الوطن يستغيث بعد أن صار مستهدفا للاغتيال على مائدة الوطنية.. صرخة يطلقها د. المقاطع فى وجه من يستنزفون الوطن ويزعمون ملاحقة مثيري الفتنة والتنازع الداخلي
زاوية الكتابكتب أكتوبر 25, 2010, 1:11 ص 914 مشاهدات 0
الديوانية
صرخة وطن
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :
فوجئت قبل أيام بوقع طرقات مجنونة على باب بيتي، طرق مصحوب باستغاثة واستنجاد وصرخة ممزوجة بحالة من الخوف والإعياء الشديدين، وأصوات بكاء يتعالى بوتيرة متزايدة، فأيقنت حينها أن هناك من يستغيث من حالة من بدأ يلفظ أنفاس الحياة، فتملّكني شعور الفزعة باندفاع المروءة لإغاثة الملهوف، وجدت نفسي مسرعا أهرع من أجل تقديم النجدة، وكلما اقتربت من الباب وجدت الطرق يزداد ويتسارع، والصرخات تحولت إلى نحيب لم يتوقف، فإذا بالخوف والتردد يتملكانني خشية مما سأرى من الهول والمناظر، واذا بي أجد نفسي متجمدا في مكاني، أأكمل أم أتراجع؟ وهل أنا أدرك ما أنا مقدم عليه إن أكملت النجدة للمستغيث؟ فإذا بنوازع الإيمان والنخوة تمدني بالقوة، وتدفعني إلى التقدم ملبيا نداء الاستغاثة، ففتحت الباب وأنا أتذكر أن هذه الاستغاثة قد قصدتني في مرات سابقة، فراعني المنظر الذي رأيته، فمن يقف أمامي مسجى بجروح غائرة وقواه خائرة وحالته تدل على أنه على وشك مفارقة الحياة، ومع ذلك تعرفت على من يكون: إنه الوطن يستغيث بعد أن صار مستهدفا للاغتيال على مائدة الوطنية، فمن يتغنى بأنه يسعى الى ملاحقة مثيري الفتنة والتنازع الداخلي هو أول من يركب أمواجها، ويتفنن في إثارتها من بين السياسيين والأعضاء الذين أصبحوا يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما هم يُدينون، كما تبين لي أن هناك من ترك مقعده النيابي رهينة مقابل ما يجنيه من مال حتى يكون شاهد زور على صفقات استنزاف الوطن، ومدافعا عمن يطلب مناقصات وصفقات من دون وجه حق، ومنهم كثيرون.
كما أنني أقف أمام حقيقة مذهلة، أبطالها سياسيون ونواب، كل منهم سعى في تعيين أقربائه بعد أن نجح في الابتزاز والمساومة بمعزوفة وطنية تبين أن غايتها النهائية هي أن يظفر بأي مقال، فكان له ذلك، فتم تعيين رؤساء مجالس إدارات وأعضاء منتدبين وسفراء ومديرين وأعضاء مجالس متعددة، ممن لا يستحق أن يكون في مثل هذه المواقع، لكنه سلوك اغتيال الوطن والتآمر عليه، وفوجئنا بأن نوابا يتزعمون قوانين تضارب المصالح، ومن أين لك هذا، ويسوّقونها شعارات تنطلي على المواطنين، وإذا بهم يعرفون أن من بينهم 14 عضوا هم إما رؤساء أو أعضاء مجالس إدارات بالمخالفة لصريح نص المادة 121 من الدستور، ولا يُحرك ساكن في شأنهم، لأن الضحية هو الوطن، ولا يأبهون بأن يكون الإيذاء والدمار يحلان به، بل إنهم يتلذذون ويتندّرون ويضحكون من شدة استمتاعهم بهذا الموقف.
وأخيرا فهناك من يستغل السلطة والنفوذ والوطن ليكون أحد أبواق الإعلام، التي تشعل نار الفتنة التي كُوي بنارها الوطن وأبناؤه، وهم يقفون ضمن المتفرجين، ولسان حالهم يقول «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فلا يهمهم أن يُضحى بالوطن إن كانت مصالحهم ومغانمهم قد تحققت، اللهم إني بلغت.
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات