لا أحد يعمل «لأنه ماكو فايده» ولا أحد ينتج «لأن الدنيا فوضى»، ولا أحد يطبق القانون «لأن الأمور ماشيه جذيه»! .. د.خالد القحص منتقدا من يقتلون فينا الأمل

زاوية الكتاب

كتب 704 مشاهدات 0





كرسي في الكلوب!

 
كتب د.خالد القحص
 
2010/10/26    09:06 م

«كرسي في الكلوب» عبارة شعبية في اللهجة المصرية، وتستخدم للدلالة على وجود شخص يريد التخريب، وتحطيم الاضاءة والنور (الكلوب) لكي يفسد حفل الزفاف (الفرح)، ويختلط الحابل بالنابل، ومع الأيام أصبحت مثلاً شعبياً وتشير الى التخريب، أو الى انتهاء الموضوع بصورة مفاجئة.
هناك مؤامرة (أو مؤامرات) تدور على البلد تجعل الحليم حيران، وتمنعنا من التفاؤل بيوم جديد، وأصبحنا نفعل كما كنا صغاراً حين نمسك بالشمعة ونحاول عبثاً حمايتها، وتوفير الهواء لها، لكن يأتيك أحد الأشقياء من أصدقائك كي ينفخ عليها، فيطفئها، كأنما يزعجه هذا الضوء الخافت. فتبادر الى اشعال ضوء الشمعة من جديد، وتحرص هذه المرة على حمايتها جيداً، وتضع عينك على هذا الشقي الذي أطفأها، فيأتيك شقي آخر بجانبك ليطفئها، ظلمات بعضها فوق بعض.
عشاق الظلام ينشطون هذه الأيام لكي يكسروا كل الأنوار في البلد بحيث تنعدم الرؤية فيه، ويختلط الحابل بالنابل، فلا نعرف الصادق من الكاذب، ولا نميز بين من يحب الوطن وبين من يبيعه، ولا نفرق بين من يبني ومن يهدم.
يستدعون التاريخ (وهو يدينهم) لكي يفرقونا، ويتحكمون بالاعلام لكي يفتتوا وحدة هذا الوطن الجميل، فاستفزوا فينا العصبية والحمية والطائفية بكل سهولة. وبالمناسبة فتاريخ الكويت ليس مدوناً بالصورة الصحيحة أو الموثقة، ولا يعرفه الجيل الحالي بشكل دقيق، لذا أرى ان البعض يحاول اعادة كتابة تاريخ الكويت (لحاجة في نفسه)، فينتقي حوادث معينة، ويغفل عن حوادث أخرى، فتخرج لنا صورة جديدة أو مزيفة عما حصل فعلاً.
ليست الجريمة عندي فيما يحصل حالياً في الكويت في كثير من مناحي الحياة، ولكن الجريمة – كل الجريمة- هو في قتل التفاؤل في نفوسنا ونفوس أبنائنا، والمصيبة – كل المصيبة- في وأد الأمل بتراب هذا الوطن. أتناقش مع طلبتي حول دورهم في الحياة، وأهمية التفاؤل، وحول ضرورة العمل، فيجادلونني (وهم محقون) بالأدلة والحوادث، بأن الكويت يحصل فيها كذا وكذا، فلا أستطيع لكلامهم رداً، أو لمنطقهم صداً.
يستكثرون علينا ان نضحك.. أن نأمل.. أن نشعر بالرضى والقناعة! هذا ما يقلقني.. أن نشيع اليأس والقنوط والاحباط بين الناس، فلا أحد يعمل «لأنه ماكو فايده» ولا أحد ينتج «لأن الدنيا فوضى»، ولا أحد يطبق القانون «لأن الأمور ماشيه جذيه»! نقف في الطابور، فيزدرينا أشقياء الشمعة، ونتبع الاجراءات، فيتندر علينا أصحاب الكرسي في الكلوب، ونلتزم بالقانون، فيشمت بنا القانون نفسه.
تتسارع علينا الأحداث بطريقة عجيبة، حتى بتنا كما كنا نفعل صغاراً حين كنا ندور حول أنفسنا بصورة سريعة، ثم نحاول – بعد ذلك- ان نمشي بشكل مستقيم، فنتمايل ونترنح وسط ضحكاتنا البريئة والطفولية. أرى الحوادث جعلتنا نتمايل ونترنح، فلا نرى الطريق الصحيح، ولا نتلمس الجادة السليمة، كلما هدأنا قليلاً، جاءنا من يحركنا بسرعة حول أنفسنا، فنتمايل من جديد، ونعود للمربع الأول. يتحدثون عن التنمية، ولا تنمية، ويتغنون بالوحدة، ولا وحدة، ويزعجوننا بالقانون، وبأنه يطول الجميع، فلا نرى القانون الا أناخ مطاياه عند بابنا.
وان استطاع أشقياء الأمس اطفاء شمعتي الصغيرة في طفولتي، فلن يقدر أشقياء اليوم على تكرارها، ولن اسمح لهم بقتل الأمل في الصدور، أو بخنق التفاؤل في النفوس، أو بزرع اليأس في القلوب، أفسدتم حاضرنا، فلا تفسدوا مستقبلنا. المستقبل بيد الله سبحانه، والله يدعونا الى التفاؤل، والى غرس الفسيلة، ولا نقول «هلك الناس»، بل ندعو الى العمل، والى المضي قدماً في الطريق الصحيح، حتى وان كنا قلة، فالكثرة ليس بالضرورة علامة عافية، أو دليل صدق، بل ذمها القرآن في مواطن كثيرة، مثل قوله تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وقوله {وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}، والشمعة لا تزال في جيبي!.

د. خالد القحص
 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك