في رأي قانوني خص به ((الآن))
محليات وبرلماند. الوسمي: رفع الحصانة عن المسلم لعرضه 'الشيك' افتراض مخالف لنص دستوري
نوفمبر 28, 2010, 9:26 م 6014 مشاهدات 0
خص الدكتور عبيد الوسمي الخبير الدستوري واستاذ المرافعات في جامعة الكويت برأي قانوني حول طلب رفع الحصانة عن النائب الدكتور فيصل المسلم، والذي من المقرر أن يتم مناقشته خلال جلسة يوم الثلاثاء الموافق 30 / 11 / 2010م. وفيما يلي نص الرأي القانوني:
نود الإشارة أولاً إلى أن الحصانة البرلمانية هي شكل من أشكال الحماية التي تسبغها الأمة على ممثليها وباعتبار وظيفتهم في الرقابة والتشريع وظيفة أساسية من وظائف الدولة يتولاها النواب باسم ولحساب الشعب. فالحصانة ليست امتيازا أو حقا شخصيا للنائب بل هي ضمانه أساسية للوظيفة لا يملك حتى النائب نفسه أن يتنازل عنها أو يعدل من نطاقها، ولذلك فإن نطاق مسئولية النائب القانونية تخضع في قيامها وأيا كانت صورتها سواء كانت مسئولية جنائية أو مدنية أو سياسية لنظام المسئولية القانوني المرتبط بها وفي حدود الأطر الدستورية المعتبرة باعتبار أحكام الدستور هي القانون الأساسي الذي تقاس على أحكامه معايير الشرعية والمشروعية، لذا فان النص على اعتبار'عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها ولا سلطان لأي هيئة عليه في عمله بالمجلس أو لجانه' وكذلك النص على حرية النائب فيما يبديه من الأفكار والآراء بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك (بحال من الأحوال) وهو ما يعني عدم إمكانية مؤاخذته مطلقا مهما بلغت درجة خروج النائب عن الحدود المعتبرة للنقد سواء كان الخروج قانونيا أو اجتماعيا.
إن أهمية الموضوع تقتضي التفرقة بين صور النشاطات التي يقوم بها النائب بصفته نائبا وبصفته فردا من أفراد الهيئة الاجتماعية، فأعماله في الطائفة الأولى المتصلة بصفته البرلمانية في حدود أغراض هذه الوظيفة النيابية في شقيها الرقابي والتشريعي فتخضع لحصانات مطلقة، ومما يعني أن الجزاء الوحيد الذي يطبق على النائب عن هذه الأعمال هو جزاء سياسي مرسل يتمثل في رقابة ونقد الرأي العام وخاتمة هذا الجزاء هو وضع هذه الأعمال في الاعتبار عند إعادة ترشيحه للوظيفة البرلمانية أو سواها من الهيئات النيابية، أما الأعمال والأقوال منبتة الصلة بهذه الوظيفة فيخضع فيها النائب لما يخضع له سائر الأفراد من قواعد المسئولية، إلا أن الفارق الوحيد هو اختلاف نمط إجراءات التحقيق متى ما كان متمتعاً بهذه الصفة، فلا يجوز التحقيق معه أو القبض عليه قبل الحصول على اذن السلطة التشريعية وهو ما يستلزم التفرقة بوضوح بين طلب رفع الحصانة عن النائب بسبب متعلق بوظيفة أو لفعل غير متصل بهذه الوظيفة, ففي الحالة الأولى لا يجوز مطلقا التسليم بصحة الطلب ابتداء ذلك أن فعل النائب لا يمكن أن يكون محلا للمؤاخذة أعمالا لصريح النص الدستوري والتفسيرات المنطقية لنظم الحصانة وأغراضها، مما يعني أن الطلب المقدم لرفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم على سند من عرضه لورقة الشيك المتعلقة بتعامل بين رئيس الوزراء وأحد النواب هو افتراض مخالف لنص دستوري، إذ لا يمكن مؤاخذة النائب عن هذا الفعل.
فأولاً نود الإشارة إلى أن النائب قد يؤاخذ قانونا لو لم يقم بفضح هذا التعامل سيما وأن هناك من النصوص والمبادئ ما تحظر هذا العمل ابتداء وبصرف النظر عن أغراضه، كما أن عرض ورقة الشيك حتى بفرض تشكيله لواقعة مادية مجرمة (وهو ما لا نسلم به حتى من الناحية الافتراضية) فهو يدخل في نطاق وظيفته الرقابية التي يتمتع بها النائب بحصانات موضوعية مطلقة absolute immunity تمنع من مؤاخذته عن هذا الفعل قانونيا سواء في ناحيتها الجزائية أو حتى المدنية لأن الفعل المنسوب للنائب لا يدخل أصلا في نطاق الأعمال التي تصلح محلاً للبحث القضائي.
لذلك فإن رفع الحصانة عن النائب للأسباب المشار إليها يعتبر خروجاً على أحكام القانون وتفسيرا للقواعد في غير محل التفسير وإنكارا لما هو مستقر من المبادئ العامة للقانون التي لا يجوز الخروج عليها عند تفسير أي نص من نصوص القانون وفي حدود قواعد التفسير الذي ترتبط بمضمون النص محل التفسير.
فمن ناحية فأن عمل النيابة العامة في مباشرة التحقيق يقتضي مفترضا أوليا وهو صحة التكييف وبمعنى أن يكون الفعل بذاته يشكل جريمة وأن يكون التحقيق داخلاً في اختصاصها طبقا للقانون، لذا فإن العمل على هذا النحو لا يشكل جريمة بالمعنى الجزائي لها في حق النائب. كما انه ومن ناحية أخرى فإن النيابة وقد وقع تحت يدها ما يجيز لها مباشرة التحقيق في قضية أخرى وهي شبهة جريمة الرشوة التي لا يستلزم القانون لمباشرة التحقيق بشأنها و جود شكوى, لذا فقد كانت يقتضي من النيابة العامة استدعاء رئيس الوزراء والنائب السابق المشار إليه في ورقة الشيك للتحقيق في شبهة يعتبر مجرد إثارتها موجبا للتحقيق فيها,.
لذلك فإن يلزم من مجلس الأمة اعتبار الطلب المقدم لرفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم طلبا غير مشروع مما يقتضي الالتفات عنه دون مناقشة موضوعه .
د.عبيد محمد الوسمي
تعليقات