مطالبا بمراقبة أداء النيابة وجهات التحقيق
زاوية الكتابالجاسم: محكمة التمييز أوجعت نهج الملاحقة السياسية وفتحت بابا لإصلاح النظام الجزائي الإجرائي
كتب أكتوبر 27, 2010, 7:43 ص 2710 مشاهدات 0
بيني وبينك مصلحة الكويت!
حكم رائع ذلك الذي أصدرته دائرة التمييز في محكمة الاستئناف اليوم الاثنين 25 أكتوبر في القضية التي أقامها الشيخ ناصر المحمد ضد الأخ خالد الفضالة.. إن روعة الحكم لا تتجلى فقط في كونه 'ضربة موجعة' أخرى لمنهج الملاحقة السياسية بذرائع قانونية متهالكة متهاوية الذي دشنه الشيخ ناصر المحمد.. بل تتجلى روعة الحكم في ما يمكن اعتباره مدخلا مهما لإصلاح النظام الجزائي الإجرائي.. بل وإصلاح بعض الإجراءات المخالفة للقانون التي جرى 'عرف' النيابة العامة على اتباعها لسنوات وعقود.. ولعل صدور هذا الحكم، وقبله الأحكام التي صدرت في القضايا المرفوعة ضدي والتي خسرها الشيخ ناصر المحمد، يكون المناسبة الموضوعية التي تقنع الشيخ ناصر بفكرة سحب قضاياه المتبقية ضد من انتقده. أقول هذا وأنا على يقين أن بعض المحيطين بالشيخ ناصر المحمد ربما أقنعوه اليوم بأنه لم يخسر قضاياه، وأن الأمور تسير على ما يحب ويشتهي!
حكم دائرة التمييز الذي صدر اليوم أرسى مبدأ مهما وهو يستكمل مبدأ سبق أن أرسته المحكمة ذاتها في قضية سابقة.. المبدأ الجديد باختصار هو بطلان التفويض الصادر من وزير الداخلية إلى النيابة العامة بالادعاء في قضايا الجنح العادية. ولقد جرت 'العادة' أن تطلب النيابة من الوزير تفويضها بالادعاء في بعض الجنح ذات الطابع السياسي فيستجيب الوزير مخالفا بتلك الاستجابة نص المادة (9) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية. أما المبدأ الثاني الذي كرسته المحكمة فهو عدم جواز حضور النيابة العامة جلسات المحاكمة في الجنح العادية حتى لو كان لديها تفويض من وزير الداخلية. وقد قررت المحكمة اليوم بطلان حكم حبس الأخ خالد الفضالة وأمرت بإعادة محاكمته.. وبالطبع فإن المحاكمة الجديدة للأخ خالد الفضالة لن تسفر عن حبسه مجددا وذلك لأسباب قانونية لا مجال لذكرها هنا ولكن أكتفي بإيضاح أن القانون يمنع أن يتضرر المتهم من الطعن الذي يقدمه على الأحكام، ولأن إعادة المحاكمة سوف تتم بناء على قرار دائرة التمييز في الطعن الذي قدمه الأخ خالد الفضالة، فإنه لا يجوز أن تنتهي المحاكمة الجديدة على نحو يلحق به الضرر. كما أن القانون يمنع محاكمة الشخص مرتين عن الفعل ذاته، وقد تمت محاكمة الأخ خالد وانتهت بصدور حكم التمييز ببطلان حكم الحبس.
وبالطبع فإن المبادئ التي قررتها المحكمة اليوم تسري على كافة القضايا المشابهة، ومنها ما تبقى من قضايا الشيخ ناصر المحمد ضدي شخصيا. لذلك أقول بكل ثقة أن ما تبقى من قضايا الشيخ ناصر المحمد ضدي انتهى مبكرا بصدور حكم التمييز اليوم، فأي حكم بحبسي في قضاياه مآله الإلغاء من قبل دائرة التمييز.. ولا أظن أن طموح الشيخ ناصر اليوم الحصول على حكم ضدي أو ضد خالد الفضالة بالغرامة التي لن تزيد على 100 دينار وتعويض 5000 دينار! من هنا يا شيخ ناصر أجدد الدعوة لك بكل صدق وتجرد بأن تبادر إلى التنازل عما تبقى من قضايا.. ليس لأنك تخسرها تباعا الواحدة تلو الأخرى، وليس لأن الخسارة المتلاحقة وضعتك في موقف حرج على المستويين المحلي والدولي، بل لإعادة الأمور إلى نصابها والتخلي عن منهج الملاحقات السياسية االذي أضر بمكانتك حقا وبسمعة الأسرة الحاكمة والكويت.. أقولها بوضوح.. لا حبس يسكتنا ولا مخافر ترهبنا ولا نيابة تمنعنا من مراقبة سياساتك وانتقادها علنا.. لقد كان هدف من نصحك بملاحقة خصومك هو إسكاتنا.. وأنت ببساطة لم تحقق هدفك، بل أنك خسرت أكثر وأكثر.. لقد مضى عام على بداية منهج الملاحقات السياسية فماذا استفدت يا شيخ؟ أتدري.. ربما استفدت بعض الشيء، فأولادي يشعرون بالقلق فعلا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك لأنك حرمتهم من البقاء قربي في تلك المناسبة العام الماضي حين تسببت في حبسي، وهم يخشون أن يتم حبسي خلال عطلة العيد القادمة رغم أن قضاياك مؤجلة إلى ما بعد العيد!
يا شيخ ناصر.. أنا أعلم يقينا أنك أرقى بكثير مما ينسب إليك من بعض أعوانك، فلا تدعهم يسيئون إليك ويستخدمون اسمك لتصفية حساباتهم الشخصية.. أنت أرقى مما يدور حولك، وها أنا، وبعد خسارتك لقضيتين من أربع قضايا رفعتها ضدي، وبعد حكم التمييز اليوم الذي يخدمني إلى أبعد حد في القضايا الأخرى، ومع استعدادي التام لمواجهتك في المحاكم، وعلى الرغم من تسببك في حبسي.. أقول لك بصدق أنا لا أحمل ضغينة تجاهك، وليس لي معك خصومة شخصيةوعلى استعداد للقاء بك وبيان موقفي.. أقول هذا وأنبهك في الوقت نفسه إلى أنني لست في وراد عقد صفقة سياسية ولا كسب رضاك، فأنت تعرفني جيدا، ولا أنا بخائف من حبس ولا يهمني منعي من السفر.. وسوف أواصل انتقاد سياساتك الخاطئة حتى لو جلست معك، فبيني وبينك مصلحة الكويت ولا شيء آخر.. لكنني وأمام الرأي العام ولتبديد أي لبس أتقدم بخطوة إلى الأمام.
يا شيخ ناصر.. لقد بلغ الحال بأعوانك إلى التظاهر بالتفاخر في تقبلك خسارة قضاياك! ألم يكن من الأجدى والأنفع لو أنك تفاخرت حقا بتحملك النقد وبتمسكك بحرية التعبير عوضا عن ذلك التفاخر الزائف من أعوانك والذي يكشف حجم الألم من خسارة القضايا؟! حتى قضية أمن الدولة ضدي التي كنت أنت من أشد المتحمسين لها يا شيخ فإن مآلها البراءة بإذن الله تعالى.. نعم فهذه القضية هي في حقيقتها محاكمة لمقالاتي التي نشرت في هذا الموقع وفي بعض كتبي.. وأمامي الآن مذكرة رسمية من وزارة الداخلية مؤرخة 7/3/2010 تقول فيها أن النشر الإلكتروني لا يخضع لقانون الجزاء وإنما يخضع لقانون المطبوعات.. وأمامي أيضا مذكرة رسمية أعدتها النيابة العامة موقعة من المحامي العام الأول بتاريخ 8/4/2010، أي قبل حبسي في قضية أمن الدولة بنحو شهر، تقول فيها ما نصه: '.. لذا فإن النشر عن طريق الانترنت يحتاج أيضا إلى قانون خاص لتجريم النشر المحظور الذي يتم عن طريقه..'، أي أن الأجهزة القانونية المختصة في الدولة (نيابة وتحقيقات) تعترف أن قانون الجزاء لا ينطبق على النشر الإلكتروني، فبأي منطق قانوني تتم محاكمتي في قضية أمن دولة؟! هل تظن، بعد هذه الاعترافات الصريحة من كل من النيابة العامة ووزارة الداخلية، أن قضية أمن الدولة قضية جدية؟! أي جدية في قضية لا يستطيع محركها، وهو ابن عمك الشيخ ناصر صباح الأحمد، الدفاع عن البلاغ الذي قدمه ضدى متحصنا بمنصبه وبانتماءه العائلي ويمتنع عن الإدلاء بأقواله أمام النيابة العامة وأمام المحكمة؟! أي جدية في قضية يقول فيها ضابط المباحث أن محمد الجاسم كان تحت المراقبة والرصد والمتابعة (قبل) صدور أمر النيابة بجمع التحريات عنه؟! وأي جدية في القضية وضابط المباحث يعترف أن تحرياته عني تم أخذها من إرشيف أمن الدولة؟!
باختصار.. أقول، وللمرة الثانية.. 'خلصونا' من الملاحقات السياسية فلا جدوى منها..
أعود إلى الحكم الرائع وأقول أن على جمعية المحامين، وبعد صدور هذا الحكم، أن تبادر فور انتهاء انتخاب أعضاء مجلس الإدارة الجديد، إلى تشكيل لجنة لمراقبة أداء النيابة العامة وجهات التحقيق وإصدار تقارير دورية عن المخالفات القانونية وذلك من أجل تصحيح مسار الإجراءات القانونية وحماية حقوق الأفراد.. ومبروك نجاحك يا خالد في إسقاط حكم الحبس
تعليقات