يشرح بن طفلة أسباب 'الولاء والتبعية' منذ الستينات الماضية
زاوية الكتابكتب نوفمبر 27, 2010, 10:57 ص 842 مشاهدات 0
ولاء، عمالة، تبعية... إلخ!
سعد بن طفلة العجمي
شاعت في أوائل الثمانينيات طرفة سياسية عن طلبة من أبناء اليمن الجنوبي الاشتراكي حينها. كانوا سبعة يدرسون في بيونج يانج -عاصمة كوريا الشمالية في عهد الديكتاتور الكوري الراحل كيم إيل سونج (توفي 1994). وكيم إيل سونج هذا كان طاغية من طراز فريد، وعاشق للألقاب عشق تغلب فيه حتى على هتلر وصدام حسين نفسه: فهو الأب الحاكم والقائد والمربي والقائد العزيز والقائد الرحيم والرجل السماوي وظلال الشعب وشمسه المشرقة ومحبوب الأربعين مليوناً وهكذا. والشاهد أنه بمناسبة الاحتفالية السنوية للثورة، أرسلت له كافة المنظمات والطلائع والأحزاب الثورية واليسارية في العالم كله بما في ذلك عالمنا العربي العنيد (بالنون)، أرسلوا له جميعاً رسائل التهنئة والمباركة والتأييد لخطه 'الثوري'، وكان من بين من أرسلوا له تلك الرسائل الاتحادات الطلابية طبعاً، ومن بينهم الطلبة اليمنيون السبعة الذين كتبوا له: إلى القائد العظيم، حبيب الأربعين مليوناً وسبعة يمنيين!
تذكرت هذه الطرفة وسردتها أثناء حوار مع مجموعة من الأصدقاء حول العمالة والتبعية والولاء والمفاهيم المرتبطة بها، وكان مثار ذلك الحديث عن السيد حسن نصرالله وإعلانه الولاء لإيران ونموذجها وانتشار فيديو على اليوتيوب لخطبة لنصرالله عام 1979 يبين فيها أن المنشود للبنان هو تحويله للنموذج الإيراني وتبعية لبنان له.
كان الشيوعيون العرب -وبالذات في العراق والسودان حيث تواجد أقدم وأقوى الأحزاب الشيوعية العربية- يدينون بالولاء والتبعية الثورية للاتحاد السوفييتي، وبعضهم انشق وعادى الاتحاد السوفييتي و'بَسْمل باسم ماو تسي تونج'، وحجتهم في ذلك أن الصين -على عكس الاتحاد السوفييتي- لم تعترف بدولة إسرائيل، وبقيت الصين كذلك حتى عام 1992-أي بعد أن اعترف العرب بها.
سرت نوادر تعكس تبعية وولاء الشيوعيين العراقيين والسودانيين للاتحاد السوفييتي البائد مفادها أنها لو أمطرت بموسكو، لحمل أهل الجنوب العراقي المظلات الواقية، وفي السودان قيل إن أهل أم درمان يحملون المظلات حين تمطر بموسكو، كناية عن 'ولاء وتبيعة وعمالة' عمياء لتلك الأحزاب للخارج غير العربي.
وراح القومجيون والثورجيون يبررون لصدام حسين كل جرائمه، ويعلنونه قائداً عربيّاً ينضوون تحت رايته لأنه أعلن أنه سيحرق 'نصف إسرائيل' ولأنه قصفها بصواريخ 'سكود' دون إحداث خسائر في الأرواح أو المعدات. وجاءت التبعية العمياء تلك على رغم أن صدام حارب إيران وغزا الكويت وعزّر بشبعه وحفر لهم المقابر الجماعية وجلب لهم المصائب والاحتلال. لكن الولاء له والحب بقي حتى بعد شنقه على يد شعبه واعتباره شهيد العروبة والمجد على رغم أنه قبض عليه وحيداً في جحر تحت الأرض قبل أن يحاكم ويعدم على جرائمه.
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ونهاية الناصرية، وفشل البعث في بعث الأمة، استوى الدين السياسي على عرش 'الولاء والتبعية والعمالة'، فملايين من شباب العرب السُّنة يرون في بن لادن بطلاً مخلّصاً، ويسمونه 'الشيخ بن لادن' ويعتبرونه قائداً للجهاد لمحاربة الصليبيين واليهود -بما في ذلك إسرائيل!!
وملايين من شباب العرب الشيعة وغيرهم يرون آخر قائداً فريداً لا يعترف بإسرائيل ويطالب بمحوها من خريطة العالم. على رغم أنه لا يحادد إسرائيل ولم يطلق عليها رصاصة.
إذن حسن نصر الله مثله مثل كل الملايين المتعاقبة التي هتفت للاتحاد السوفييتي، وتغنت بثورة الفلاحين بالصين، ورأت في شخص كصدام حسين بطلاً قوميّاً محرراً لفلسطين!! الفوارق هنا شكلية وليست جوهرية: ديكتاتورية البروليتاريا ضد البرجوازية والإمبريالية، العرب والقومية العربية في مواجهة الصهيونية والاستعمار، والإسلام في مواجهة الصليبية والشيطان الأكبر وإسرائيل المسخ...
تبدو الصورة واضحة جلية، أليس كذلك؟
تعليقات