ناصحا كل كاتب ان يتقي الله فيما يكتبه لاسيما في جانب الصحابة.. د.فهد العازب يعتبر مقالة علي المتروك عن الوسطية تفتقر إلى وسطية الطرح
زاوية الكتابكتب نوفمبر 26, 2010, 11:49 م 948 مشاهدات 0
الوسطية
كتب د. فهد عامر العازب
قرأت مقالا للاستاذ علي يوسف المتروك من عدة ايام يتحدث عن مقالاته والتي تتسم بالوسطية والحيادية، وبيّن اننا احوج في هذه الاوقات للوسطية والاعتدال، ثم بدأت في قراءته حتى وصلت الى قريب النهاية، فوجدت في المقال خلاف ما وصف بالوسطية والحيادية، فآخره يهدم اوله، فلم اجد في ثنايا المقال شيئاً مما ذكر ووصف بالوسطية والحيادية، وليأذن لي الاستاذ علي المتروك والقراء الكرام ان ابين لهم ان المقال لم ينتهج الوسطية في الطرح، وقبل بيان ذلك لابد ان اوضح امرين احدهما: انني في حقيقة الامر لا احبذ ابتداء الكتابة في هذه المواضيع الا أن أجد شيئا فيه مجافاة للحقيقة وارض الواقع، فلابد حينئذ من البيان.
ثانيهما: ان لفظ الوسطية مأخوذ من الوسط وهو التوسط بين الامرين فلا يكون الانسان فيه غالياً ولا جافياً، فالوسط هو الاعتدال في كل شيء، وهذا يشمل السلوك والاعتقاد والقول، فمن الخطأ الكبير اطلاق لفظ الوسطية على التطبيق في فرد من افرادها، وعليه فمفهوم الوسطية يكون عاما في الاعتقاد والقول والفعل او السلوك.
وبعد هذا التعريف سأبين هل كانت في ذلك المقال او غيره الوسطية والاعتدال أم لا؟ والجواب على هذا السؤال يتضح في عدة امور:
أولا: حرص الكاتب على اظهار الصحابي الجليل (معاوية بن ابي سفيان) انه يحرض الناس على سب (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه وعدم ذكر فضائله، فقد جاء في مقال (عبدالملك والحجاج والي العراقيين) يوم الاثنين الماضي 2010/11/22م (فقد اعتمد –أي معاوية– في العهد الجديد مبدأ سب علي واهل بيته على منابر المسلمين) وقال ايضا وقبل سنتين في مقال بعنوان (فلتكن الحقيقة رائدنا) بتاريخ 2008/2/10م (وقد استن معاوية سنة لم يسبق احد اليها وهي لعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل بيته بعد كل صلاة على منابر المسلمين على مدى سبعين سنة)!! ا.هـ، فهل ذكر هذه الامور على فرضية صحتها من الوسطية والاعتدال؟!!
ثانيا: جل استدلالات الكاتب لهذه المسائل من كتب التاريخ، وهذه الكتب لا يعتمد على أحد منها، لأن اكثرها غير مسندة الا القليل، والقليل منها لم يشترط مؤلفوها الصحة والحكم على روايتها، فغثها اكثر من سمينها، ويؤيد هذا مقالة الطبري في مقدمة تاريخه (فما يكن في كتابي هذا يستنكره قارئه او يشنعه، من اجل انه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم انه لم يؤت ذلك من قبلنا، وانما أتى من قبل بعض ناقليه الينا، وانما ادينا ذلك على نحو ما ادي الينا)ا.هـ.
فهل الاستدلال بمصادر لم يشترط مؤلفوها الصحة، ومن ثم بناء المسائل والاعتقاد بها من منهج الوسطية والحيادية؟!
ثالثا: لم يُعرف بنقل صحيح صريح ان معاوية رضي الله عنه تعرض لعلي رضي الله عنه بسب او شتم اثناء حربه له في حياته وبعد حربه ووفاته.
رابعا: هناك نصوص من كتب السنة والشيعة تدل دلال واضحة على تبادل الثناء بين الآل والاصحاب، فمن هذه الكتب مسند الامام احمد فقد روى بسند صحيح (رقم 16894) عن معاوية رضي الله عنه قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه او قال شفتيه – يعني الحسن بن علي – رضي الله عنهما، وانه لن يُعذب لسان او شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم) ونقل المجلسي في بحار الانوار 14/41 وامالي الصدوق 624 (عن الاصبغ بن نباته، قال ضرار: رحم الله عليا، وكان والله فينا كأحدنا يدنينا اذا اتيناه ويجيبنا اذا سألناه ويقربنا اذا زرناه لا نكلمه لهيبته، لا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم فمثل اللؤلؤ المنظوم.
فقال معاوية: زدني في صفته، فقال ضرار: رحم الله عليا كان، والله طويل السهاد قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل واطراف النهار.
فبكى معاوية، وقال: حسبك يا ضرار! كذلك والله كان علياً، رحم الله ابا الحسن)ا.هـ فأين المقال من تلك النصوص من مصادر السنة والشيعة في ذكر الثناء المتبادل بين الآل والاصحاب، وهذا والله هو منهج الوسطية والحيادية الحقيقية والتي تتلاءم مع النصوص العامة والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو ان احدكم انفق مثل جبل احد ذهبا ما ادرك مدّ احدهم ولا نصيفه) رواه البخاري ومسلم.
خامسا: ما الفائدة والثمرة المرجوة في طرح تلك المسائل والديدنة حولها وهي ليست مبينة على ادلة صحيحة، اقول: هل طرح تلك المسائل من منهج الوسطية والاعتدال؟
ينبغي لكل كاتب ان يتقي الله فيما يكتبه لاسيما في جانب الصحابة، وعدم اثارة مسائل ليست لها ادلة صحيحة، فتعود نتائجها سلبا على الفرد والمجتمع وتولد نفسا طائفيا بين افراد المجتمع فنحن عنه اغنياء، فنسأل الله ان يحفظ الكويت واهلها من كل مكروه.
د. فهد عامر العازب
تعليقات