاج مدمِّرةٍ مجهّزةٍ بصواريخ مُضادّة للصواريخ الباليستيّة العابرة للقارات والمجهزة بمعدات استكشاف صوتيّة، ليس لبحرية سيئول فحسب بل للقوة البحرية الهندية واليابانية.وقد كانت واشنطن تريد من هذا الاجراء تحقيق هدفين : الاول هو ان نشر الصواريخ الباليستيّة في المنطقة خلق هلال حصار ضدّ الصين من قبل اليابان وكوريا والهند، مماثل للدرع الصاروخي في أوروربا .و الهدف الثاني هو تشجيع كوريا الجنوبية ذات الاقتصاد القوي لتلعب دورشرطي تلك المنطقة، وكان من سبل التشجيع قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما، إسناد عملية تنظيم قمةالدول العشرين G20 إلى سيئول.
غياب القدسية عن التزامات إدارة أوباما المترددة تجاه حلفائها ظهر بعد الهجوم الشمالي المباغت،ولم يكن مفاجئا للعديد من المراقبين، فقدأثبتت الضغوط الاميركية التي تنتهج العقوبات الاقتصادية فقط ضد بيونغ يانغ بأنها غير ذات جدوى .وقد خلقت مواجهات كان بالامكان اختصارها بالحزم،كما جعلت بيونغ يانغ تتوسع في قدراتها العسكرية،و ظهر التردد من مراقبة الرئيس الاميركي أوباما وهو يدورحول نفسه غير قادر على الحسم، وجاعلا الخيارات الاميركية في إطار رخو،تمثل إما في الرد الشفوي على القصف المدفعي الذي يذكرنا بالاستنكار العربي العتيد، أو بتشديد العقوبات الاقتصادية وهو إجراء طويل الامد،أوبالقيام باضعف الايمان عسكريا وهو المناورات العسكرية ،وهذا ماتم بالفعل .
إن تعامل الولايات المتحدة مع أزمة الكوريتين يفتح لنا في الخليج باب الاجتهاد في أن سياستها لن تخرج عن ذلك لو حدث ما جرى في البحر الاصفر على ضفاف الخليج العربي. لقد خلقت واشنطن من سيئول وحش رأسمالي صغير مدجج بالسلاح الاميركي مثلنا تماما، وفشلت في إظهار الدعم القوي له، بل و تضليله في الاندفاع في معاداة بيونغ يانغ أو بكين بشكل حاد .فسيئول ليست تل ابيب التي تتحصن خلف التزامات مقدسة. وعواصم الخليج لن تكون كذلك . وإدارة أوباما المسالمة تنتهج سياسة عدم الاستفزاز.واستخدام بيونغ يانغ للسلاح يدل على هشاشة النظام الامني الاميركي هناك. وسيكون من سؤ التقدير الاستراتيجي أن نغفل عن ان بقربنا من هو مثل كوريا الشمالية بادوار متشابهة يصعب فرزها في مجالات عدة لعل أوضحها الطموح النووي العسكري .
http://gulfsecurity.blogspot.com/
تعليقات