عماد بو خمسين يدعو أهل الاقتصاد والتجارة إلى الانخراط الصحيح في الحياة السياسية، حفاظا على الإرث التجاري للكويت ومواكبة للتطورات العالمية
زاوية الكتابكتب نوفمبر 8, 2007, 7:49 ص 572 مشاهدات 0
القصور في التمثيل النيابي أورث الكويت وضعاً يفتقر إلى التوازن
عماد بوخمسين
الناظر في أحوالنا اليوم يملكه العجب لما يجده من نقص في بنيان السلطة، ومن ابتعاد عن وضع الأسس التي تكفل للكويت القدرة على الاستمرار، ناهيك عن التفوق المنشود، بل إن العجب يزداد عندما نقارن بين أحوالنا بالأمس، يوم لم نكن نملك هذه الثروة النفطية وعائداتها الكبيرة وبين اليوم. العالم كله ينظر إلى تجربتنا الديموقراطية بالإعجاب ولكن هذه التجربة تعتريها النواقص، فمن يصدق أن الكويت وهي دولة التجارة والاقتصاد ليس فيها وزير للاقتصاد من أهل الاختصاص، وليس فيها وزير من أهل التجارة، إن مجلس الأمة يضم ممثلين عن جميع الشرائح السياسية والقبلية ولكن ليس فيه من أهل الاقتصاد والتجارة أحد. وهذا القصور في التمثيل الصحيح أورثنا وضعاً يفتقر إلى التوازن، فكانت النتيجة ضياعا في صفوف الشباب، وعجزا في أدوات الحكم، وتراجعا أمام المتغيرات التي استوعبها الآخرون وسبقونا في مضمارها مستفيدين من التشريعات التي وضعناها ولم نطبقها، ومن قوانين رسمناها ولم نلتزم بها.
إن أهل الاقتصاد والتجارة مدعوون إلى التشاور الجاد من أجل تغيير الواقع الانتخابي، والانخراط الصحيح في الحياة السياسية، لأن من واجبهم السعي إلى التغيير، لا حرصاًَ على مصالحهم ولكن حرصاً على وطنهم الذي يشهد انحساراً حقيقياً لفرص البقاء الأفضل. هذا التغيير الذي يجب أن يتوجه نحو بناء الدولة الاقتصادية المؤهلة لتكون سوقاً مالية دولية، وبؤرة حيوية للانتاج، فتصبح الكويت جاذبة لا طاردة للثروات وللاستثمار وللكفاءات الوطنية وللشركات الخلاقة. هذا التغيير الذي يستدعي تعديلاً جوهرياً في قوانين الشركات والوكالات، ويأخذ بالخصخصة دون عُقد ودون هدر الوقت في الجدل والمماحكة بين أطراف ليس بينها وبين الاقتصاد صلة.
الكويت، هذه الدانة المشرقة بالإشعاع وبالطاقات بدأت تشهد هجرة العقول وهجرة الكفاءات وهجرة الرساميل، فما الذي يفيدنا لو تعاظمت هذه الهجرة وبقيت الكويت مفرغة من طموحها ومن قدراتها؟ لقد أهلكتنا البيروقراطية والجدليات وبات لزاماً علينا كسر الطوق والدخول في عالم جديد من العمل يسهل الحصول على التراخيص وعلى الأراضي لتوظيف شبابنا في مشروعات مجدية، وعدم التردد في تطبيق نظام الـ «بي أو تي»الذي أثبت جدواه لدى الدول الشقيقة في الخليج والتي استطاعت تسخير كل الآليات لضمان الانتاج الأمثل. وعلينا اليوم وليس غداً محاربة الفساد وتطوير التشريعات ودراسة ما يحتاجه الجيل الجديد، هذا الجيل الذي عليه أن يلعب دوره باختيار نوابه القادرين على العطاء، والمؤهلين لسنّ قوانين جديدة من أبرزها قيام هيئة مستقلة للمرور، محررة من البيروقراطية، تتولى وضع الأسس لانقاذ فلذات أكبادنا من الدمار عبر حروب الشوارع المميتة، والتي أحدثت شرخاً في هيبة الدولة. إن الكثير مطلوب لتكون الكويت الدولة المتقدمة فمتى نبدأ في تحقيق هذا الحلم؟
يجب خلق البنية الصحية القادرة على جذب الناس للقطاع الخاص بدلاً من استمرار التركيز على الوظائف الحكومية، فهي ليست أكثر من ان «تترس البطن عيش ولحم لا أكثر»، فقد ابتعدت الوظائف كثيراً عن جانب مهم من مفهوم الوظيفة العامة التي تعمل الدول على تنمية المجتمع من خلالها فصارت هدفاً للمعيشة ولإسكات الخريجين وإرضاء ذويهم بدلاً من ان تكون لخدمة الوطن ومحركاً للتنمية وساحة للإبداع. لكن وبما ان ثروة الكويت انحصرت في الطاقة البشرية وهي أعز ما نملك والنفط وهو مصدر المال والرخاء، فإن لم ننمِّ الاثنين، وهما أقرب الى قول البارئ عز وجل (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، فالدولة أسرة كبيرة والمواطنون أبناؤها وهم ثروتها الوطنية زينة الحياة لنا جميعاً، فعلينا تأهيل وتعليم هذه الثروة وتنمية مصادر الرزق على أفضل نحو ممكن.
تعليقات