د.يعقوب الشراح يحذر من تصاعد النزاعات الحالية بين الطوائف والكتل وبلوغها مرحلة تستعصى على الدولة وقفها

زاوية الكتاب

كتب 500 مشاهدات 0



الراى

د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / الكتل تتحول إلى حركات سياسية
 
 د. يعقوب أحمد الشراح 
 

من ينكر أن التكتلات أو التجمعات القائمة حالياً وعلى اختلاف أجندتها وأيديولوجياتها وغاياتها هي تكتلات بعيدة عن السياسة التي لا تتأثر فقط بالعوامل الداخلية والمحلية، وإنما أيضاً تتعاون في إقامة علاقات مع أجندات خارجية. لقد تحولت هذه الكتل بعد أعوام من ممارسة نشاطاتها إلى حركات سياسية بكل ما يعني ذلك من مضامين وغايات وتأثيرات متبادلة معاشة وملحوظة على أرض الواقع. فلقد أصبحت هذه الكتل قوى ضاغطة تمتلك النفوذ والسلطات والبرامج والأساليب التي تستطيع أن تربك الجهاز الحكومي وتشله عن أعماله.
والسؤال: هل هذه التكتلات تشكل اليوم نمطاً بديلاً عن الأحزاب السياسية التي تعمل عادة في العلن ومن خلال النظام الدستوري في الدول التي لديها الأحزاب؟ وإذا كانت هذه التكتلات القائمة تقر الحكومة بوجودها ولا تمانع من أن تزاول أنشطتها السياسية، فلماذا إذاً تترك لتزاول أعمالها غير القانونية ومن دون انضباط، خصوصا وأن الأعوام الأخيرة كشفت مخاطر العمل السياسي غير المنظم لهذه التكتلات التي زادت من حيث العدد بسبب التفاف الطوائف والقبائل على أعمدة الولاءات للجماعات والكتل وليس الوطن؟ هذه الأنماط من الولاءات بلا شك أثرت سلباً في الوحدة الوطنية والانصهار في مجتمع واحد يتعاون ويدافع أبناؤه جميعا عن كل ما يحدق به من مخاطر.
لا شك أن النسيج الاجتماعي المبني على التعددية في الولاءات يفتقد إلى المتانة والتعاون والترابط بين أبنائه، ويلاحظ ذلك مع الأسف، في ظروفنا الحالية المتهالكة حيث جلد الذات والاحباطات وتراكم المشكلات، والخروج عن الأخلاق وتربص الأطراف بعضها لبعض في أجواء مشحونة بالفساد والخوف من المجهول في مقبل الأيام. لقد أصبحت النزاعات الحالية بين الطوائف والكتل ظاهرة لم تعد الدولة قادرة على وقفها، فهي آخذة في التصاعد يوما بعد يوم، وقد تصل مرحلة، لا سمح الله، يستعصي تدارك أموره لكثرة أضراره ومخاطره.
لا نريد أن نخسر الوطن كما خسرناه في الثاني من أغسطس عام 1990 عندما استغل صدام وزمرته خلافات القوى السياسية آنذاك مدعيا أنها خلافات تستدعي التدخل لمساندة الشعب الكويتي ضد الشرعية، فكان لتداعيات احتلاله للبلاد آثار رهيبة مازلنا نعانيها، ولا تُمحى من أذهاننا أبداً، فلقد أصبح الاحتلال جزءا من تاريخنا ندرسه لأطفالنا، ومن سوء الطالع أو الواقع المزري اننا نخلط بين الاختلاف والخلاف، وبين الثوابت والمتغيرات، وبين الولاءات للقبلية والطائفية وبين الولاء للوطن، وبين كسر القانون واحترامه، وبين التعقل والجنون. هذه التكتلات السياسية الحالية وربما غيرها في المستقبل تحتاج إلى تشريع إذا كنا لا نريد تبني النظام الحزبي لأن الناس تريد ضمانات لأمنها في الحاضر والمستقبل. فالممارسات الحالية مخالفة للقانون لأنها لا تصغي لصوت العقل ومقولات سمو أمير البلاد بأن الكويت هي الباقية والثابتة وهي دَيْن في رقاب الجميع يتحتم الحفاظ عليها لحاضرنا ولمستقبل أبنائنا. نتمنى مراجعة أوضاع هذه التكتلات بهدف معالجة سلبياتها وعلى نحو يخدم المصالح العليا للبلاد.


د. يعقوب أحمد الشراح
كاتب كويتي

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك