درس من الشيخ عبدالله السالم ما أحوجنا إلى تكراره هذه الأيام، يسجله فيصل الزامل فى ختام مقالته
زاوية الكتابكتب أكتوبر 31, 2010, 12:02 ص 715 مشاهدات 0
درس من الشيخ عبدالله السالم، هل يتكرر؟
الأحد 31 أكتوبر 2010 - الأنباء
يقول الخبر: «الكويت السادسة خليجيا في ترتيب مؤشر الفساد». ترى، ما السبب ونحن لدينا مؤسسات رقابية رسمية وإعلامية يفوق عددها ما لدى دول الخليج مجتمعة؟ للإجابة استمع الى هذه القصة التي ذكرها لي شاب رجع من رحلة لمدة خمسة أيام في تركيا مع زوجته: «استأجرت سيارة مع سائق واستمتعنا بالإجازة، قال لي السائق «عندي محل يحتاج الى تجديد الرخصة كل ثلاث سنوات، وفي كل مرة أضطر إلى دفع رشوة للموظف المختص حتى يوافق على إصدار الرخصة وإلا فإنه سيبحث عن أي سبب لعرقلتي، هذه المرة لم يطلب مني رشوة، سألته لأتأكد فهز رأسه بالنفي قائلا بصمت «الأمور تغيرت فوق».. يقصد مجيء حكومة برئاسة رجب طيب اردوغان»... للمزيد من التوضيح، وجه أحد الصحافيين سؤالا لأردوغان في مؤتمر صحافي عن السر في التقدم الاقتصادي الذي تشهده تركيا رغم الأزمة العالمية فأشار الى جيبه العلوي قائلا: «لأن هذا فارغ، ولو امتلأ لما تحقق الذي تراه» انتهى.
في الكويت يتحدث الجميع عن تقنين الفساد بمشاريع قوانين تصدر في النهار وليس بالليل لتعيين الأقارب الأعزاء والقريبين المخلصين، استملاك الأراضي وترقيات جائرة.. وغير ذلك من تعديات بمئات الملايين من أجل شراء الأصوات باستخدام الخزينة العامة، ثم من المعروف أن سارق الليل يخاف أن يكتشفه أحد، بينما سارق النهار عندنا مجاهر، وإذا كان الأول يرتعد خوفا اذا انتبه أحد من سكان المنزل أو المنطقة السكنية فإن سارق النهار- عندنا - يصرخ بأعلى صوته ليخيف رجال الشرطة والمواطنين، بل والدولة بأسرها فتخضع له وتراضيه (...) فكيف لا نكون في ذيل قائمة دول الخليج في مؤشر الفساد؟
قال لي أحد المسؤولين عن شركة كبيرة: «أثناء اختياري للموظف الجديد أتنازل عن شروط كثيرة حتى أظفر بأهم شرط وهو نظافة اليد، الباقي يمكن تعويضه ولكن هذا الأمر يدمر كل ميزات الموظف، ومن ورائه تدمر الشركة كلها».
لقد تأملت في تجربة صديق مصري هاجر الى ألمانيا وقرر أن يعمل على ترجمة القرآن الكريم الى اللغة الألمانية رغم أنه بالكاد يفهم تلك اللغة، عمل لمدة 13 سنة وأنجز مشروعه ثم نقله إلى اللغات الروسية والإسبانية والبوسنية، وسبب نجاحه هو إدارته لفرق متخصصة، فريق من جامعة ميونخ يضم متخصصين في اللغة الألمانية والدراسات الشرقية، يقابله فريق آخر في مصر تم تشكيله داخل الأزهر الشريف ويضم متخصصين في دراسات القرآن الكريم واللغة الألمانية، وكلما أنجز الفريق جزءا من القرآن الكريم في ميونخ أرسله الأخ عبد الحليم خفاجي الى مصر، حتى تم استكمال الترجمة في 13 سنة من العمل المكثف والمركز.
إنه أسلوب «الإدارة الفريق وعبر أصحاب الاختصاص» وهو أكثر إنتاجية من أسلوب «سوبرمان» الذي يظن أنه يعرف ويفهم في كل شيء، ويعطل قوى التفكير لدى العاملين معه، فيتسلل الى نفسه الغرور، ثم بسبب انفراده بالمعلومات يصاب ببكتيريا الفساد فيدخل الى ممارسات يضع لها تبريرات متنوعة لا يجمعها سوى وصف واحد هو «فساد الذمة».
كلمة أخيرة:
سمع الشيخ عبدالله السالم بإضراب عمال شركة النفط بالأحمدي في عام 1957 فطلب من السيد عبدالعزيز ثنيان الغانم أن يذهب لمعرفة حقيقة الأمر، رجع إليه حاملا المعلومات المطلوبة، ومنها أن المقاول ينتقص من رواتب العمال ولا يوفر لهم مساكن أكثر من خيم متآكلة وطعام فاسد، ويشيع في الأحمدي أنه شريك للشيخ عبدالله السالم، استدعاه الشيخ في اليوم التالي وقال له «أنا إذا أردت أن أسرق أحتاج لك حتى تغطي علي؟ لقد أمرنا بإلغاء جميع العقود معك، ومنعت التعامل معك في سائر دوائر الحكومة» ثم طرده من مكتبه.
تعليقات