ولادة الدستور.. تاريخ ومستقبل

زاوية الكتاب

كتب 1989 مشاهدات 0


لم تكن ولادة دستور دولة الكويت الحالي الصادر في عام 1962، يسيرة وسهلة بل كانت عبر مخاض طويل تعثرت فيه محاولات تطوير الممارسة السياسية وشكل النظام حتى استقر على شكله الحالي، بل حتى بعد إصدار الدستور الحالي مسه محاولات عدة للانقلاب عليه تارة وتارة اخرى لتغييره تحت حجة انه لم يعد يصلح لواقع المجتمع وتطلعاته.
 
ان شكل الحياة في منتصف القرن الثامن عشر على ضفاف الخليج وتحديدا في المساحة الواقعة ما بين ولاية البصرة العثمانية وبلاد فارس شرقا ومشيخات غرب الخليج جنوبا والعمق الصحراوي المتمثل فيما يعرف حاليا بالسعودية، كانت معظم شعوب المنطقة تعيش على الفطرة، وسياسيا لم تعرف اشكالا متنوعة من الحكم سوى النظام القبلي او الملكي الوراثي، حتى ان الغزوات والهجرات لم تضمن استقرار شكل الأنظمة الا في ظل الاستقرار الامني والاقتصادي.
 
ان ولادة دستور دولة الكويت عام 1962 جاء كمحطة من محطات تاريخ الكويت السياسي، وانطلق مع اعتماد الشورى كنظام للحكم يشترك فيها الشعب او اعيانه مع الشيخ او الحاكم، لكن تطور الحياة وتعقدها وتفاعل هذا المجتمع الصغير مع متغيرات الحياة في البلدان المجاورة، ومن جانب اخر تفاوت درجة التزام حكام الكويت في الاخذ بالشورى  في حكمهم وقسوة الحياة الاقتصادية، دفع ذلك بتقديم وثيقة عام 1921 التي اعتبرت مطالبة شعبية بضرورة مشاركة الشعب في الحكم، فعهد حاكم الكويت الراحل أحمد الجابر الصباح كان فرصة تاريخية لأخذ خطوة اكثر التزاما لتعزيز مفهوم المشاركة السياسية في الحكم، من خلال انشاء مجلس الشورى، الا ان هذه التجربة لم يكتب لها النجاح في الاستمرارية ليس لعدم جدية من طالب بها بقدر ما كان التغيير حدث دون اخذ اي خطوات وضمانات لنجاح التجربة.
 
ان اكتشاف النفط وتراجع واردات تجارة اللؤلؤ وقرع طبول الحرب العالمية الثانية، واتساع مدارك نخبة من المواطنين بضرورة مسايرة بعض النماذج السياسية في الحكم، اعاد فكرة تبني الحركة الوطنية لقرار المشاركة في الحكم، الا ان هذه المرة كانت المطالبة وواقع التجربة عام 1938 تمثلت بسحب العديد من صلاحيات حاكم الكويت حتى بالامكان اعتبار النظام البرلماني هو الاقرب لما كان يمكن ان تستمر عليه الحياة السياسية في الكويت لولا احداث مجلس 1938.
 
وفي تصوري ان قرب الشيخ عبدالله السالم الصباح من تجربة المجلس التشريعي 1938 وجدية الحركة الوطنية آنذاك في طرحها مهد لوجود أرضية مناسبة لتحول الكويت على مدى سنوات لدولة مؤسسات بدأت تعمل لتوفير العديد من الخدمات مثل الصحة والتعليم والأمن وغيرها، كان بعض منها عاش تجربة انتخاب اعضاء تلك المؤسسات مثل جلس المعارف والبلدية وبعض منها سار على طريق التعيين سواء كان من أبناء الاسرة الحاكمة او اختيار بعض الشخصيات البارزة.
 
يتبع....

كتب: بدر بن غيث

تعليقات

اكتب تعليقك